الإبقاء على الفصل الذي يعطي الأمنيين والعسكريين حق المشاركة في الانتخابات إلا أن هذه المرحلة تعطي الضوء الأخضر للمراحل المقبلة من تحديد موعد الانتخابات البلدية وما تتطلبه من استعدادات على جميع المستويات منها القضائي وما تحتاجه المحكمة الإدارية من دعم مادي وبشري ولوجستي لإنجاح هذه المرحلة.فماذا تحقق؟أو ما الذي يجب توفيره للقضاة حتى يقوموا بعملهم على أكمل وجه؟
الوضع الهشّ ليس حكرا على القضاء الإداري فحسب بل العدلي والمالي أيضا الأمر الذي جعل جمعية القضاة التونسيين تقرر الدخول في إضراب عام حضوري وذلك انطلاقا من يوم 27 فيفري الجاري احتجاجا منها على ما أسمته عدم استجابة الحكومة لمطلب القضاة بفتح باب التفاوض بخصوص وضعهم المادي وتردي ظروف العمل بالمحاكم .
«لا لتناسي الحَكَمَ في النزاعات الانتخابية»
باعتبار أن القضاء الإداري له دور مفصلي في المحطات الانتخابية بجميع أصنافها فهم الجهة الوحيدة المخولة للنظر والبت فيما يسمى بالنزاعات الانتخابية فإن اتحاد القضاة الإداريين قد عقد مؤخرا جلسة عامة تمّ التداول خلالها حول مسألة الانتخابات البلدية والجهوية المرتقبة ودور القضاة الإداريين فيها،جلسة تمّ الإجماع فيها على أنّ المحكمة الإدارية من خلال عدد القضاة المباشرين فيها وهيأتها القضائية الحالية غير جاهزة للبت في النزاعات المذكورة وأنّه يتعيّن إحداث دوائر جهوية على معنى الفصل 15 من قانون المحكمة كما اقتضى ذلك القانون الانتخابي يوكل إليها النظر في نزاعات الترشحات وهو ما يقتضي انتداب عدد كبير من القضاة والأعوان الإداريين في هذا الإطار وفق ما أفادنا به وليد الهلالي رئيس اتحاد القضاة الإداريين الذي قال أيضا «سنتقدّم بطلب مقابلة عاجلة إلى كلّ رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والسيد رئيس الجمهورية والسيد رئيس الحكومة للتداول بشأن النقاط المذكورة ومن أهمها مسألة موعد الانتخابات ذلك أن السيد شفيق صرصار يتحدث عن إمكانية إجرائها خلال شهر نوفمبر وهو أمر مستحيل بالنسبة إلينا باعتبار أنه إذا ما تم اعتماد
التاريخ المذكور فإنّ نزاعات الترشحات ستكون على الأرجح خلال الصائفة المقبلة والحال أنّه لم يتم إحداث الدوائر وانتداب القضاة للغرض من جهة أخرى فإنّ مسألة الاستعداد إلى هذا الرهان الوطني يقتضي توفير كلّ الضمانات الضرورية للقضاة الإداريين الذين سيبتون في النزاعات المرتقبة ولن نقبل اليوم أن يكون الاهتمام منصبا على الأحزاب والأشخاص التي ستشارك في المنافسة القادمة ونتناسى الحَكَمَ الذي سيقضي بين المتنافسين كما جرت عليه العادة في الانتخابات السابقة» واضاف محدثنا «القضاء الإداري يعيش اليوم مرحلة مفصلية في تاريخه من خلال إحداث دوائر دائمة في الجهات تكون نواة للمحاكم الإدارية الابتدائية ولا يمكن بأي حال من الأحوال التعلّل بالانتخابات البلدية ووجوب إجرائها في أقرب وقت ممكن لاعتماد تمش متسرع وغير مدروس تجاه القضاء لا سيما وأنّ الدوائر المذكورة ستواصل عملها في الجهات بعد الانتخابات».
«الإضراب حق دستوري ولكن»
إن الوضع المادي للقضاة بجميع أصنافهم بالإضافة إلى الوضعية المزرية للمحاكم التونسية سواء على مستوى البنية التحتية المهترئة أو على مستوى عديد النقائص الأخرى كلّها تعتبر جزءا لا يستهان به من البيئة المناسبة لعمل القاضي،وضعية طال انتظار إصلاحها مع الحكومات المتعاقبة فتتالت الزيارات والمعاينات الميدانية والوعود بالتدخل العاجل ولكن تبقى مجرد وعود وكلمات على شاشات التلفزات وعلى موجات الإذاعات وفي اعمدة الصحف ثم تنسى.أمام كل ذلك وفي محاولة منها للضغط ربما من اجل حلحلة الأمور قررت جمعية القضاة التونسيين تنفيذ إضراب عام حضوري وذلك يوم الاثنين المقبل 27 فيفري الجاري ودعت إليه كافة القضاة بجميع أصنافهم. في هذا الصدد علّق وليد الهلالي عن اتحاد القضاة الإداريين فقال «إنّ الوضع المادي المتردي للقضاة لا يخفى على أحد فالمعروف لدى الكافة وخاصة السلطة السياسية أنّ أجر القاضي التونسي هو الأدنى في العالم ولا يوفّر له أبسط الحاجيات التي تليق بالسلطة التي ينتمي إليها كما أن أجر القاضي هو الأدنى مقارنة بالأجور المسندة للوزراء كممثلين للسلطة التنفيذية ونواب الشعب كممثلين للسلطة التشريعية» مضيفا بأن» فتح باب التفاوض مع الحكومة أصبح ملحا بدرجة كبيرة جدا وذلك من الناحية القانونية وهذا من اختصاص النقابات الممثلة للقضاة
أما بخصوص الإضراب المعلن عنه من قبل الجمعية فإنّ الأمر يتعلق بممارسة حق دستوري لا جدال فيه بقي أنّ الإتحاد لن يشارك فيه تحليا منه بروح المسؤولية ورغبة منه في عدم مزيد تعطيل المرفق العام القضائي خاصة في ظل استمرار أزمة المجلس الأعلى للقضاء»
الحدّ الأدنى المطلوب
في اطار استعدادها للمرحلة الانتخابية المقبلة والسعي إلى المطالبة بحاجياتها فقد «في هذا أعدت المحكمة دراسة طلبت من خلالها إحداث ما لا يقل عن 12 دائرة جهوية وانتداب 60 قاضيا بالإضافة إلى الأعوان وذلك بالنظر إلى عدد النزاعات التي ستنشأ بمناسبة الانتخابات وفي نفس السياق صرّح وليد الهلالي رئيس اتحاد القضاة الاداريين فقال «كما هو معلوم فإن عدد البلديات اليوم في حدود 350 بلدية وكذلك عدد القوائم التي ستترشح وبالتالي فإنّ مسألة استعداد القضاء الإداري لهذه الانتخابات مسالة بالغة الأهمية ولا يمكن بدونه خوض غمار هذه التجربة كما لا يجوز تحديد موعد الانتخابات المقبلة دون الرجوع إلى القضاة الإداريين باعتبارهم عنصرا فاعلا في الانتخابات وسيكون لهم القول الفصل في النزاعات التي ستثار بمناسبتها».