كانت جمعية القضاة التونسيين قد دعت الأسبوع الفارط الى تنفيذ إضراب عامّ حضوري بكافة محاكم الجمهورية لمدة يومين وذلك كردة فعل منها على تواصل سياسة التجاهل وغلق باب الحوار من قبل الحكومة وسلطة الإشراف ووضع حد لأسلوب التهميش الذي يعامل به القضاة وتواجه به مطالبهم. علما وانّ الجمعية سبق وانّ نفذت في 27 فيفري المنقضي إضرابا عامّا حضوريا عن العمل لمدّة يوم من اجل نفس المطالب.
«نجاح الإضراب»
وفي تصريح لـ»المغرب» أوضح نائب رئيسة جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي انّ هناك استجابة كبيرة وواسعة جدا من كل القضاة و بأغلب المحاكم الجمهورية وبمختلف الاقضية العدلي والإداري والمالي وقد سجل الإضراب نجاحا بنسبة هامّة تفوق الـ90 % الأمر الذي يدّل على انّ هناك التفافا حول جمعية القضاة التونسيين في مرحلة أولى، وتؤكد شرعية المطالب والمتمثلة أساسا في تحسين الوضع المادي القضاة وتردي ظروف العمل بالمحاكم.
ودعا انس الحمايدي ان تكون الرسالة التي وجهها القضاة قد وصلت الى رئاسة الحكومة لتقوم بتغيير سياسة الإقصاء والتهميش التي تنتهجها والتجاهل ، وان تتعامل معها التعامل الايجابي لأنه من غير المعقول ان لا يتم استقبال القضاة بسماع مشاغلهم اوحتى دعوة اي هيكل قضائي للتحاور والتباحث معه حول المشاكل التي يواجهها المرفق. واعتبر الحمايدي انّ هذا الوضع غير عادي وغير مسبوق وهو يدعو حقيقة الى شديد الانشغال.
هذا ودعا مصدرنا الى ضرورة سماع صوت القضاة حتى لا يضطروا الى اتخاذ اشكال احتجاجية اخرى اكثر حدّة وتصعيدا.
«الصمت الرهيب»
وبخصوص تعامل الحكومة مع مطالب جمعية القضاة، اكّد انس الحمايدي انّه والى حدّ كتابة الأسطر لم تتلق الجمعية اي اتصال من إي جهة رسمية لفتح باب الحوار والنقاش حول مشاغل القضاة والتعاطي معها بالشكل الايجابي الذي يتماشى مع التحركات التي خاضتها الجمعية منذ الأسبوع الفارط.
واعتبر الحمايدي انّ «الصمت الرهيب «للحكومة لم يشمل جميع القطاعات او حتى بعضها وانّما اقتصر على القضاة فحسب، مشيرا في السياق نفسه الى انه « كان من المفروض ان تدعم الحكومة القضاة وتساندهم من اجل انجاح المهام الموكولة اليهم لا ان تدفعهم الى الغضب والتحرك الاحتجاجي الذي وصل تنفيذ إضرابين عامين عن العمل في ظرف 15 يوما فقط».
وأكّد أنّ القضاة لا تزال لديهم بعض الثقة في أن تتراجع الحكومة عن سياسة الإقصاء والتهميش التي تنتهجها تجاه القضاة وان تتعاطى ايجابيا مع المطالب المعروضة عليها.
«رفض المبادرة التشريعية»
من جهة أخرى أكد انس الحمايدي انّه قد تمّ استقبال وفد عن جمعية القضاة التونسين، أول أمس الأربعاء الموافق لـ8 مارس الجاري، من قبل لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب للاستماع الى الرأي بخصوص المبادرة التشريعية التي كانت قد تقدمت بها الحكومة لحلّ أزمة المجلس الأعلى للقضاء.
وافاد مصدرنا بانّ الجمعية قد تمسكت برفضها لمسألة المبادرة التشريعية لانّه ليست لها اي مبرر، مشيرا الى انّ قانون المجلس الاعلى للقضاء لم ينفذ بعد وانّ فصوله كانت واضحة لا يعتريها اي نقص او غموض. وأوضح بانّ «الحكومة باعتبارها المتسبّب الرئيسي في اشكالية تركيز المجلس الاعلى للقضاء، من خلالها تعمّدها عدم الإمضاء على قرارات الترشيح الصادرة عن الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي منذ نوفمبر الفارط، حتى تستكمل تركيبة المجلس وتتم الدعوة الى الانعقاد طبقا للأحكام القانون، وعوض اعترافها بذلك قامت بتقديم مقترح مبادرة تشريعية مخالفة للدستور».
كما تمّ التطرق الى مسألة المبادرة التوافقية الصادرة عن كلّ من الرئيس الاول للمحكمة الادارية ورئيس المحكمة العقارية ووكيل الرئيس الاول لدائرة المحاسبات، وقد بينت الجمعية انّ هذه المبادرة قد احرزت على رضاء وقبول ثلثي اعضاء المجلس الاعلى للقضاء، اضافة الى وجود حزام داعم لهما من حقوقيين ومكونات المجتمع المدني على حدّ تعبيره.
«محاولة ترهيب القضاة»
أوضح نائب رئيسة جمعية القضاة التونسيين انس الحمايدي ان مبدأ الفصل بين السلط لا يخوّل لوزير العدل التدخل في قرارات او مسيرة او اجور القضاة باي وسيلة من الوسائل. وأكّد وجود مبدأ اساسي من مبادئ استقلال القضاء وهو مبدأ الأمان المالي الذي يمنع المس باجور القضاة باي نوع كان او صفة كانت.
وشدّد الحمايدي على تمسك القضاة بموقفهم ومطالبهم، مشيرا الى انّ الجمعية لن تسمح بمحاولات وزير العدل ترهيب القضاة وتخويفهم باي شكل من الأشكال.
ويجدر التذكير في هذا الصدد بانّ الهيئة الوقتية للاشراف على القضاء العدلي كانت قد حذّرت من خطورة التمشي الذي ينتهجه وزير العدل في التعاطي مع حق القضاة في التعبير وسعيه إلى استعادة الهيمنة على القضاء والقضاة من خلال توظيف التفقدية العامة في الضغط على القضاة والتضييق على حقهم في التعبير على حدّ تعبيرها
وأكدت أن مطالبة المسؤولين الأول على المحاكم بإعداد تقارير وقوائم إسمية في القضاة على خلفية ممارسة حقهم في الإضراب، يعد مساسا بالاحترام الواجب لهم ونيلا من اعتبارهم لما في ذلك من زيغ عن الدور الموكول لهم قانونا في الإشراف على المحاكم.