بالرجوع إلى الإحصائيات التي تم إعدادها من قبل المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب لسنة 2016 يبدو أن الأمور ليست على ما يرام فالتعذيب لا يزال موجودا.من جهة أخرى هناك الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب منصّبة منذ 2016 والى اليوم لم تتوفر لها الإمكانيات اللازمة لمباشرة أعمالها.
«تواصل الاعتداءات على الكرامة الانسانية»
أفاد لطفي عز الدين عضو الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب تعليقا على تقرير المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب للسنة المنقضية بان «هذه الأخيرة تقوم بعمل جبار من خلال الشكايات الواردة عليها، و تقريرها يؤكد تواصل الاعتداءات على الكرامة الإنسانية و على حقوق المواطنة لدرجة تكاد يصبح فيها سوء المعاملة طريقة عمل داخل مراكز البحث ،كما يؤكد أن سوء المعاملة يشمل متهمي الحق العام أكثر من متهمي القضايا الخطيرة أو ذات الخلفية السياسية أو النقابية و وجود هذا العمل الجبار من منظمات المجتمع المدني يجب أن يبقى فاعلا و يتطور بالموازاة مع عمل الهيئة فلسنا في وضعية منافسة أو تزاحم بل في وضع مؤازرة و تكامل خاصة وأن الهيئة تقوم بتوثيق تقارير المجتمع المدني و معالجة المعطيات الواردة بها تماشيا مع ما جاء في قانونها من ضرورة توثيق حالات التعذيب و العمل على نشر الوعي الاجتماعي بمخاطره علما وأننا اطلعنا على تقرير المنظمة المذكور».
وفي إجابة عن سؤال ما الدور الذي تلعبه الهيئة تجاه هذه الملفات وهل من الممكن إحالتها إلى الهيئة أم لا أجاب محدثنا «التوثيق،المتابعة ،فتح استقصاء في الحالات المذكورة ،متابعة تقدم الإجراءات القضائية المتخذة بناء على التشكيات المذكورة، تنبيه السلط الإدارية لضرورة التعاطي الجدي مع الحالات الواردة في التقرير ، حشد الدعم الشعبي للدفع نحو قرار سياسي واضح وصريح بمنع التعذيب و رفض الإفلات من العقاب كما أنه لم يقع إحالة الملفات على الهيئة لأنه لا توجد إلزامية لمنظمات المجتمع المدني فعملها حر و لسنا أوصياء على أعمالهم وفي هذا الخصوص يجب تركيز آلية تعاون ثنائية بين الهيئة و كل المنظمات لإيصال المعلومات و الملفات للهيئة»
«الوضع الحالي لا يسمح»
من الصلاحيات الموكولة إلى الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب هي تلقي ملفات الضحايا والإشعارات بوجود حالات تعذيب في مراكز الاحتجاز والإيقاف وغيرها وفي هذا السياق أفاد لطفي عز الذين بأن الهيئة «تلقت إشعارات من بعض منظمات المجتمع المدني لكن لا يمكن التعاطي الرسمي معها من قبلنا نظرا لتعطل مسار التركيز علما وان الهيئة منذ مارس 2016 تنتظر إمضاء أوامر حكومية ومؤخرا قامت باكتراء مقر جديد بعد أن حصلت على ميزانية 2017 بقيمة مليون دينار وفي رسالة وجهها إلى الجهات الحكومية الرسمية بعد اطلاعه على تقرير المنظمة سالفة الذكر قال فيها «لا بد من الانتباه إلى أن التعذيب هو مسألة تمس بالاستقرار الاجتماعي و تؤخر مسار الانتقال الديمقراطي و تعمق الإحساس العام بعدم تحقق الكرامة و المواطنة للتونسي وتعمق التوتر بين المواطن و السلطة التنفيذية. كما أن له تأثيرا على نظرة الخارج و الدول لمدى تقدم تونس في مسارها الديمقراطي والإصلاحي و يؤثر على حجم الدعم المالي الخارجي لنا و أعتقد أنه لا يجب المراهنة على التغطية على حالات التعذيب أو المراهنة على الإفلات من العقاب ،فهذا ليس حلا ولا يمكن ان ينسجم مع تعهدات الدولة وانتظارات المواطنين».
ولايات تونس وبنزرت في الصدارة
أكدت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب في تقريرها لسنة 2016 بأنّها رصدت 153 حالة تعذيب في السجون ومراكز الإيقاف مشيرة إلى أنّ جهاز الشرطة سجّل أكبر عدد من التجاوزات،تليه السجون والإصلاح ثم الحرس الوطني،هذا وأفاد ذات التقرير بأنّ 54 %من حالات التعذيب تمّت بدافع العقاب 86 %من ضحايا التعذيب هم من الرجال.
أما على مستوى ترتيب حالات التعذيب حسب الولايات فقد احتلت كلّ من تونس وبنزرت وزغوان الصدارة في عدد الحالات بنسبة بلغت 62 %، فيما احتلّت جهة الشمال الغربي المرتبة الثانية بنسبة 19 % تليها جهتا الوسط والجنوب بـنسبة 12 %، فيما احتلت جهتا الوطن القبلي والساحل المراتب الأخيرة بنسبة 7 %.