وتدوير عجلة الاقتصاد.كما سبق وذكرنا فإن هذه الوثيقة ليست المرة الأولى التي يتم وضعها على طاولة النقاش وتنتهي الأمور بإيقاف الأشغال وإعادته إلى قائمة الانتظار ولكن هذه المرة كانت مفاجأة وعلى خلفية ما جدّ من تحرك على مستوى الحكومة في حربها المفاجأة أيضا ضد الفساد حيث لاقت سلسلة الإيقافات في صفوف عدد من رجال الأعمال وبارونات التهريب استحسان الرأي العام.
وللتذكير فإن يوسف الشاهد رئيس الحكومة قد أذن لوزير الداخلية بتطبيق قانون الطوارئ المؤرخ في 26 جانفي 1978 على عدد من رجال الأعمال أو من يسمونهم بالحيتان الكبيرة في الفساد والتهريب والاعتداء على امن الدولة وقد أسفرت الحملة إلى حدّ كتابة هذه الأسطر على إيقاف عشرات الأشخاص بين مهربين ورجال المال الفاسد وغيرهم.
استراحة قصيرة
في الوقت الذي كان فيه الشارع التونسي منشغلا بالحدث الذي خلف ولا يزال عديد الاستفهامات وفي نفس الوقت رفع معدل الثقة في رئيس الحكومة الذي قال انه اختار تونس وأعلن الحرب على الفساد والمفسدين قرر مكتب مجلس نواب الشعب بتاريخ 23 ماي الجاري في موقعه الالكتروني عن تأجيل نظر لجنة التشريع العام في مشروع قانون المصالحة الاقتصادية إلى موعد لاحق بعد أن كان مبرمجا مناقشته يومي الأربعاء 24 ماي والخميس 25 ماي الجاري ،قرار ولئن يعتبر في ظاهره عاديا خاصة وأنها ليست المرة الأولى التي تعلق فيها الأشغال بخصوصه ولكن بالتعمق في الأمر وربطه بمسألة الإيقافات خاصة وان هذه الوثيقة يتم إعدادها للمصالحة مع من افسدوا في البلاد فإن المسألة تختلف فربما لامتصاص غضب الشارع ولجسّ النبض؟ .هدنة لم تدم طويلا حيث من المنتظر ووفق ما جاء في الموقع الرسمي لمجلس نواب الشعب أن تستأنف لجنة التشريع العام أعمالها بتاريخ 31 ماي الجاري وغرة جوان المقبل وسيوضع مشروع قانون المصالحة من جديد على طاولة النقاش علما اللجنة لم تعط سقفا زمنا لاستكمال أشغالها وإحالته على الجلسة العامة للتصويت.فهل تدخل فيه تعديلات تتماشى مع الوضع الجديد بعد سلسلة الإيقافات؟
مسار متعثر ولا يزال
مشروع قانون المصالحة من أكثر المشاريع التي أثارت جدلا متواصلا إلى اليوم فمنذ ظهوره خلف استياء واستنكارا واحتقانا على الساحة الوطنية حيث تعالت أصوات عديد الأطراف أولها ضحايا الانتهاكات وعائلات شهداء الثورة وجرحاها الذين عبروا عن استغرابهم من المصالحة مع من نهبوا البلاد دون محاسبة. من هنا انبثقت حملة «مانيش مسامح» التي لاقت مساندة شعبية وحزبية كبيرة ،ومع أول خطوة نحو تمرير تلك الوثيقة في جوان 2016 عندما قررت لجنة التشريع العام مناقشتها خرج المعارضون للشوارع ونفذوا مسيرات ووقفات احتجاجية تنادي بإسقاط مشروع قانون المصالحة بمشاركة ممثلين عن المجتمع المدني وأحزاب سياسية وقد وصفت المشروع سالف الذكر بأنه يكرس تبييض الفساد.احتقان لم يجعل رئاسة الجمهورية بصفتها الجهة المبادرة تخضع وتقرر سحب هذا المشروع بل واصلت التمسك به إلى اليوم. مشروع عاد إلى الرفوف بعد أول مناقشة ليظهر مجددا بتاريخ 28 افريل المنقضي وعاد معه المحتجون رافعين شعار «ما يتعداش». يوم 31 ماي الجاري واليوم الموالي سيعود مشروع القانون مجددا إلى طاولة لجنة التشريع العام بعد الاحتجاب القصير الذي شهده وبالتالي من المحتمل أن تعود معه الأصوات المطالبة بسحبه وإسقاطه في صورة مروره إلى الجلسة العامة علما وان هؤلاء يحملون نواب الشعب المسؤولية في تمرير مشروع قانون المصالحة.