خلافات القضاة سواء على مستوى الهياكل أو صلب المجلس الأعلى للقضاء قد مرّ عليها ثلاثة أشهر تقريبا والى اليوم لم يتوصلوا إلى حلّ توافقي فيما بينهم بل على العكس تعمقت الخلافات بمجرد ظهور ما يسمى بالمبادرة الثلاثية إذ هناك من وصفها بالتشويش على الحلّ التشريعي الذي يعتبر المخرج الوحيد من الأزمة.
المجلس الأعلى للقضاء أولهم
إن السير العادي للأمور يقول بأن المجلس الأعلى للقضاء من المفترض أنه يعمل منذ نوفمبر المنقضي أي بعد الإعلان النهائي عن تركيبته وبدعوة من رئيس الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي ولكن هذا الأخير رفض الدعوة لأنه يرى هو ومجلس الهيئة بأن الدعوة مرتبطة بإمضاء رئاسة الحكومة على الترشيحات المقدمة لها ،مدّ وجزر أدى إلى دخول المسألة في منعرج تزداد خطورته يوما عن يوم وتتعمق فيه الخلافات بين أهل الدار وصلت حدّ الاتهام بالاستحواذ على المجلس وبالتزكية والتشويش وغير ذلك،اتهامات ومتاهة ضاعت فيها سفينة المجلس التي ظلت طريقها إلى المرفأ ولم يعد أمام الحكومة إلا أن تتدخل لوضعها مجددا على الطريق الصحيح ولو بطريقة التدخل التشريعي لأنه الباب الوحيد الذي بقي مفتوحا.تحرك حكومي من المؤكد أنه نتيجة لقراءة ما سيحدث في المشهد القضائي خلال الأيام القليلة القادمة إذا طالت الأزمة،شغورات بداية من شهر مارس المقبل صلب المجلس في حدّ ذاته إذ سيحال على التقاعد ثلاثة من أعضائه المعينين بالصفة من بينهم احمد الصواب ورضوان الوارثي،سلطة قضائية دون مجلس فمن سيقوم بسدّ تلك الشغورات خاصة وان الهيئة الوقتية لم تعد فاعلة وفق قراءة العديد من الأطراف؟ وضع إذا تواصل الصمت عنه ستصبح الأزمة مضاعفة فيما يتعلق بهذا الهيكل.
محاكم ابتدائية واستئنافية تسجل شغورات
إن أزمة المجلس الأعلى للقضاء وإذا تواصلت على هذا الحال فإنها ستلقي بظلالها على المشهد القضائي بصفة عامة وتتسبب في تعطيل المحاكم والسير العادي لمرفق العدالة فبمعادلة بسيطة فإنه بداية من الأسابيع القادمة من المنتظر أن تشهد عديد المحاكم سواء الابتدائية منها أو الاستئنافية في عدد من المناطق الداخلية شغورات لأنه يوجد قضاة سيبلغون سنّ التقاعد مما يستوجب اتخاذ ما يلزم من احتياطات للتعجيل بسد تلك الشغورات خاصة وان عدد القضاة يبقى محدودا مقارنة بالكم الهائل من عدد القضايا الذي يعتبر في تزايد مستمر وبالتالي المسألة يجب أن تتجاوز الخلافات الشكلية وتذهب إلى الحلول العملية وفق رؤية عديد الأطراف لأن الأزمة طالت أكثر مما ينبغي.
القطبان ليسا بمنأى عن الأزمة
كلّ هذه الصراعات والتي تصبّ جميعها في حلبة القضاء والقضاة يبدو أنها الطريق الى حلّها بالتوافق امر شبه مستحيل فالجميع تناسى حجم التداعيات التي تسبب فيها عدم إرساء المجلس الأعلى للقضاء والانغماس في الحسابات الضيقة ،تداعيات ونتائج لا تحصى ولا تعد واقل ما يقال عنها أنها خطيرة وهي «تعطيل إرساء المحكمة الدستورية وما لها من دور مهم بالإضافة إلى أن المحاكم اليوم في شبه شلل ،قضاة القطب القضائي المالي يسميهم مجلس القضاء العدلي أصبحوا اليوم في وضعية غير قانونية وعملهم مشوب بالبطلان منذ 29 ديسمبر المنقضي» حسب ما صرح به الهادي القديري سابقا فقال « قضايا الإرهاب منذ غرة مارس المقبل ستصبح مجمدة ولا يمكن النظر فيها لأن القضاة يعينهم المجلس الأعلى للقضاء ،قاضي دائرة الإرهاب الاستئنافية يتقاعد نهاية الشهر المقبل ولم يتم تعيين من ينوبه وهي اليوم مهمة المجلس،الدوائر المتخصصة أيضا قضاتها يسميهم المجلس»هذا وختم القديري بالقول «الهياكل التي تتسبب في شلل المرفق سواء نقابة أو جمعية لا خير فيها ومصيبة الدهر إضراب القضاة».