تحدث فيها عن مخطط وصفه بالخطير لإخراج جراية من سجن إيقافه وذلك بإتباع طرق مختلفة من بينها الضغط على القاضية المتعهدة للتخلي عن القضية ،مسألة شغلت اهتمام جمعية القضاة التونسيين التي قامت بتحرياتها اللازمة في الملف والتقت مع الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ووكيل الدولة العام بها من أجل الوقوف على حقيقة الوضع وخاصة نقطة تعهيد الدائرة العاشرة بقضايا الاتهام العسكري والمذكرة غير الممضاة في الغرض.
للتذكير فإن جمعية القضاة التونسيين قد أصدرت بيانا في وقت سابق حمّلت فيه المسؤولية إلى كل من المجلس الأعلى للقضاء الذي إلى اليوم لم نسمع أو نرى له موقفا تجاه ما يحدث ووزارة العدل إذ طالبت التفقدية العامة بالتحرك بالإضافة إلى مطالبة الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ووكيل الدولة العام بذات المحكمة مدّها بجملة من التوضيحات من اجل إنارة الرأي العام.
مذكرات عمل غير ممضاة وخلاف في تعيين القضايا
اجتمع مؤخرا وفد من جمعية القضاة التونسيين بالرئيس الأول لمحكمة الاستئناف وقد مدّ هذا الأخير الجمعية بجملة من المعطيات والوثائق وأفاد في ذات الخصوص أنه اثر تنصيبه رئيسا أول لمحكمة الاستئناف بتونس في أكتوبر 2017 وجد مذكرة وقتية لتوزيع العمل بين الدوائر محررة من قبل وكلاء الرئيس بالمحكمة مؤرخة في 5 سبتمبر 2017 تفرد الدائرة العاشرة بالنظر في قضايا الاتهام العسكري وقدم لنا نسخة من تلك المذكرة تبين أنها لا تحمل لا ختما ولا إمضاء. كما أفاد أن إفراد الدائرة العاشرة بمحكمة الاستئناف بتونس بالنظر في استئناف قضايا الاتهام العسكرية أمر جار به العمل منذ 15 سبتمبر 2016 طبق مذكرة توزيع العمل التي وضعها الرئيس الأول السابق إذ تبين أن هذه المذكرة غير ممضاة و غير مختومة من الرئيس الأول السابق للمحكمة.
هذا وأكد الرئيس الأول أن العمل تواصل بالنسبة لهذه السنة القضائية بمقتضى المذكرة الوقتية المؤرخة في 5 سبتمبر 2017 وأنه لم يضع مذكرة العمل النهائية إلا بتاريخ 29 نوفمبر 2017 بعد صدور الحركة القضائيّة الجزئية بتاريخ 14 نوفمبر 2017 وأنه أفرد بمقتضى مذكرة توزيع العمل المذكورة الدائرة 10 بقضايا الاتهام العسكري طبق ما جرى به العمل بالمحكمة بدليل أنه سبق بناء على طلب وزارة العدل إقرار تربص أحد القضاة العسكريين سنة 2016 بالدائرة العاشرة المذكورة .وأشار إلى أنه تبعا لتوزيع العمل النهائي الذي أقره في 29 نوفمبر 2017 تخلت الدائرة التاسعة في جلسة 6 سبتمبر 2017 عن القضية عدد 1738 المعروفة بالتآمر على أمن الدولة المتعلقة برجل الأعمال شفيق جراية وعدد من المسؤولين الأمنيين وذلك مع بقية قضايا الاتهام العسكري المتعهدة بها للدائرة العاشرة بجلسة 12 ديسمبر 2017 .كما لاحظ أنه بناء على هذا الخلاف في تعيين القضايا وتعهيد الدوائر بها تمسك من جهته بتطبيق مذكرة توزيع العمل المؤرخة في 29 /11 /2017 وراسل المجلس الأعلى للقضاء لإبداء رأيه في الموضوع كما راسل رؤساء الدوائر الجزائية بالمحكمة في 8 ديسمبر2017 وطلب منهم فرض تطبيق مذكرة العمل المؤرخة في 29 نوفمبر 2017 وتلافي الأخطاء في تعيين القضايا كما طلب منهم اتخاذ قرار إحالة القضايا المعينة خلافا للتنظيم المقرر في 29 نوفمبر 2017 على الدائرة المعنية بما في ذلك القضايا الجارية.
ماذا عن موقف الوكيل العام لمحكمة الاستئناف؟
جمعية القضاة اجتمعت أيضا بالوكيل العام لمحكمة الاستئناف الذي أفادها انه منذ توليه الوكالة العامة بمحكمة الاستئناف بتونس في جويلية 2016 وقف على أن تعيين قضايا الاتهام العسكري يتم بالدائرة التاسعة التي تنظر في تلك القضايا و قضايا الاتهام العدلي وأنه احترم ذلك التنظيم للعمل وكان يتولى طبق الفصلين 112 و 114 من مجلة الإجراءات الجزائية تعيين قضايا الاتهام العسكري بالدائرة المذكورة وردّا على مذكرة العمل المؤرخة في 15 سبتمبر 2016 التي تضمنت إفراد الدائرة العاشرة بقضايا الاتهام العسكري أفاد أنها غير ممضاة وغير مختومة وسلم للوفد نسخة من المذكرة بنفس التاريخ مختومة وممضاة من الرئيس الأول السابق ولاحظ أن المذكرة المستوفاة للشروط القانونية والشكل الإداري موجودة لدى التفقدية العامة إذ أحيلت عليها بذلك التاريخ 15 /09 /2016 ملاحظا أنها لم تتضمن مطلقا إفراد الدائرة العاشرة بالمحكمة بقضايا الاتهام العسكري وأضاف الوكيل العام أن مذكرة العمل الوحيدة المختومة والممضاة بصفة قانونية والتي تم التنصيص فيها على أن الدائرة العاشرة مكلفة بقضايا الاستئناف العسكري هي التي وضعها الرئيس الأول الحالي في 29 نوفمبر 2017 والتي تضمنت أن العمل يجري بها بداية 04 /12 /2017 أي قبل يومين من تاريخ انعقاد الدائرة التاسعة المتعهدة في 06 /12 /2017 وأنه قبل ذلك التاريخ لم يكن هناك إفراد للدائرة العاشرة بالقضايا المذكورة. “هذا و لاحظ الوكيل العام أن الإفراد جاء بعد انطلاق السنة القضائية وهو يتعارض مع مقتضيات الفصلين 112 و 114 من مجلة الإجراءات الجزائية وأحكام الإجراءات الأساسية واختصاص الوكلاء العامين بمحاكم الاستئناف مضيفا أنه فضلا على ذلك فإنه لا وجود لأي نص قانوني يقتضي إحداث دائرة اتهام متفردة بقضايا الاتهام العسكري يتحتم التخلي لفائدتها بالنظر من قبل الدوائر الأخرى . وبخصوص مطلب التجريح أوضح الوكيل العام بأن قرار انعدام الموجب يعني أن تعهد الدائرة التاسعة هو تعهّد سليم من الناحية القانونية بدليل عدم إذن الرئيس الأول بتوقيف أعمال الدائرة التاسعة بخصوص الملف عدد 1738.
«قرار خطير»
استنتجت جمعية القضاة من خلال المعطيات التي تقصتها من الجهات سالفة الذكر أن إفراد الدائرة العاشرة لم يتم طبق مذكرة عمل ممضاة ومختومة بصفة قانونية إلا بتاريخ 29 نوفمبر 2017 من قبل الرئيس الأول الحالي وذلك بصفة لاحقة لتعهد الدائرة التاسعة بالقضية عدد 1738 وبقية قضايا استئناف الاتهام العسكري وذلك لأن مذكرتي العمل المؤرختين في 15 سبتمبر 2016 و05 سبتمبر 2017 المسلمتين لها من الرئيس الأول بالمحكمة ليستا مختومتين ولا موقعتين من أي جهة ذات صفة قانونية في توزيع العمل بالمحكمة فضلا على أن مذكرة العمل الممضاة والمختومة من الرئيس الأول السابق لمحكمة الاستئناف في 15 سبتمبر 2016 لم تتضمن إفراد الدائرة العاشرة بقضايا استئناف الاتهام العسكري . كما بيّنت ان ما جاء بقرار حفظ مطلب التجريح في رئيسة الدائرة التاسعة الذي صدر عن الرئيس الأول بتاريخ 05 ديسمبر 2017 تأسس على انعدام الموجب اعتبارا للتوزيع الجديد للعمل والمقصود منه توزيع العمل طبق المذكرة الصادرة بتاريخ 29 نوفمبر 2017 بإفراد الدائرة العاشرة بقضايا استئناف الاتهام العسكري، وان كل ذلك يدل على أن الإفراد لم يكن قائما في توزيع العمل قبل مذكرة 29 نوفمبر 2017 وإنما وجد كإجراء جديد في نطاق توزيع العمل الجديد الذي يبدأ سريانه في 04 /12 /2017. وعليه فإن إفراد الرئيس الأول للدائرة العاشرة بالنظر في قضايا استئناف الاتهام العسكري الذي جاء لاحقا للتعهد القانوني للدائرة التاسعة في القضايا المذكورة وطلبه تخلي هذه الأخيرة عن تلك القضايا لفائدة الدائرة العاشرة يمثل نزعا للتعهد وإيقافا له على خلاف ما يقتضيه القانون من أن الهيئات القضائية لا ينزع عنها التعهد ولا تتخلى عن القضايا إلا في صور محددة لما في ذلك الإجراء من مساس مباشر بحيادية واستقلالية القضاة والهيئات القضائية وبالتالي فإن قرار الرئيس الأول إفراد الدائرة العاشرة بقضايا الاتهام العسكرية من شأنه إثارة شبهات التدخل في سير القضاء وتوجيه القرارات القضائية من جهة أخرى نبهت الجمعية مما اعتبرته خطورة استمرار الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بتونس في اتخاذ قرارات إيقاف التعهّد ونزعه عن القضاة وعن الدوائر بمحكمة الاستئناف بتونس في غير الصور القانونية الجدية بما يمس من ضمانات حيادية واستقلالية ونزاهة الأعمال القضائية وشروط المحاكمة العادلة.