الخلافات بين جمعية القضاة وبقية الهياكل تتعمق شيئا فشيئا ووصلت حدّ تبادل الاتهامات والتشكيك وهو حتما ما لا يخدم الصالح القضائي الذي لا يزال يشهد عثرات في مساره نحو الوضع الدائم.
«وهم التمثيلية»
أكد فيصل البوسليمي في مستهل حديثه خلال الندوة الصحفية التي عقدت بأن نقابة القضاة أول من دعا اعضاء المجلس الاعلى للقضاء إلى الاجتماع وإيجاد حلّ توافقي فيما بينهم إلا أن هذه المبادرة لاقت صدا من عديد الأطراف وخاصة المكتب التنفيذي لجمعية القضاة ودعاها الى التخلي على ما اسماه وهم التمثيلية والى أن تثوب إلى رشدها على حدّ قوله ،كما صرّح في نفس السياق بأن «الاضرابات التي نفذتها الجمعية لم ترتق إلى النسب المأمولة و95 % التي تحدثت عنها هذه الاخيرة هي من باب التمويه لأن القضاة مارسوا أعمالهم في جميع المحاكم واثبت الواقع أن الجمعية هيكل غير ممثل للقضاة « أما بخصوص المجلس الأعلى للقضاء فقد وصف البوسليمي المبادرة التشريعية بالحلّ المرّ وقال «جميع المساعي التوافقية ساندناها ولكنها باءت بالفشل فاضطررنا الى اللجوء إلى الحلّ التشريعي لأنه الخيار الوحيد المتبقي وفي صورة وجد أعضاء المجلس الأعلى للقضاء توافقا فيما بينهم قبل جلسة يوم 28 مارس الجاري المخصصة للمصادقة على المبادرة فنحن نبارك ذلك ونسانده»
«خلاف جوهري مع المشرفين على الجمعية»
من جهته وصف وليد الهلالي رئيس اتحاد القضاة الإداريين العلاقة بين جمعية القضاة وبقية الهياكل التي نظمت الندوة بالمتوترة وذلك منذ سنة 2011 عندما تم إحداث الاتحاد والنقابة اللذين سعيا إلى التنسيق معها ولكنها رفضت العمل المشترك واختارت العزف المنفرد بل أكثر من ذلك فقد وصل الأمر إلى التشكيك في نزاهة واستقلالية القضاة الساهرين على هذه الهياكل وعمقت الشرخ على حدّ تعبيره وقال أيضا «جمعية القضاة خاضعة لقانون الجمعيات وليس لقانون النقابات وبالتالي ليس لها الحق في الدعوة إلى الاضرابات ولا أن تطالب بالمفاوضة أو التفاوض مع الحكومة في خصوص الزيادة في أجور القضاة ولكن إشكالنا ليس مع الجمعية كهيكل وإنما الخلاف اليوم أصبح جوهريا مع الأشخاص الساهرين عليها الذين اثبتوا أنهم غير قادرين على الدفاع عن حقوق القاضي وادخلوا إرباكا كبيرا في القطاع» وفي حديثه عن أزمة المجلس الأعلى للقضاء والمبادرة التشريعية أوضح الهلالي أنه يمكن أن ندخل في أزمة دولة في حال تواصل هذا الوضع فمنذ سبتمبر والى اليوم تنادي الهياكل القضائية بالتوافق بين أعضاء المجلس دون جدوى وبالتالي لا بد من التدخل التشريعي لأن الإجراءات الجديدة التي تم اتخاذها لإحداث دوائر جهوية تتطلب تسمية رؤساء لها وهي مهمة المجلس الذي لم يتركز بعد علما وأن الجمعية تسببت في الإساءة للقضاة وتعميق الأزمة».
«تسميات لا تتوفر فيها الشروط»
اتحاد قضاة دائرة المحاسبات عن القضاء المالي كان حاضرا أيضا والذي تأسس منذ ماي 2015 ضمّ صوته إلى أصوات بقية الهياكل المساندة للحلّ التشريعي في أزمة المجلس الأعلى للقضاء حيث قالت رئيسته فاطمة قرط «الاتحاد سعى إلى التعامل مع الشأن القضائي بكل مهنية بالتنسيق مع بقية الهياكل وأول محطة في مساره هي تركيز المجلس الأعلى للقضاء لحماية القاضي أولا والمتقاضي ثانيا ،أملنا كان في التوافق بين أعضاء المجلس ولكن هذا لم يحصل وما يسمى بتوافق 28 تشوبه اخلالات فمن بين التسميات المقترحة 2 لا تتوفر فيهما الشروط القانونية وسيحالان على التقاعد أواخر هذا الشهر والإصرار على هذه التسميات يوحي بإرادة فرض أشخاص بعينهم نظرا للخسارة الفادحة التي تكبدتها الجمعية في الانتخابات».
«تضارب المصالح»
اعتبرت فاطمة قرط عن اتحاد القضاء المالي لدائرة المحاسبات الإجراءات التي تم اتخاذها من قبل الحكومة لتعزيز القضاء المالي بعيدة عن الواقع فدعمه بـ20 قاضيا فقط غير كاف لأن العدد الجملي للقضاة في دائرة المحاسبات اليوم عن القضاء المالي 150 مع الزيادة تصبح 170 وهو عدد ضئيل جدا مقارنة بعدد البلديات،هذا وطالبت بتدعيم الإطار البشري بــ40 قاضيا إضافيا على الأقل وبتركيز دوائر أخرى بدائرة المحاسبات بالإضافة إلى ضرورة انتداب كتبة وأعوان إذ تشكو الدائرة نقصا فادحا في هذا المستوى.وقالت قرط في نفس الإطار بأن «هناك مقرات تعاني من إشكالات كبرى فمقر بادرو متداعي للسقوط ومقر الطيب المهيري لا يتسع لعدد القضاة العاملين فيه بالإضافة إلى غياب مكان خاص بحفظ الوثائق التي توجد في الأروقة فكيف سنؤمن على ملفات الانتخابات البلدية الخاصة بالأمور المالية؟،نقطة أخرى هي المتعلقة بإمكانية الاستعانة بمراقبين ومختصين في المحاسبة يطرح إشكال تضارب المصالح لأن هؤلاء هم من يصادقون على القوائم المالية وهم من يراقبونها وهذا غير ممكن ويؤثر على مسار الانتخابات البلدية»
«لا بد من إنجاح المرحلة»
من بين النقاط التي تطرق إليها المنظمون هي مسألة القرارات الحكومية الجديدة لتعزيز القضاء بأصنافه الثلاثة المالي والإداري والعدلي وفي هذا الخصوص قال وليد الهلالي رئيس اتحاد القضاة الإداريين خاصة وان المحكمة الإدارية هي المخولة للنظر في ما يسمى بالنزاع الانتخابي «حدث تاريخي في القضاء الإداري وفي تونس عموما فالتدعيم الذي تقرر سابقة من نوعها والمسؤولية أيضا تاريخية لإنجاح الانتخابات البلدية ولا بد أن تنطلق الاستعدادات من الآن لتكون الأمور جاهزة خلال هذه الصائفة على أقصى تقدير».