اليوم مرّ شهر تقريبا على الجلسة وعلى مطلب القضاء ولكن هيئة الحقيقة والكرامة لم تستجب له وفق ما أكده سفيان السليطي الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس الذي قال في تصريح خلال حلقة نقاش حول أين القضاء من الحرب على الفساد إن «هيئة الحقيقة والكرامة لم تمكن إلى حد الآن قاضي التحقيق من التسجيل الكامل لشهادة عماد الطرابلسي التي تم بثها وذكر خلالها عديد الأسماء المورطة في الفساد واستغلال النفوذ والوقائع رغم مراسلته للهيئة منذ مدة».
صمت الهيئة تجاه القضاء ودون أي مبرر يذكر إذ لم تصدر هذه الأخيرة أي بلاغ أو بيان توضح فيه موقفها تجاه طلب قاضي التحقيق مدّها بالتسجيل الكامل لشهادة عماد الطرابلسي يثير عديد الاستفهامات حول السبب الحقيقي الكامن وراء كل هذا التأخير في الاستجابة لطلب القضاء خاصة وان ما جاء على لسان صهر الرئيس السابق خطير جدا ويتعلق بفساد كبير قبل الثورة ووردت فيه عديد الأسماء.فهل تنوي الهيئة مدّ قاضي التحقيق بالتسجيل والأمر مسألة وقت فقط؟ أم أنها ستمانع وستتبع سياسة المماطلة والامتناع بحجة أنها لا تخضع لسلطة أي طرف بما في ذلك القضاء؟ علما وان الهيئة المذكورة من بين الهيئات التي ساهمت في تفشي ظاهرة عدم تنفيذ الأحكام القضائية إذ اقرّ القضاء الإداري بعودة ثلاثة من بين أعضائها إلى مناصبهم بعد قرار مجلس الهيئة إعفاءهم ولكن الحكم القضائي بقي حبرا على ورق والهيئة
امتنعت عن تطبيقه وتنفيذه بدعوى ما أسمته بالاستحالة المادية.
ولكن من الناحية القانونية لا يوجد أي نصّ قانوني في العالم يمكن أي مؤسسة من الامتناع عن الاستجابة لطلب النيابة العمومية وبالتالي فليس من حق هيئة الحقيقة والكرامة أن تمانع في مدّ قاضي التحقيق بالتسجيل الكامل لشهادة عماد الطرابلسي حتى ينطلق في أبحاثه وتحقيقاته حول شبهات الفساد ،في صورة مزيد من المماطلة من قبل الهيئة فهي ستساهم حتما في تعطيل عمل القضاء في فتح ملفات تتعلق بالفساد والحال أن الحكومة شنّت حربها في هذا المسار ،كما أن الامتناع عن التعاون مع القضاء يعتبر تطاولا على النظام العام وفق تعبير مصطفى البعزاوي عضو بهيئة الحقيقة والكرامة وهو من بين الأعضاء الذين تم إعفاؤهم والقضاء أنصفهم والى اليوم لم يعد إلى منصبه.
من جهة أخرى فإن الفصل الثاني من الدستور ينصّ على أن تونس دولة مدنية تقوم على المواطنة وإرادة الشعب وعلوية القانون،فالنص هنا واضح وصريح بأن القانون فوق الجميع وبالتالي لا يحق لهيئة الحقيقة والكرامة أن تمانع في الاستجابة لطلب القضاء وفي صورة فعلتها فأين هي علوية القانون ؟. هنا علق البعزاوي قائلا «الموضوع نفسه دليل على ضعف الدولة وتحلل أجهزتها كيف تعجز دولة عن الحصول على نسخة من تسجيل شهادة وقعت في المؤسسة السجنية ؟ الشهادة لم تسجل في مقر الهيئة كان على وزارة العدل أن تشترط الحصول على نسخة من التسجيل حتى لدواعي أمنية ، لكنها لم تفعل ثم كيف تجرؤ الهيئة على الامتناع على تمكين النيابة العمومية من نسخة من الشهادة؟هذا يعني أن القيمة القانونية للشهادة تصبح محل شك ويمكن الطعن فيها في كل الأحوال».