لمراقبة دستورية مشاريع القوانين ولكن ما حدث ويحدث منذ ذلك التاريخ لم يجعل الأمور تسير على أكمل وجه إذ أن فرحة القضاة بانتخاب المجلس الأعلى للقضاء لم تكتمل بل هي نقطة رفعت الستار عن حالة من الاحتقان وحقيقة العلاقة بين الهياكل القضائية وحجم التجاذبات والحسابات القطاعية الضيقة وبذلك دخلت السلطة القضائية في منعرج وصف بالخطير تواصل لأشهر ولم يهتد فيه القضاة إلى اتفاق وخاصة منهم أعضاء المجلس الذين انقسموا إلى مجموعتين رغم وجود مبادرة قضائية،انقسام مثل بابا دخلت منه الحكومة لفضّ النزاع وحلّ الأزمة التي طالت وأثرت على حسن سير المرفق وذلك باقتراح مبادرة تشريعية تمت المصادقة عليها وختمها من قبل رئاسة الجمهورية بعد أن تعذّر على الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين النظر في الطعن المقدم من قبل النواب بسبب عدم اكتمال النصاب.
وللتذكير فإن المبادرة القضائية والتي تقدم بها ثلاثة قضاة من المعينين بالصفة في المجلس الأعلى للقضاء لاقت مساندة وإمضاء 28 عضوا من أعضاء المجلس المذكور وجمعية القضاة مقابل معارضة البقية ينضاف إليهم كل من اتحاد القضاة الإداريين ،نقابة القضاة واتحاد قضاة دائرة المحاسبات.
التاريخ يعيد نفسه
في مثل هذا الشهر من السنة الفارطة وتحديدا في الثامن والعشرين منه قرر رئيس الجمهورية ختم القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء بعد سنوات من التجاذبات والاحترازات ووابل الاحتجاجات والإضرابات من قبل جمعية القضاة التي عبّرت عن استيائها وخيبة أملها لختم القانون وهو يتضمن سلسلة من الخروقات على حدّ وصفها ،هاهو التاريخ يعيد نفسه وخيبة أمل أخرى تعلن عنها ذات الجمعية وذلك بعد أن ختم الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية بتاريخ 18 افريل الجاري القانون الأساسي المتعلق بتنقيح وإتمام القانون الأساسي عدد 34 لسنة 2016 المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء أو ما بات يعرف بالمبادرة التشريعية حيث اعتبر أن الأمر تم رغم عدم بتّ الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين في دستوريته ورغم جدية الطعن فيه من قبل 37 نائبا في مجلس نواب الشعب معربة عن مخاوفها الجدية من خيار استبعاد الحلول السلمية لأزمة المجلس الأعلى للقضاء لعدم تطبيق قرارات المحكمة الإدارية الصادرة في 27 مارس الماضي وتجاهل المبادرة القضائية التوافقية لأكثر من ثلثي أعضاء المجلس وذلك وفق ما جاء في بيان صادر عن مكتبها التنفيذي الذي اعتبر أن هذا التمشي سيؤثر على استقرار المؤسسة وعلى تماسكها بما سيضعف استقلاليتها واستقلال القضاء».
7 أيام اجل الدعوة إلى الانعقاد
بدأ العدّ التنازلي لحساب الآجال القانونية المحدّدة لدعوة المجلس الأعلى للقضاء للانعقاد في أولى جلساته حيث ينصّ القانون الأساسي المتعلق بإتمام وتنقيح القانون عدد 34 وتحديدا في فصله الرابع على أن تتم الدعوة وجوبا من قبل رئيس مجلس نواب الشعب وعند التعذّر من قبل احد نائبيه في اجل أقصاه 7 أيام من تاريخ دخول هذا القانون حيّز النفاذ،وبذلك فإن الكرة الآن في ملعب محمد الناصر علما وانه طبقا للقانون القديم قبل التنقيح فإن هذه المهمة أوكلت إلى رئيس الهيئة والوقتية للإشراف على القضاء العدلي الذي لم يقم بها إلى أن وصل موعد إحالته على التقاعد والدخول في طريق وصف بالمسدود.ختم المبادرة التشريعية لئن لم يرض جميع الأطراف سواء من الهياكل القضائية أو من أعضاء المجلس في حدّ ذاته إلا أن الأخيرين سيجتمعون مجبرين وليسوا مخيرين ما إن يدعوهم رئيس مجلس النواب لذلك ،فعملية الختم أنهت الأزمة على المستوى القانوني ولكنها لم تضع حدّا لحالة الاحتقان والقطيعة التي تسود المشهد القضائي عامة والعلاقة بين الهياكل القضائية وأعضاء المجلس وهو ما يفتح الباب لطرح حزمة من الأسئلة كيف سيكون سير العمل بين الأعضاء في ظل الانشقاق الذي كانوا فيه؟ وما مدى تأثير ذلك على حسن سير أعمال المجلس؟ ، أسئلة ربما تجيبنا عنها الأيام القليلة القادمة عندما تنطلق أشغال المجلس فعليا سنتأمل ما سيحدث. فهل سيضع الجميع مصلحة القطاع فوق كل الاعتبارات ووضع حدّ لحالة التعطيل السائدة منذ سنوات وإرساء بقية الهيئات القضائية على غرار المحكمة الدستورية التي بقيت رهينة المجلس سالف الذكر والوضع الذي لم يعد يحتمل المزيد من التأخير أم ستتجدد الاحتجاجات وربما نشهد استقالات من بين أعضاء المجلس غير المساندين للمبادرة التشريعية.