والاستبداد وأمواله المنهوبة. بعد الثورة رفع الستار عن حزمة من ملفات الفساد التي اقل ما يقال عنها أنها ثقيلة وخطيرة ،اليوم وبعد مرور ست سنوات على تاريخ 14 جانفي 2011 لم نر شيئا يذكر في تلك الملفات وبقيت أسئلة عديدة تخامر الرأي العام ما هو مصير هذه القضايا ؟ هل غابت الإرادة في مكافحة الفساد وبقي الأمر مجرد شعار؟ ،من جهة أخرى في كلّ مرة يتهم القضاء وخاصة العاملين منهم بالقطب القضائي المالي المختص في هذا الصنف من القضايا بأنه بطيء في فصل الملفات وهو من جهته يعتبر النتائج التي حققها جيدة مقارنة بالإمكانيات المتوفرة لديه حيث يعاني من نقص في الإطار البشري،بقطع النظر عن كل ذلك فالأمر يؤكد وجود إشكال في هذا المسار وفق عديد الملاحظين فمن المسؤول عنه؟ وماهي حقيقة ما يجري؟ وهل ستفتح هذه الملفات بعد أن تم سنّ ترسانة قانونية جديدة من بينها قانون حماية المبلغين؟.
مسار العدالة الانتقالية الذي والى اليوم لم ينطلق فعليا بسبب عدّة عثرات مبني على أساس المصارحة، فالمحاسبة ثم المصالحة ولكن ما نراه اليوم هو القفز بدرجتين وإرادة البدء بالمصالحة وهذا يوحي بأن مكافحة الفساد وفتح الملفات الخطيرة حلم صعب التحقيق إن لم نقل مستحيلا.
«مهما غفرنا هناك إشكال»
القطب القضائي المالي متعهد بأكثر من 300 ملف فساد مالي وإداري من بينها قضايا خطيرة من العيار الثقيل ولكنها لم تفتح ولم ينفض عليها الغبار إلى اليوم رغم مرور ست سنوات على نشرها وعلى الثورة التونسية وهو ما يفتح الباب للتساؤل لماذا كل هذا التعطيل وماهي الأسباب؟ أسئلة عندما تطرح من الجانب القضائي وبالنظر إلى القطب المالي تكون الإجابة العمل طبقا للظروف المتوفرة والنتائج التي وصل إليها القضاة مرضية مقارنة بالإمكانيات وعندما تطرح ذات الأسئلة من الناحية القانونية أو الإرادة السياسية فالأمر يختلف فهناك من يقول أن الحكومات تعاقبت والنتائج نفسها وهناك من يرجع الأمر إلى غياب الترسانة القانونية اللازمة لمكافحة الفساد من خلال فتح الملفات الثقيلة ومحاسبة المفسدين المتورطين فيها، اليوم وبعد أن سنّت النصوص القانونية في جزء كبير ومهم منها هل تخرجها من الرفوف وتنفض عنها غبار ست سنوات لتكشف عن الحقائق الخفية؟ خاصة وأن مكافحة الفساد هي من أهم النقاط التي تضمنتها ما عرف بوثيقة قرطاج.
في هذا السياق علق احمد صواب في احد البرامج التلفزية وهو قاضي إداري متقاعد وكان عضوا معينا بالصفة في المجلس الأعلى للقضاء فقال «هناك ملفات فساد تمرّ دون معرفة حتى فحواها على غرار ملف احد الذين ترشحوا للرئاسة الذي تسلم أموالا قدرت بالمليارات من الخارج ،ملف لم نعلم عنه شيئا إلى اليوم ،بالإضافة إلى ملف الوكالة التونسية للاتصال الخارجي (ATCE) الذي اعتبره من اخطر الملفات وهو منشور منذ مارس 2011 والى اليوم لا جديد يذكر فيه علما وان التقارير والوثائق المقدمة للنيابة العمومية موثقة كتابة وصوتا وصورة» هذا وأضاف صواب بأن أكثر من 300 ملف بين أيدي خيرة الأساتذة : 3 عمداء،6 قضاة تحقيق،3مختصين في المالية الاقتصادية،مدير عام دفتر خانة ومحامي لدى التعقيب فبإجراء عملية حسابية بسيطة اذا يبت كل قاض في ملفين اثنين وعدد قضاة القطب 8 في ست سنوات سيتم الفصل في 96 ملف وربما 100 ملف وبالتالي مهما غفرنا يبقى هناك إشكال،كما أن الهياكل القضائية المساندة للقضاء من جمعية ونقابات مقصرون إذ كانا نستطيع الضغط ولو من وراء الستار للدفع نحو التسريع في فصل ملفات الفساد».
ملفات من لجنة عبد الفتاح عمر إلى هيئة مكافحة الفساد
كما هو معلوم فقد تم منذ 2011 تركيز لجنة وطنية تعنى بملفات الفساد والرشوة سميت بلجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد ترأسها المرحوم عبد الفتاح عمر آنذاك،ليتم تعويضها فيما بعد بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الموجودة اليوم ،فعدد الملفات المودعة لدى الجهتين فاق 12 ألف ملف متعلقة بالرشوة والفساد ،1200 ملف منشورة لدى القضاء منذ 2011 وأكثر من 120 آخرين قدموا مؤخرا ولكن الفصل فيها وصف بالبطيء جدا اذ بلغت النسبة 10 % فقط كما انه من حيث الأهمية لم نر الشيء الكثير فالملفات الثقيلة منها المتعلقة بخوصصة المؤسسات الوطنية، ملفات الفساد البنكي وغيرها من الملفات الثقيلة لم يتم فتحها بعد وتتعلق بوزراء سابقين ووبعائلة الرئيس السابق وأصهاره وموظفين عموميين.إن كانت التعلّة قانونية فهذا الأمر حسم بعد أن أعدت الحكومة القوانين اللازمة وبالتالي فعليها أن تثبت إرادتها في مكافحة الفساد من خلال حسن تطبيق القوانين حتى لا تبقى هي أيضا حبيسة الرفوف وحبرا على ورق نلمع بها صورة تونس في المحافل الدولية فقط أي ديكورا خارجيا.