كان لا بد من وقفة تأمل للوضع بصفة عامة ومراجعة للقاعدة التشريعية للجمعيات التي بلغ عددها منذ سنة 2012 إلى اليوم أكثر من 20 ألف جمعية تحت غطاء خيري ودعوي،في هذا السياق تعمل وزارة العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان على إعداد مشروع قانون جديد لتعويض المرسوم عدد 88 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المنظم للجمعيات والذي لم يعد يتماشى مع متطلبات المرحلة،لمزيد من التفاصيل حول أهم النقاط التي يتم التركيز عليها في الوثيقة الجديدة تحدثنا مع معز بن محمود المكلف بالإعلام صلب الوزارة المعنية.
تعدّد الجمعيات ولئن يعتبر منهجا ايجابيا في ظل دولة تسعى إلى بناء مسار انتقالي قوامه دولة القانون والمؤسسات ،التعددية وكذلك الديمقراطية ولكن عندما نجد هذا الكمّ الهائل من الجمعيات التي تسمى بالخيرية أو الدعوية وفي المقابل لا تملك الدولة معلومات حول قاعدة بيانات تلك الجمعيات وكذلك لا تعلم حجم الموارد المالية لعدد كبير منها،أمر من المؤكد أنه يطرح جملة من الاستفهامات والجدل.
يتواصل التشاور مع المجتمع المدني
انطلقت وزارة العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان في الإعداد لمشروع قانون جديد ينظم الجمعيات من خلال تنظيم استشارة أولى مع مكونات المجتمع المدني وذلك في شهر جويلية 2017 ولكن لم يتم التوصل خلالها إلى اتفاقات بخصوص جملة من النقاط وهو ما جعل الوزارة تقرّر مواصلة سلسلة النقاشات مع المجتمع المدني. في هذا الاطار صرّح معز بن محمود المكلف بالإعلام صلب وزارة الإشراف فقال «نظمت الوزارة استشارة اولى بخصوص مشروع قانون تنظيم الجمعيات الجديد وبالنظر لتباين المواقف من المراجعة سيتم مواصلة المسار التشاوري حيث تمت برمجة سلسلة من الاستشارات بداية من شهر فيفري 2018.تهدف تلك المراجعة إلى تطوير وتخفيف الإجراءات الإدارية وحوكمة منظومة الجمعيات، تطوير منظومة التمويل العمومي للجمعيات، تدعيم الشفافية في مجال تمويل الجمعيات وتصرفها الإداري والمالي،تمكين الإدارة من الآليات اللازمة لضمان الشفافية واحترام القانون ومراجعة سلم العقوبات غير المتناسب مع نوعية المخالفات وغير المجدي في عديد الوضعيات، بالإضافة إلى إمكانية توسيع مفهوم الجمعيات ليشمل أشكالا جديدة وتطوير هيكلة الجمعيات وتسهيل انتصاب الجمعيات الأجنبية في إطار جعل تونس قطبا للمجتمع المدني في المنطقة. وضع الأسس القانونية لمنظومة الكترونية لتسجيل الجمعيات ونشر تقاريرها المالية والتفاعل مع الجهات العمومية».هذا و تحدّث بن محمود عن نقطة مهمّة تتعلق بمسألة البيانات قائلا «يجري العمل على تطوير منصة الكترونية لحوكمة الجمعيات يتم من خلالها تسجيل الجمعيات ونشر قوائمها المالية والتصريح بمواردها المالية بما فيها الأجنبية ومتابعة نشاط الجمعيات ويمكن أن تكون المنصة قابلة للربط مع قواعد بيانات الأطراف العمومية المتداخلة مثل البنك المركزي ومصالح الجباية والضمان الاجتماعي.
إجراءات لا تسمن ولا تغني من جوع
بلغة الأرقام فإن عدد الجمعيات التي اتخذ بشأنها إجراء الحلّ النهائي قد بلغ وفق آخر الإحصائيات 157 جمعية وذلك بقرار قضائي نظرا لقيامها بأنشطة مشبوهة ذات صبغة إرهابية ،هذا بالإضافة إلى التنبيه على أكثر من 720 جمعية أخرى نظرا لارتكابها تجاوزات مختلفة سواء على مستوى الإجراءات أو النشاط وبالتالي مخالفة المرسوم الحالي المنظم للجمعيات.هذا الملف لا يزال يثير جدلا كبيرا جعل الحكومة في موضع المسؤولية خاصة في ظل غياب البيانات حول الآلاف من تلك الجمعيات.