بعد الخلافات الداخلية صلب هيئة الحقيقة والكرامة مؤخرا الصلح «المفاجئ» بين بن سدرين والأعضاء الأربعة : هل هي الاستفاقة أم الخيار الوحيد؟

ساد في الآونة الأخيرة جوّ من الاحتقان داخل هيئة الحقيقة والكرامة وذلك بعد الخلافات العميقة بين رئيستها سهام بن سدرين وأربعة من الأعضاء وهم ابتهال عبد اللطيف ،علاء بن نجمة ، رضوان غراب وصلاح الدين راشد،علما وأن هذه الخلافات ليست الأولى من نوعها لأن هذه الهيئة منذ ميلادها تتالت فيها الإقالات والاستقالات لاستحالة التفاهم مع بن سدرين وفق

تعبير البعض منهم ،هذا الخلاف الأخير قرع فيه كل طرف ناقوس حرب البيانات اذ اتهمت بن سدرين خصومها بأنهم يقومون بمؤامرة تستهدف مسار العدالة الانتقالية ليرد عليها الأعضاء الأربعة بأن جلساتها غير شرعية منذ أوت المنقضي، ولكن بعد كلّ هذا تفاجئنا الهيئة ببيان صلح نشر مؤخرا توضح فيه بن سدرين بأن الأمور على ما يرام وقد تم الاتفاق بين كل الأعضاء على مواصلة العمل.

وللتوضيح فإن الخلاف بين رئيسة الهيئة سهام بن سدرين والأعضاء الأربعة لم يتوقف عند حرب البيانات والتراشق بالتهم عبرها ولكن تطورت الأحداث ووصلت حدّ الاعتصام داخل مقرّ هيئة الحقيقة والكرامة بعد قرار بن سدرين إيقاف ابتهال عبد اللطيف عن العمل في جلسة مجلس تأديب بما تبقى من الأعضاء وهو ما طرح مجددا مسألة الشرعية.

تراجع عن قرار الإيقاف عن العمل
صرّحت ابتهال عبد اللطيف إحدى أعضاء هيئة الحقيقة والكرامة الذين كانوا في خلاف مع سهام بن سدرين بأنه فعلا تم الاتفاق وفق ما جاء في البيان وعليه فقد تقرر عودة الأعضاء الأربعة المعتصمين إلى عملهم منذ 17 أكتوبر الجاري ووضع كلّ الخلافات جانبا ،خيار ايجابي هو الأول من نوعه صلب هذا الهيكل الذي عرف بمشاهد الاحتقان والغضب والانفراد بالرأي إذ عندما تتخذ بن سدرين قرارا فانه لا رجعة فيه خاصة عندما يتعلق بإيقاف عن العمل أو إعفاء على حدّ تعبير العديدين،وللتذكير فإن رئيسة الهيئة وبالرغم من صدور قرارات قضائية بعودة الأعضاء المعفيين إلى الهيئة لمواصلة عملهم لأن قرار الإعفاء الغي إلا أنها رفضت تطبيق القانون وتنفيذ قرار القضاء الإداري بتعلّة الاستحالة المادية. أمام هذه المعطيات فإن الأمر يدعو إلى التساؤل لماذا لم يفتح باب الحوار من قبل وتفادي ما حصل من خلافات عميقة عطّلت مسار الانتقال الديمقراطي؟هل هي استفاقة متأخرة ؟أم الخيار الوحيد خاصة وان الهيئة لم يتبق فيها إلا 5 أعضاء في صورة تم إعفاء الأربعة المغضوب عليهم سابقا؟.

اختلاف في وجهات النظر؟
جاء في بيان مجلس هيئة الحقيقة والكرامة المنعقد في جلسة عامة بكامل أعضائه وذلك يوم الثلاثاء 17 أكتوبر2017 بأن ما شهدته الهيئة الأسابيع الأخيرة من احتقان واعتصامات ما هو إلا اختلافات في وجهات النظر بين أعضائها، وقد تمّ الاتفاق بإجماع كافة أعضاء مجلس الهيئة على إرساء مناخ ثقة وشفافية ودفع كل التهم الموّجهة لأعضاء الهيئة ورئيستها وتأكيد عزمهم على القيام بالمسؤوليّة الوطنيّة المحمولة عليهم في إنجاح مسار العدالة الانتقاليّة طبقا لمقتضيّات الدستور والقانون ووفاء لمبادئ الثورة،هنا نتوقف قليلا لطرح بعض التساؤلات كل تلك الاتهامات المتبادلة بين الطرفين اختلاف بسيط في المواقف فإذا كان الأمر كذلك لماذا لم يحسم فيه وراء أبواب مغلقة وتفادي كل تلك الضوضاء والفوضى؟ سؤال طرحه الكثيرون وهناك من قال «سبحان مغيّر الأحوال» كما نصّ بيان الهيئة على أنها ستواصل عملها وتحقيق جميع أهدافها وإنجاز المصالحة الوطنيّة بعد كشف الحقيقة وإصلاح المؤسسات مؤكدة من جهة أخرى أنها الجهة الوحيدة المخوّلة بإعداد البرنامج الشامل لجبر الضّرر وردّ الاعتبار الذي سيقع الإعلان عنه قريبا. كما تطمئن الضحايا أن هذا البرنامج يتضمّن وفقا لقانون العدالة الانتقالية جبر الضرر الفردي والجماعي الذّي يقوم على التعويض المادي والمعنوي ورد الاعتبار والاعتذار واسترداد الحقوق وإعادة التأهيل والإدماج وعزمها على مواصلة القيام بمهامها رغم العراقيل والصعوبات وأنّ مسار العدالة الانتقاليّة يتقدّم بثبات لإتمام المهام وتحقيق الأهداف في الآجال القانونيّة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115