ساندت المبادرة الثلاثية الصادرة عن ثلاثة أعضاء معينين بالصفة صلب المجلس الأعلى للقضاء ليرسم بذلك مشهد لا يمكن أن يساهم إلا في تعميق الهوة وتغلب المصالح الشخصية والحسابات الضيقة على مصلحة السلطة القضائية وهو ما جعل نظيرتها التنفيذية تتدخل لإيقاف الأزمة وما ساهمت فيه من تعطيل لإرساء الهيئات القضائية الدستورية.أمام ما يحدث اليوم رصدنا موقف عبد الكريم راجح احد أعضاء المجلس الرافضين للحلّ التشريعي.
وللتذكير فإن المبادرة الثلاثية قد تمت إحالتها على الرئاسات الثلاث للاطلاع عليها أملا في تحرك يوسف الشاهد من خلال إمضاء الترشيحات المبينة في المبادرة ولكن هذا الأخير يبدو أنه أجاب بطريقته من خلال الإسراع باقتراح البديل والمتمثل في مشروع قانون تنقيح القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء.
«التوافق موجود ولكن»
عبر عبد الكريم راجح عضو المجلس الأعلى للقضاء عن الشق المساند للمبادرة الثلاثية عن استغرابه لتقدم رئاسة الحكومة الممثلة في وزارة العدل بمبادرة تشريعية ترمي إلى تعديل القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء والحال أن التوافق موجود حول مبادرة القضاة الثلاثة المعينين بالصفة وقال الراجح في هذا السياق «المبادرة التوافقية أحرزت على أغلبية مريحة حيث أمضى عليها 28 عضوا من جملة 40 تقريبا وقد تمت إحالتها على الرئاسات الثلاث فرئاسة الحكومة من الواضح أنها لا تريد النظر فيها ولا تريد تحمل مسؤولياتها أما رئاسة الجمهورية فإلى اليوم لا نعرف مدى تعاملها مع المبادرة الثلاثية التوافقية والتي ساندتها أغلبية الأعضاء وأكثرهم من القضاء الإداري أي يعرفون القانون جيدا ونأمل أن يكون التفاعل ايجابيا وفي اقرب الآجال باعتبار رئيس الجمهورية ضامنا لاحترام الدستور» وأضاف محدثنا «المبادرة التشريعية التي توجد اليوم لدى لجنة التشريع العام لا موجب لاستمرارها ولاستكمال النقاش فيها كما أنه ليس من الضروري عرضها على الجلسة العامة لأنها تضرب استقلال القضاء وتعمق الشرخ بين القضاة وفي أزمة المجلس عموما ،فالتوافق الذي دعت إليه الحكومة والذي أكدت على أن الحل يجب أن يكون من داخل القضاء هاهو موجود اليوم».
اما في اجابته عن سؤال يتعلق بعدم استبعاد وزير العدل غازي الجريبي سحب المبادرة في صورة توصل القضاة الى اتفاق اجاب الراجح «هذه اعتبرها مغالطة فالتوافق موجود ورغم ذلك تركتها الحكومة جانبا وتقدمت بمقترح التدخل التشريعي»
«الأمل يبقى قائما»
لجنة التشريع العام انطلقت أمس الاثنين 13 مارس الجاري في مناقشة المبادرة التشريعية فصلا فصلا علما وأنها تتضمن أربع نقاط تقريبا منها ما يهم النصاب ومنها ما هو متعلق بمن يدعو المجلس إلى الانعقاد وبالتالي فإنه من المنتظر خلال الأيام القليلة القادمة أن تستكمل اللجنة أعمالها وتحيل الملف إلى مكتب المجلس ولكن هناك نواب صلب اللجنة عبروا عن رفضهم وتخوفهم من هذه الوثيقة ووصفوها بأنها تهدف إلى الالتفاف على القضاء وتهدد استقلاليته وأمام هذا المشهد فإن حظوظ المبادرة في المرور يبدو أنها ضئيلة كما يمكن أن تحدث اللجنة المفاجأة وتعبر عن إعادتها من حيث أتت وهذا مخوّل لها قانونا وفق ما أفادنا به عبد الكريم الراجح الذي قال «نحن نأمل في أن تقرر لجنة التشريع العام إعادة المبادرة التشريعية إلى رئاسة الحكومة لأنها لا تستجيب لمعايير استقلال القضاء وفي صورة مرورها إلى الجلسة العامة فندعو نواب الشعب إلى تحمل مسؤوليتهم و ذلك بالنأي بأنفسهم عن التجاذبات وعن المساهمة في تعميق الأزمة» هذا وأضاف الراجح حول المبادرة التشريعية قائلا «بأي سلطة يدعو رئيس مجلس نواب الشعب المجلس الأعلى للقضاء إلى الانعقاد والتقليص في
النصاب كلّها نقاط لا تمت لاستقلالية القضاء بصلة وتكرس مبدأ تدخل السلطة التنفيذية في نظيرتها القضائية وهذا مرفوض ونأمل في أن يتحرك رئيس الجمهورية كما انه على الحكومة تحمل مسؤوليتها».
وللإشارة فإن لجنة التشريع العام وقبل انطلاقها في مناقشة مشروع المبادرة قامت بالاستماع إلى وزير العدل غازي الجريبي باعتبار الوزارة هي الجهة المقترحة للمبادرة باسم رئاسة الحكومة بالإضافة إلى سماع كل من اتحاد القضاة الإداريين ،نقابة القضاة التونسيين واتحاد قضاة دائرة المحاسبات المساندين للمبادرة التشريعية والمدافعين عنها بوصفها الحلّ الوحيد لازمة المجلس الأعلى للقضاء التي لا يمكن أن تتواصل أكثر على حدّ تعبيرهم ،من جهة أخرى استمعت اللجنة إلى أعضاء المجلس الأعلى للقضاء من الشقين أي الرافض للتدخل التشريعي والمشجع له. هنا علّق عبد الكريم الراجح بالقول «لقد تم سماعنا من قبل لجنة التشريع العام وعبرنا عن تمسكنا بموقفنا الرافض للمبادرة التشريعية مادامت هناك حلول توافقية نابعة من القضاة أنفسهم والمتمثلة في مبادرة ثلاثية لاقت المساندة بالأغلبية علما وان موقفنا لاقى بدوره الترحاب والدعم والتفهم من قبل عدد من النواب صلب اللجنة المذكورة فعلى سبيل المثال نذير بن عمو عن كتلة حركة النهضة عبّر عن امتعاضه من هذه المبادرة وهذا أمر ايجابي ونأمل أن لا تمرّ هذه الأخيرة وباب الحوار مع بقية الزملاء صلب المجلس الأعلى للقضاء يبقى مفتوحا والأمل قائم ولا ينقطع».