وللتذكير فإن رئيس الحكومة يوسف الشاهد قد خرج في كلمة مقتضبة جدا صرّح خلالها للرأي العام بأنه اختار تونس وبالتالي لا بد من مكافحة الفساد والمفسدين حتى لا يطيح بالدولة.
قضاء بلا امكانيات
مما لا شكّ فيه أن الحرب التي شنّها رئيس الحكومة يوسف الشاهد فيها إقرار ضمني بالفشل في مكافحة الفساد طيلة الست سنوات الماضية وفي ظل الحكومات التي تعاقبت فيها على تونس ما بعد الثورة ،مسألة ارجع البعض أسبابها إلى وجود حلقة مهمة في إنجاح هذا المسار ولكنها ضعيفة ،نتحدث هنا عن القضاء الذي يفتقر إلى الإمكانيات سواء المادية أو البشرية وكذلك على مستوى التكوين والتخصص في الملفات المتعلقة بالفساد ،هذا إلى جانب غياب الاستقلالية المطلوبة للقاضي على حدّ تعبير القاضي الإداري والعضو بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد محمد العيادي في تصريح تلفزي مؤخرا والذي سلّط الضوء أيضا على مسألة أخرى مهمة وهي توفير الحماية الأمنية للقضاة المتعهدين بتلك الملفات باعتبارها جزءا من محاربة الفساد. وضع لا بد من تغييره لأن القضاء لا يمكنه خوض هذه المعركة بمفرده ولا بدّ من حرب حقيقية وضروس للإطاحة بالحيتان الكبيرة في مجال الفساد والتهريب وتهديد امن الدولة،علما وان الأمر أصبح خطيرا للغاية عندما يخرج وزير العدل ويصرّح بأن الفساد أصبح يهدد كيان الدولة وشوقي الطبيب يقول أصبحنا في دولة مافيوزية.
في ذات الإطار أدى رئيس الحكومة يوسف الشاهد مرفوقا بوزير العدل غازي الجريبي مؤخرا زيارة إلى القطب القضائي المالي للوقوف على ظروف عمل القضاة والإمكانيات المتاحة لهم ولكن الأهم هي الخطوة ما بعد معاينة الوضع حتى لا يتكرر نفس السيناريو زيارات وتقارير ووعود تبقى حبرا على ورق خاصة وانه من المنتظر أن يتعهد القضاء وتحديدا القطب المذكور بحزمة من الملفات على خلفية سلسلة الإيقافات الأخيرة،قضايا من الحجم الثقيل وتتطلب قضاة أيضا من الحجم الثقيل على جميع المستويات وإمكانيات كبيرة لتحقيق النتائج المرجوة لأن الفائدة ليست في تراكم الملفات والقضايا والموقوفين بل في سرعة الفصل والنجاعة أيضا حتى لا تصبح الحرب على الفساد مجرد فزاعة.من جهة أخرى وبمعاينة الوضع على ارض الواقع نجد قطبا يفتقر إلى الإمكانيات المادية ونقصا في الإطار القضائي إلى جانب غياب الحماية الأمنية للقضاة سواء بالقطب المذكور أو ذلك المختص في قضايا الإرهاب إلى جانب نقص التكوين في الاختصاصات المطلوبة.
وللتذكير فإن لغة الأرقام تدل على وجود إشكال ما في مسألة ملفات الفساد المحالة على القضاء وبطء الفصل فيها فهناك من يرجعها إلى غياب الإرادة السياسية في فتحها وخاصة الثقيلة منها وهناك من ارجع الأمر إلى إمكانيات القضاء الضعيفة وبين هذا وذاك حديث عن الجرأة في اتخاذ القرار.
ماذا عن هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد
الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ورغم الإمكانيات شبه المعدومة على جميع المستويات.....