رئيس مجلس نواب الشعب الصلاحيات الموكولة له في القانون المنقح وتحديدا الفصل الرابع منه الذي ينص على أن «تتم الدعوة وجوبا لانعقاد أول جلسة للمجلس الأعلى للقضاء من قبل رئيس مجلس نواب الشعب وعند التعذر من قبل احد نائبيه في اجل أقصاه سبعة أيام من تاريخ دخول هذا القانون حيز النفاذ ولا تكون هذه الدعوة قابلة للطعن بأي وجه من الأوجه ولو كان بدعوى تجاوز السلطة»،خطوة وبقطع النظر عن الخلافات والمواقف المختلفة الذي خلفها التدخل الحكومي في الموضوع فإنه هناك من يعتبر أن هذه الخطوة هي في الاتجاه الصحيح.
وللتذكير فإن أزمة المجلس الأعلى للقضاء قد انطلقت منذ أكتوبر المنقضي عندما تم الإعلان عن تركيبته التي أفرزتها عملية انتخابية هلّل لها كل المتداخلين في الشأن القضائي ولكنها فرحة لم تدم طويلا وسرعانما اشتعلت نيران التجاذبات والحسابات بين أهل القطاع أنفسهم.
الجلسة الأولى و لقاء الشقين
وجه رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر صباح أمس الثلاثاء 25 افريل الجاري دعوة إلــى أعضاء المجلس الأعلى للقضاء لحضور الجلسة الأولى للمجلس المذكور و المزمع عقدها يوم الجمعة 28 أفريل 2017 على الساعة العاشرة صباحا بالمقر الفرعي لمجلس نواب الشعب بباردو، خطوة طبق فيها الناصر القانون وقام بالمهمة الموكولة له وبالتالي فمن المنتظر أن تكشف الجلسة المذكورة عن أسرارها وعن المسار الذي سيذهب فيه المجلس الأعلى للقضاء فهل سيمتثل جميع الأعضاء ويلبون الدعوة ويضعون خلافاتهم كلّها جانبا ويجلسون إلى طاولة واحدة للنقاش والانطلاق في أشغال المجلس من سدّ الشغورات وتركيز المجالس لتنطلق رحلة ممارسة هذا الهيكل لمهامه المتعلقة بالمسار المهني للقضاة كالترقيات والنقل وكذلك فتح ملفات الشغورات بعد إحالة عدد كبير من القضاة في مختلف المحاكم على التقاعد وعلى مستوى ابعد فإن تركيز المجلس يفتح الطريق لتركيز المحكمة الدستورية أم ستدخل الأمور في منعرج آخر والعمل بسياسة ليّ الذراع،كلّ الاحتمالات واردة خاصة وأن الأعضاء الرافضين لتدخل السلطة التنفيذية في نظيرتها القضائية عددهم يفوق العشرين وهم الممضون في المقابل على مبادرة أخرى تقدم بها ثلاثة قضاة معينين بالصفة في المجلس الأعلى للقضاء والذين اعتبروا أن المبادرة التشريعية هي ضرب من ضروب الالتفاف على القضاء.
ماذا عن النصاب؟
الفقرة الرابعة من الفصل 36 من القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء بعد تنقيحه تنصّ على أنه وفي صورة عدم توفر النصاب المنصوص عليه بالفقرة السابقة أي الثالثة ،تنعقد الجلسة صحيحة بعد ساعة على ان لا يقل الحضور عن الثلث، ولكن هذه المسألة قد تطرح إشكالا في احتساب الثلث خاصة في ظل الشغورات التي عرفها المجلس الأعلى للقضاء سواء المنجرة عن إحالات على التقاعد بعد أشهر من تعيينهم وهم احمد الصواب ورضوان الوارث أو من أحيلوا قبل ذلك وهو ما يفتح باب التأويل فيما يتعلق بالنصاب فعدد أعضاء المجلس وفق ما يقوله القانون 45 عضوا بين منتخبين ومعينين بالصفة ولكن الموجودين فعليا اليوم هم 40 عضوا فقط وهنا يطرح السؤال هل احتساب نصاب الثلث يكون على أساس مجموع الأعضاء الموجودين واقعا أم قانونا وهذا يمكن أن يكون محلّ جدل بين المعنيين بالأمر . وللإشارة فإن المحكمة الإدارية تواصل النظر في مطلب توقيف تنفيذ رفض تسمية الرئيس الأول لمحكمة التعقيب في انتظار صدور قرارها علما وان هذه الأخيرة قد أصدرت سابقا قرارين اثنين الاول يقضي بتأجيل تنفيذ القرارات الصادرة عن اجتماعات المجلس الأعلى للقضاء والثاني يقضي بإيقاف تنفيذها وأقرت بوجود الهيئة الوقتية للقضاء العدلي وذلك قبل يوم من المصادقة على المبادرة التشريعية.