تنفيذا لقرارات المجلس الوطني الطارئ المنعقد في 18 مارس الجاري، نفّذت صباح أمس الثلاثاء جمعية القضاة التونسيين وقفة احتجاجية امام مقرّ مجلس نواب الشعب للتعبير عن رفضها لما اعتبرته التصحيح التشريعي، نظرا لما يمثله من خطورة على مستقبل القضاء بصفة عامّة.
جمعية القضاة تنتفض
طالبت جمعية القضاة التونسيين رئيس الحكومة يوسف الشاهد بالسحب الفوري للمبادرة التشريعية المتعلقة بتنقيح قانون المجلس الأعلى للقضاء التي أصبحت غير ذات موضوع طبق قرارات المحكمة الإدارية، على حدّ تعبيرها. ودعت نواب مجلس نواب الشعب إلى عدم المصادقة على المبادرة التشريعية احتراما لمقتضيات الدستور وإنفاذا لقرارات المحكمة الإدارية وحماية للشرعية ودولة القانون.
وقد رفع أعضاء الجمعية من مختلف الاقضية العدلية والإدارية والمالية، العديد من الشعارات المنادية باستقلال القضاء، والرافضة لمحاولات السلطة التنفيذية وضع يدّها على المجلس الأعلى للقضاء والناي به عن التجاذبات الحزبية والسياسية من بينها «حريات حريات لا قضاء التعليمات» و»يا تشريعي فيق فيق التنفيذ يورّط فيك» و»القانون القانون لا قضاء التلفون» و»يا تشريعي شي غريب وينو رئيس التعقيب» ويا نائب التحق القضية تستحق»...
«سلامة قرارات هيئة القضاء العدلي»
اتخذت المحكمة الإدارية، مساء أول أمس الاثنين، 10 قرارات تعلقت بتوقيف قرارات منبثقة عن اجتماعات سابقة صدرت باسم المجلس الأعلى للقضاء وأكّدت مواصلة الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي لمهامها إلى حين تركيز المجلس وفق ما أكده رئيس وحدة الاتصال والإعلام بالمحكمة الإدارية. وأوضح ذات المصدر بانّ المحكمة تمكنت من إنهاء الجدل والاختلافات في القراءات القانونية التي ظهرت فور انعقاد الاجتماع الأول لعدد من أعضاء المجلس الأعلى للقضاء في 29 ديسمبر 2016 والذي انبثقت عنه جملة من القرارات، صدرت في حقها أحكام استعجالية تقضي بتأجيل التنفذ.
وأوضح رئيس وحدة الاتصال والإعلام بالمحكمة الإدارية ان المحكمة استندت في قرارتها الى الفصلين 148 من الدستور و74 من قانون المجلس الاعلى للقضاء، اللذين يؤكّدان انّ هيئة القضاء العدلي تواصل مهامها الى حين يتمّ تركيز المجلس الأعلى للقضاء.
كما اعتبرت المحكمة الإدارية انّه طالما لم يتمّ سدّ الشغورات الحاصلة في عدد من المناصب القضائية السامية المعينة بصفتها في تركيبة المجلس الاعلى للقضاء فانّ تركيز المجلس لم يتم بعد.
وبخصوص الترشيحات التي سبق وانّ قدّمتها الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي لرئاسة الحكومة من اجل إعطائها الصبغة القانونية، والمتعلقة أساسا ببعض المناصب القضائية السامية من بينها رئاسة محكمة التعقيب، اكّدت المحكمة الإدارية انّها سليمة وانّه كان من المفروض ان يقوم رئيس الحكومة بإمضائها طبقا لأحكام الدستور والقانون.
وكانت الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي، منذ الإعلان عن النتائج النهائية لانتخابات المجلس الأعلى للقضاء، قد تعرّضت الى موجة من الانتقادات التي وصلت الى حدّ التشكيك في شرعيتها. تباينت الاراء حولها واختلفت، فقد اعتبرت بعض الهياكل القضائية انّ وجودها انعدم بمجرّد أداء أعضاء المجلس الأعلى للقضاء لليمين الدستورية امام رئاسة الجمهورية، ودعت بذلك رئاسة الحكومة الى عدم الإمضاء على الترشيحات التي كانت قد تقدمت بها منذ نوفمير 2016 لسدّ شغورات تعلقت بمنصاب قضائية سامية ومن بينها رئاسة محكمة التعقيب.
من جهة أخرى تمسكت هياكل قضائية أخرى بوجود الهيئة ومواصلتها لمهامها الى أنّ يتمّ التركيز الفعلي للمجلس الأعلى للقضاء، وانه طالما توجد شغورات في التركيبة فانّ المجلس لن يتركز.
انعكس هذا الصراع على أعضاء المجلس الأعلى للقضاء، حيث انقسموا بدورهم الى شقيّن كل منهم يتبنى فكرة الهيكل الذي ينتمي إليه الأمر الذي حال دون الوصول الى أي حلّ توافقي فيما بينهم.
انتهى الصراع تقريبا الى مبادرتين. تعلقت الأولى بالمبادرة الصادرة عن كلّ من من الرئيس الأوّل للمحكمة الإداريّة ورئيس المحكمة العقاريّة ووكيل الرئيس الأوّل لدائرة المحاسبات، تمّ امضاؤها من قبل اكثر من ثلثي أعضاء المجلس.
اما الثانية فهي المبادرة التشريعية الصادرة عن وزارة العدل والمتعلقة أساسا بإجراء تنقيحات على بعض فصول قانون المجلس الأعلى للقضاء.
ويجدر التذكير في هذا الصدد بانّ وزير العدل غازي الجريبي كان قد اكّد لدى لجنة التشريع العام بالبرلمان أن المبادرة التشريعية التى تقدمت بها الحكومة بخصوص المجلس الأعلى للقضاء، تهدف اساسا الى حلحلة الأزمة، مؤكدا انّ 5 هياكل نقابية قضائية كانت قد طلبت من رئيس الحكومة كتابيا عدم الإمضاء على الترشيحات التي قدمتها الهيئة الوقتية للقضاء العدلي لانطوائها على إخلالات فادحة.
مشروع قانون أساسي يتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 34 لسنة 2016 المؤرخ في 28 افريل 2016 المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء
الفصل الاول: تعوّض عبارة «عن النصف» الواردة بالفقرة الثالثة من الفصل 36 من القانون الأساسي عدد 34 لسنة 2016 المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء بعبارة «الثلث».
فصل 2: تضاف الى الفصل 73 من القانون الأساسي عدد 34 لسنة 2016 المؤرخ في في 28 افريل 2016 المتعلق بالمجلس الاعلى للقضاء فقرة ثالثة فيما يلي نصّها:
فصل 73 فقرة ثالثة : في صورة وجود شغور بالمجلس الأعلى للقضاء او بأحد المجالس القضائية يتم انتخاب رئيس ونائب مؤقتين بالمجلس المعني يمارسان مهامهما الى حين سدّ الشغور وانتخاب رئيس ونائب له.
الفصل 3: تلغى أحكام الفقرة الثانية من الفصل 73 من القانون الاساسي عدد 34 لسنة 2016 المؤرخ في 28 أفريل 2016 بالمجلس الاعلى للقضاء .
الفصل 4: تتم الدعوة لانعقاد اول جلسة للمجلس الاعلى للقضاء من قبل رئيس مجلس نواب الشعب في اجل اقصاه 10 أيام من تاريخ دخول هذا القانون حيز النفاذ. ولا تكون هذه الدعوة قابلة للطعن بأي وجه من الاوجه ولو بدعوى تجاوز السلطة.
«على الجهات المعنية تحمّل مسؤولياتها»
من جهته اعتبر رئيس المحكمة العقارية رضوان الوارثي المعين بصفته في تركيبة المجلس الأعلى للقضاء، انّه ورغم نجاح المبادرة القضائية التي حازت على موافقة أكثر من ثلثي الأعضاء في جلسة رسمية عقدت بعد دعوة كل الأعضاء يوم 2 مارس 2017 بمقر دائرة المحاسبات والتي تم تجاهلها. وأكد انه بعد أن تمت المطالبة بضرورة موافقة كل أعضاء المجلس، قام أصحاب المبادرة التوافقية بالاتصال بكافة الاعضاء المتمسكين بالمبادرة التشريعية من اجل عقد جلسة للمجلس الأعلى ليقرر أعضاؤه ما يرونه من حلول دون شروط مسبقة إلا أنهم رفضوا الجلوس إلى طاولة الحوار على حدّ تعبيره.
وحمّل مسؤولية ما ستؤول إليه الأمور بخصوص مسار تركيز المجلس الأعلى للقضاء الى الجهات المعنية.