ظاهرة التعذيب في تونس: « 300 شكاية لـم يقع البت فيها وطريق مناهضة التعذيب لاتزال طويلة في الأذهان و القوانين و على أرض الواقع»

ما كان يحدث بين القضبان وفي دهاليز وزارة الداخلية من تعذيب وانتهاك لحقوق الإنسان في عهد الرئيس السابق هو من المواضيع الممنوعة عن الأضواء فلا أحد يتجرأ للخوض فيها أو حتى مجرد التفكير في ذلك،اليوم وبعد اندلاع الثورة انكسر جدار

الصمت ورفع الستار عن تلك الانتهاكات وحجم فظاعتها وأصبح الحديث في الموضوع أمرا مباحا والسعي إلى مناهضة هذه الظاهرة أولوية من أولويات الحكومات المتعاقبة منذ ست سنوات ،8 ماي من كل سنة أراده المجتمع المدني أن يتم إدراجه يوما وطنيا لمناهضة التعذيب ،مطلب تقدموا به إلى منصف المرزوقي سنة 2012 بصفته رئيسا للجمهورية آنذاك ومنه إلى الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي ولكن لم يتم إلى اليوم الاستجابة إلى هذا المطلب، تاريخ أردنا من خلاله أن نقف على حقيقة ظاهرة التعذيب في تونس اليوم وما مدى تقدم مسار مقاومته والوقاية منه على المستوى الهيكلي والتشريعي والواقعي. ملف تحدثنا فيه مع لطفي عز الدين عضو الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب.

للتذكير فإن آلافا من ضحايا الانتهاكات بمختلف أنواعها من اغتصاب وتعذيب وغيرها قد تقدموا بملفاتهم إلى هيئة الحقيقة والكرامة باعتبارها مكلفة بمسار العدالة الانتقالية من خلال جبر الضرر وردّ الاعتبار لهم.

«بطء غير مبرر للتحقيقات القضائية»
ممارسة التعذيب في السابق كانت وكما سبق واشرنا تتم خلف أبواب مغلقة وفي غرف مظلمة وبطريقة اقل ما يقال عنها أنها بشعة وفظيعة عندما يتحدث احد الضحايا عن قصّته مع التعذيب وويلاته تقشعر أبدان السامعين وتدمع أعينهم لفظاعة الصورة التي ترسم في مخيلته من خلال روايات وحكايات أحيانا تفوق الخيال إذ يتفنن الجلاّد في تعذيب ضحيته لأنه يطبق التعليمات من جهة ولا احد يحاسبه ،اليوم وبعد سنوات من الثورة كثر الحديث في زمن ليس ببعيد عن أن التعذيب أو سوء المعاملة كما يسميه البعض لا يزال موجودا خاصة في مراكز الإيقاف ولكن ليس كالسابق ،هنا علق محدثنا لطفي عز الدين فقال « تقدم ملحوظ مسجل داخل الوحدات السجنية في التعاطي مع النزلاء واحترام حقوقهم في المقابل تواصل التشكيات من سوء المعاملة داخل مراكز الأمن كما يسجل إلى حد الآن بطء غير مبرر للتحقيقات القضائية في الشكايات المرفوعة من قبل ضحايا انتهاكات مما أدى إلى إحساس عام بعدم جدوى التشكي و بالتالي تكريس الإفلات من العقاب ، أما على مستوى لغة الأرقام فقد أفادنا عز الدين بأنه ووفق الإحصائيات التي قدمها ممثل عن وزارة العدل في الاستعراض الدوري الشامل هناك 300 شكاية أمام القضاء لم يقع البت فيها لحد الآن ،كل ذلك يجعلنا نقول إن طريق مناهضة التعذيب لاتزال طويلة في الأذهان و في القوانين و على ارض الواقع».

رسالة
وقدم محدثنا جملة من الخطوات الهامة لتحقيق جزء مما نصبو إليه في مجال مناهضة التعذيب فقال «لا بد من إصدار أمر التنظيم الهيكلي و أمر النظام الأساسي للأعوان بالنسبة للهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب وتنقيح الفصل 101 مكرر من المجلة الجزائية لجعله متطابقا مع اتفاقية مناهضة التعذيب ،بالإضافة إلى توسيع صلاحيات قاضي تنفيذ العقوبات وفرض الفحص الطبي الإجباري عند الإيقاف وفرض التحقيق الإجباري المباشر من قبل قاضي التحقيق في شكايات التعذيب» للإشارة فإن الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب تعتبر جزءا من المسار والتي لم يتم تركيزها إلا في موفى مارس 2016 رغم أن القانون المنظم لها جاهز منذ 2013 وذلك بسبب عزوف عن الترشح في بعض الاختصاصات ولكن هذا الهيكل ورغم أهميته لم يتحصل على ابسط الإمكانيات التي تمكنه من أداء مهامه كما يجب.

متى يتم إقراره رسميا؟
اختيار تاريخ 8 ماي من كلّ سنة ليكون يوما وطنيا لمناهضة التعذيب لم يكن اعتباطيا بل له دلالات رمزية اذ يتزامن مع ذكرى اغتيال المناضل نبيل بركاتي الذي مات تحت.....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115