انطلقت الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب في عملها منذ شهر ماي 2016 وذلك بعد مصادقة تونس على الاتفاقية الدولية للوقاية من التعذيب وسوء المعاملة. ويتمثل دورها في معالجة جرائم التعذيب الراهنة والحدّ من هذه الظاهرة ،اما حميدة الدريدي فقد تم انتخابها كرئيسة للهيئة في 18 ماي 2016 ونبيهة الكافي نائبة لها علما وان هذه الهيئة تتكون من 16 عضوا ممثلين عن عدة أسلاك (محامين وقضاة متقاعدين وأطباء /وجوبا طبيب نفسي/ وأساتذة جامعيين ومختصين في حماية الطفولة وممثلين عن المجتمع المدني).
ماذا وراء الاستقالة؟
قدّمت حميدة الدريدي رئيسة الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب استقالتها أمس الجمعة إلى مجلس الهيئة وذلك بعد أن أعلنت مسبقا عن ذلك في بيان أصدرته بتاريخ 29 جوان المنقضي،قرار كما سبق وذكرنا كان مفاجأة للرأي العام وربما حتى في صفوف أعضاء الهيئة الذين اقتنعوا في النهاية بالقرار على حدّ تعبير الرئيسة المستقيلة.الدريدي وفي حديثها عن أسباب هذه الاستقالة من منصب رئاسة الهيئة والبقاء فيها كعضو قالت في تصريح لــ«المغرب» «في الحقيقة هذا القرار جاء نتيجة تراكمات لعدّة إشكاليات منها ما يتعلق بأمور إجرائية وإدارية ومنها ما يتعلق بظروف العمل كما توجد مشاكل وظروف صعبة من الداخل والخارج لست مستعدة للإفصاح عنها والهدف أن تستمر الهيئة في عملها من اجل الوقاية من التعذيب فكما هو معلوم فقد بقيت لمدة سنة اعمل دون إدارة بسبب عدم إمضاء أوامر التأجير مما اضطرني للعمل أنا والسائق فقط على مستوى العمل الإداري على اعتبار أن من ضمن المهام الموكولة لي الإشراف المالي والإداري وقد تم مؤخرا انتداب مدير مالي وإداري (دافور)».
هذا وأضافت الدريدي قائلة «استقالتي من رئاسة الهيئة فقط وسأبقى عضوا فيها لأهتم وأتفرغ أكثر للعمل الميداني المتمثل في زيارات لمراكز الاحتجاز والإيقاف فذلك هو الأهم لأنه في الحقيقة رئاسة الهيئة جعلتني انهمك أكثر في الإدارة وأحسست أن ذلك أبعدني قليلا عن مهمتي الأصلية وهي العمل الميداني للوقاية من التعذيب».
من جهة أخرى أوضحت محدثتنا أنها قدمت الكثير للهيئة التي وصفتها بالمكسب وذلك من خلال تكوين أعضائها وإعداد القانون الداخلي للهيئة والميزانيات».
في انتظار قرار رئيس الحكومة
على المستوى الإجرائي فيما يتعلق بالاستقالة قدمت وحميدة الدريدي رسميا استقالتها لمجلس الهيئة في انتظار إحالتها على رئيس الحكومة باعتباره هو من أمضى أمر تعيينها على رأس الهيئة المذكورة ليتخذ القرار إما بالموافقة أو بالرفض ،هنا يمكن أن نقول أنه ربما تشهد الأيام القادمة استقبال الدريدي من قبل رئيس الحكومة في صورة أراد الاستفسار عن الأسباب الحقيقية لهذا القرار علما وأنه طبقا للمعمول به وبعد تفعيل الاستقالة يجتمع مجلس الهيئة في جلسة انتخابية لاختيار رئيس جديد لها .هذا وأكدت الرئيسة المستقيلة أن استقالتها «لا تعد استقالة من ملف الوقاية من التعذيب ومن مسؤولياتها وتعهداتها أمام الضحايا وأمام الرأي العام الوطني والدولي وأنا مقتنعة بهذا القرار وأقنعت أيضا بقية أعضاء مجلس الهيئة بذلك» وقالت أيضا «مسؤوليتي صلب الهيئة كرئيسة لها تحملتها وقمت بمهمتي على أكمل وجه ولي الشرف أنني من مؤسسي هذه الهيئة ولكن أنا أرى إنني سأكون فاعلة أكثر عندما أكون عضو واعد الرأي العام وكل من له انتظارات من الهيئة أنني سأكون عند حسن الظن ولن أتخلى عن ملف التعذيب إلى آخر نفس وسأسعى مع كامل فريق العمل إلى تحقيق الهدف
الذي رسمناه منذ نشأة الهيئة وهو الوصول إلى الوقاية من التعذيب بنسبة 50 % في غضون خمس سنوات وذلك وفق الاستراتيجية التي وضعت للغرض».
وللإشارة فإن الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب هي من بين أكثر الهيئات تعثرا في مسار تركيزها إذ عرفت عديد العراقيل على مستوى الترشحات والانطلاقة الأولى لها بسبب غياب الإمكانيات اللوجستية والمادية والإدارية التي يجب أن تتوفر حتى يعمل الفريق في أحسن الظروف وبالتالي يحقق نتائج أفضل علما وأن الهيئة قامت بعديد الزيارات إلى مراكز الإيقاف والاحتفاظ وعاينت ظروف الإقامة ومدى وجود تعذيب أو سوء معاملة ضد الموقوفين او المحتفظ بهم وتقوم بتسجيل شهادات حية لهم كما أنها تتلقى الشكايات حول ذات الموضوع تتولى متابعتها من خلال البحث في الملف حتى يمكنها إثبات التعذيب لإحالة الملف على القضاء من اجل محاسبة مرتكب الفعلة.