في حق الذين دفعوا ثمن اختلافهم في الرأي وتعرضوا إلى شتى أنواع التعذيب في دهاليز وزارة الداخلية وفي السجون،ظاهرة مسكوت عنها منذ عقود ولكن بعد ثورة 14 جانفي تعالت أصوات المجتمع المدني المنادية بضرورة تحديد المسؤوليات في قضايا التعذيب التي تعدّ بالآلاف بالإضافة إلى الوقاية منها خاصة وان الدولة تمرّ بمرحلة انتقال ديمقراطي،الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب هي ثمرة تلك الضغوطات وهي اليوم تعمل على التقليص من الظاهرة من خلال ممارسة صلاحياتها المحدّدة بالقانون، «المغرب» فتحت هذا الملف وسلّطت الضوء على مختلف نشاطات الهيئة.
انتخب أعضاء الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب منذ 30 مارس 2016 ولكن أداء اليمين جاء بهد أكثر من شهر تقريبا وتحديدا في 5 ماي من نفس السنة ،هذا الهيكل الدستوري وجد عديد الصعوبات في مساره خاصة على مستوى توفير الإمكانيات المادية واللوجستية الأمر الذي جعل الأعضاء يخرجون عن صمتهم في ديسمبر 2016 وعبروا عن استنكارهم لما اعتبروه غياب الإرادة في التركيز الفعلي لهذه الهيئة.
زيارات وتقارير
الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب لم تبق مكتوفة الأيدي ولكنها انطلقت في أعمالها بما تيسر لها من إمكانيات ولكن اليوم وبعد أن تمكنت من اكتراء مقرّ لها وصدور الأوامر المتعلقة بالانتدابات تدعم عملها أكثر من خلال تكثيف الزيارات لمختلف السجون ومراكز الإيقاف بكامل تراب الجمهورية إذ تم تكوين فرق عمل لهذه المهمة،في هذا السياق أفادنا لطفي عز الدين عضو صلب الهيئة المذكورة أن عدد الزيارات يقدّر بزيارة كلّ أسبوع تقريبا وقال « لا تتوفر حاليا إحصائيات رسمية حول عدد الزيارات الجملي الذي قامت به الهيئة للسجون ومراكز الإيقاف ولكن يمكن القول انه بمعدل زيارة في الأسبوع تقريبا فعلى سبيل المثال الأسبوع الأخير من سنة 2017 قام فريق بزيارة دامت 3 أيام متواصلة للسجن المدني بالقيروان».
حملة تحسيسية للتعريف بالهيئة في الجهات
أطلقت الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب منذ فترة حملة تحسيسية بالجهات وذلك بالشراكة مع المركز التونسي المتوسطي،تظاهرة تهدف إلى مزيد التعريف بالهيئة ومهامها وكيفية الاتصال بها،هذه الحملة شملت عددا من ولايات الجمهورية والمناطق الداخلية على غرار تطاوين ،السمار ،القصرين،بنزرت وتونس ،كما انه من المنتظر أن تجوب هذه التظاهرة كامل ولايات الجمهورية لتحسيس المواطنين بأهمية هذه الهيئة الدستورية وتشجيعهم على التبليغ عن حالات التعذيب ،من جهة أخرى تحدث فتحي الجراية رئيس الهيئة عن دراسة مسحية بصدد الإعداد حول نظرة التونسيين للتعذيب ومن المنتظر ان تصدر خلال الفترة القادمة.
ماذا عن النتائج؟
الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب انطلقت في أعمالها فعليا منذ مارس 2017 تقريبا طبقا للقانون فهي مطالبة بإعداد تقريرها السنوي يتضمن لمحة حول ما قامت به من أعمال خلال سنة من خلال الإفصاح عن الإحصائيات حول الزيارات التي أدتها للسجون ومراكز الإيقاف ومعاينة الحالات الفردية الواردة عليها ،كذلك تقديم تقييم لما عاينته وما إذا كان هناك تجاوزات،هنا علّق لطفي عز الدين فقال « نحن بصدد كتابة التقرير السنوي بالتوازي مع الزيارات المعمقة للسجون و زيارات التقصي للحالات الفردية الواردة علينا وتقييم أعمالنا ستجدونه في ذلك التقرير الذي سيصدر في مارس القادم».
«جريمة لا تسقط بمرور الزمن»
المهدي بن غربية وزير العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان تطرق خلال لقاء تلفزي باحدى القنوات الى مسألة التعذيب وقال في هذا الصدد» سياسة الدولة التونسية واضحة في مجال تجريم التعذيب وكل من يمارس التعذيب يعلم أنه سيحاسب وسيكون محل تتبعات اليوم وغدا» وأضاف بأن الدولة تضع مشاريع القوانين والهيئات والسياسات العامة والإجراءات الترتيبية والإدارية وتعمل على التصدي لممارسات التعذيب من خلال وزارتي العدل والداخلية بمتابعة من وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، مضيفا قوله «متى حدثت تجاوزات يتم التحقيق فيها وإحالة المتجاوزين على القضاء واتخاذ الإجراءات اللازمة».هذا وذكّر الوزير في إجابته على أسئلة قناة «بي بي سي» البريطانية بمصادقة تونس على البروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب، موضحا أن تونس من البلدان القلائل في المنطقة التي أنشأت هيئة وطنية للوقاية من التعذيب تتمتع قانونا بصلاحية زيارة كل مراكز الاعتقال دون إذن».