مؤخرا فإن مشروع قانون هيئة الحوكمة الرشيدة يثير جدلا واسعا داخل قبة باردو من جهة وفي صفوف الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد من جهة أخرى وهو ما يضع مستقبل الهيئة المنتظرة وبقية الهيئات الدستورية المستقلة في الميزان. غدا الأربعاء 19 جويلية الجاري من المحتمل إذا لم يطرأ أي تغيير على روزنامة المجلس أن يوضع مشروع قانون هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد على طاولة نقاش الجلسة العامة مع حديث عن إمكانية إسقاطه.
صادقت لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح على مشروع قانون هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد بتاريخ 11 ماي 2017 وذلك في إطار استكمال الترسانة التشريعية المرتبطة بمحاربة الفساد.
قانون أول محلّ طعن
هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد هي هيئة دستورية مستقلة نصّ عليها الدستور وستخلف الهيئة الحالية ،هيكل ينطبق عليه قانون الأحكام المشتركة للهيئات الدستورية الذي وصف بغير الدستوري وكان محل طعن من قبل 30 نائبا ،قانون أثار بدور جدلا واسعا وأسال الكثير من الحبر باعتباره يهدد استقلالية الهيئات الدستورية على حدّ تعبير الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي أبدت تخوفها من أن تكون هيئة الحوكمة الرشيدة وغيرها من الهيئات مجرد ديكور خاصة بعد الاطلاع على الفصلين 33 و24 من القانون المصادق عليه.قانون طرح مضمونه العديد من الاستفهامات من بينها هل بهذه الترسانة القانونية يمكن محاربة الفساد؟ هل هيئة الحوكمة الرشيدة وبقية الهيئات التي نص عليها الدستور ستعمل في كنف الاستقلالية بمثل هذه التشريعات؟. الكرة اليوم في ملعب الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين لتجيب عن هذه التساؤلات وغيرها من خلال القرار الذي ستتخذه بخصوص الطعن المقدم لها،إلى حين صدور القرار يبقى الأمل في التعديل قائما.
هل تنجح خطة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد؟
أمام تخوفها من تأثير قانون الأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية على مشروع قانون هيئة الحوكمة الرشيدة من جهة وما يتضمنه هذا الأخير من فصول تحدّ من صلاحيات الهيكل المنتظر من جهة أخرى التجأت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد إلى الكتل النيابية واستنجدت بها خاصة بعد أن وضعت مقترحاتها جانبا من قبل اللجنة المعنية صلب مجلس نواب الشعب. وللتذكير فإن الهيئة المذكورة قد أصدرت في بلاغ لها نشر سابقا في هذا الخصوص دعت فيه إلى ضرورة تجند الجميع لسنّ قانون أساسي يؤسّس لهيئة مستقلة للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد تتمتع بصلاحيات ومهام ناجعة وفعالة من شأنها إحداث توازن حقيقي بين السّلطات.
وطبقا للقراءة التي قدمتها الهيئة المذكورة لمشروع القانون وفي صورة مروره بهذه الصيغة فهو سيحدّ من استقلالية الهيئة ويجعل منها تحت إشراف ثلاثة أطراف وهي وزارة المالية، رئاسة الحكومة والقضاء. من جهة اخرى ايضا ومن خلال هذا المشروع فإن ميزانية الهيئة ستكون تحت السلطة التقديرية للحكومة التي بيدها كل أسباب تواصل أو توقف أو تعطيل أعمال الهيئة وسيتم تحويل الضابطة العدلية الأصلية الموكولة حاليا للهيئة وهي البحث والتحقيق والحجز إلى ضابطة عدلية فرعية ووضعها تحت السلطة التامة للقضاء أي أن الهيئة لا يمكنها التحرك إلا بإذن من النيابة العمومية.
أمام كل هذه الانتقادات الموجهة لهذه الوثيقة التي من المنتظر عرضها على الجلسة العامة غدا الأربعاء 19 جويلية الجاري فإن إسقاطها وارد جدا وقد تم الحديث عن ذلك من قبل عدد من النواب على غرار الصحبي بن فرج نائب عن كتلة الحرة فهل تنجح خطة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد؟