التي نصّ عليها القانون الأساسي عدد 53 المؤرخ في 24 ديسمبر 2013 المتعلق بالعدالة الانتقالية إذ نصّت الفقرة الأولى من الفصل 8 على أن «تحدث بأوامر دوائر قضائية متخصصة بالمحاكم الابتدائية المنتصبة بمقار محاكم الاستئناف تتكون من قضاة، يقع اختيارهم من بين من لم يشاركوا في محاكمات ذات صبغة سياسية، ويتم تكوينهم تكوينا خصوصيا في مجال العدالة الانتقالية»،هذه الدوائر ورغم صدور الأوامر المنظمة لها وتسمية قضاتها إلا أنها لم تنطلق بعد في أعمالها مما جعل لجنة شهداء الثورة وجرحاها صلب مجلس نواب الشعب تبحث في الموضوع مع الجهات المعنية حيث استمعت مؤخرا إلى المجلس الأعلى للقضاء وممثلي وزارة العدل في انتظار الاستماع إلى هيئة الحقيقة والكرامة.
بالنسبة إلى اختصاص الدوائر القضائية المتخصصة فقد تحدثت عنها الفقرة الثانية من الفصل 8 في القانون الأساسي للعدالة الانتقالية التي جاء فيها «تتعهد الدوائر المذكورة بالنظر في القضايا المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على معنى الاتفاقيات الدولية المصادق عليها وعلى معنى أحكام هذا القانون، ومن هذه الانتهاكات خاصة القتل العمد،الاغتصاب وأي شكل من أشكال العنف الجنسي،التعذيب، الاختفاء القسري،الإعدام دون توفر ضمانات المحاكمة العادلة.كما تتعهد هذه الدوائر بالنظر في الانتهاكات المتعلقة بتزوير الانتخابات وبالفساد المالي والاعتداء على المال العام والدفع إلى الهجرة الاضطرارية لأسباب سياسية المحالة عليها من الهيئة.
مهام جسيمة
مجلس القضاء العدلي وبصفته المكلف بالنظر في كل ما يتعلق بالمسار المهني للقضاة العدليين قام منذ ديسمبر 2017 بتسمية قضاة الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية وفي ذات السياق أكد وليد المالكي ممثل عن مجلس القضاء العدلي خلال سماعه بلجنة شهداء الثورة وجرحاها صلب مجلس نواب الشعب ، بأن القضاة المعينين،سيخضعون إلى دورة تدريبية ثانية خلال الشهر الحالي بعد أن كانوا قد استفادوا من دورة تدريبية أولى في شهر ديسمبر المنقضي، هذا وأكد المالكي أن الدوائر المذكورة ستكون جاهزة بداية من 20 فيفري الجاري. وبالتالي فالكرة الآن في ملعب هيئة الحقيقة والكرامة التي تتعهد بإحالة الملفات المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة على تلك الدوائر حتى تنطلق فعليا في أعمالها ،هنا صرّح عضو الهيئة محمد بن سالم أن هذه الأخيرة ستنطلق في تسليم الملفات بداية من الشهر المقبل، وفق الفصل الثامن من قانون العدالة الانتقالية فإن الدوائر الجنائية المتخصصة ستغرقها هيئة الحقيقة والكرامة بكمّ هائل من الملفات التي أقل ما يقال عنها أنها معقّدة وحسّاسة إذ تتطلب حنكة ودراسة معمّقة من قبل القضاة خاصة وان الأمر يتعلق بانتهاكات جسيمة والآمال معلّقة على تلك الدوائر من اجل إعطاء كل ذي حقّ حقه بالقانون،قضاة الدوائر هم أمام مهام جسيمة ومسؤولية كبيرة،من جهة أخرى يجب توفير كلّ الإمكانيات المادية واللوجستية لهم حتى تكون الفاعلية في المردود وتتحقق النتائج المرجوّة.
لا تسقط الدعاوى بمرور الزمن
ينصّ الفصل التاسع من القانون الأساسي عدد 53 المؤرخ في 24 ديسمبر 2013 المتعلق بالعدالة الانتقالية على أن الانتهاكات المنصوص عليها في الفصل 8 من ذات التشريع لا تسقط بمرور الزمن الدعاوى الناجمة عنها أي (الانتهاكات المذكورة بالفصل 8 )،هذا النصّ من شأنه أن يفسح المجال أكثر أمام الدوائر الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية للخوض في الملفات بكلّ دقّة ولا يكون لديها تخوّف من مسألة سقوط الدعوى القضائية مع مرور الزمن.
من جهة أخرى وفي ما يتعلق بملفات شهداء الثورة وجرحاها فقد أثارت نقطة إحالتهم على الدوائر المتخصّصة من عدمه جدلا كبيرا اذ هناك من اعتبر المسألة غير قانونية ولا تجوز محاكمة المتهم مرّتين ،في المقابل هناك من اعتبر أن القضاء العسكري المتعهد الحالي بتلك الملفات عليه أن يتخلى لفائدة تلك الدوائر طبقا للقانون الذي لم يذكر صراحة عبارة «ملفات شهداء الثورة وجرحاها» ولكن صنّف القتل العمد ضمن الانتهاكات الجسيمة التي تختص الدوائر بالنظر فيها ،فهل يتخلى القضاء العسكري قريبا عن تلك الملفات أم انه سيواصل النظر؟.