والقائمين بالحق الشخصي بمطلب استئناف الأحكام الابتدائية التي صدرت عن ابتدائية سوسة في 14 نوفمبر المنقضي والتي أثارت جدلا واسعا باعتبارها قضت بعدم سماع الدعوى في حق عدد من المتهمين بالقتل العمد والمشاركة في ذلك لأن المحكمة قامت بتكييف التهم على ما يبدو كما قضت بعقوبة سجنية تراوحت بين 4 أشهر وعامين لمتهمين بالعنف والمشاركة في معركة والتجمهر.
تعود أطوار هذه القضية إلى 18 اكتوبر 2012 حيث تحولت مسيرة سلمية جابت شوارع مدينة تطاوين إلى مواجهات أسفرت عن مقتل لطفي نقض،كما عرف ملف القضية عدّة مستجدات إذ وبعد أن كان منشورا في تطاوين تم استجلابه إلى سوسة كما أن التهم الموجهة للمشتبه فيهم تكيّفت في أكثر من مرة بين القتل العمد والعنف الناتج عنه الموت.
الحكم الابتدائي «الصدمة»
بعد أن استكملت جميع منافذ الطعون في قضية مقتل لطفي نقض بخصوص التهم الموجهة للموقوفين الأربعة المشتبه في ضلوعهم في قضية الحال استقر الأمر على تهمة القتل العمد والمشاركة فيه لدى دائرة الاتهام وبالتالي ففي الوقت الذي كانت عائلة الفقيد تنتظر صدور أحكام علّها تطفئ نار الفقد وألم معاناة طالت أكثر من أربع سنوات ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن وكانت المفاجأة التي هزّت الرأي العام عامة وعائلة الفقيد بصفة خاصة إذ صدحت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بسوسة بحكم تم بمقتضاه إطلاق سراح جميع الموقوفين بتهمة القتل العمد والمشاركة فيه الأمر الذي احدث جدلا واسعا وردود أفعال مختلفة منها ما اعتبر الأمر قضائي بحت ولا بدّ من الاطلاع على نصّ الحكم لمعرفة التعليلات التي استندت عليها الدائرة الجالسة في إصدار حكمها اذ ذهب البعض الى انه تم تكييف التهم خاصة وأن الأمر يتعلق بتهمة خطيرة وهي قتل نفس بشرية. وبين هذا وذاك وبقطع النظر عن مدى توفق الجهة القضائية في قرارها الذي استند إلى ما يسمى بوجدان القاضي بقي الورثة في حالة استغراب وصدمة كبرى وصفوا خلالها الحكم بالكارثة والمخيب للآمال وله صبغة سياسية بامتياز خاصة بعد زواج المتعة الذي حصل بين النهضة والنداء على حدّ تعبيرهم. وفي نفس السياق قال طاهر نقض عن عائلة الفقيد في تصريح سابق «هذا الحكم هو قرار قضائي ملطخ بالسياسة أو قرار سياسي صادر عن قاض وفي كل الأحوال هو قرار فوقي منزل من طرف الشيخين في إطار التوافق وزواج المتعة بينهما»
مفارقات بالجملة
من المضحكات المبكيات التي جدت في ملف قضية لطفي نقض هي أن النيابة العمومية قامت باستئناف الحكم الابتدائي حال صدوره وهي نفسها من قامت بإمضاء قرارات الإفراج عن الموقوفين الأربعة وهي من بين المفارقات التي شهدها هذا الملف واعتبر اجتهادا من قبل النيابة العمومية ليس في محلّه وأثار جدلا واسعا واستفهامات عديدة ووصف بالمخالف للفصل 214 من مجلة الإجراءات الجزائية الذي جاء واضحا وصريحا وينصّ على» أنه في صورة استئناف النيابة العمومية للحكم فإن بطاقة الإيداع بالسجن التي صدرت سابقا في حق الموقوفين تبقى سارية المفعول إلى حين صدور قرار محكمة الاستئناف» وهنا علق عبد الستار المسعودي احد اعضاء هيئة الدفاع بالقول «معادلة غريبة وتؤكد أن هناك شيء ما غير طبيعي فكان عليها أن لا تمضي».
وللإشارة فإن التفقدية العامة بوزارة العدل قد تحركت في هذا الصدد وفتحت تحقيقا للوقوف على ملابسات هذه المفارقة العجيبة بخصوص إمضاء النيابة العمومية لقرارات الإفراج من جهة واستئنافها للحكم من جهة أخرى وهو ما لا يستقيم قانونا وفق ما أفاد به حسين الزرقي في احد تصريحاته.علما وأن التفقدية العامة لا يمكنها الخوض في الحكم ولا تتدخل في الملف وإنما تنحصر مهمتها في فتح تحقيق داخلي للتحري فيما يتعلق بالقضاة الجالسين في تلك الدائرة التي أصدرت الحكم وكذلك النيابة العمومية ثم إحالة الملف إلى المجلس الأعلى للقضاء لتنفيذ العقوبة التأديبية ضد القاضي أو القضاة أو الحفظ.
مرحلة جديدة
تعيين جلسة أولى في الطور الاستئنافي والتي من المنتظر أن تعقد بتاريخ 28 فيفري المقبل تعتبر مرحلة جديدة في مسار هذا الملف الذي شهد العديد من التقلبات وربما تساهم في البحث مجددا عن الحقيقة وإعادة الأمل في تحديد المسؤوليات والإجابة عن السؤال الذي بقي مطروحا منذ سنوات «من قتل لطفي نقض؟» خاصة وان تقرير الطب الشرعي النهائي اثبت بان أسباب الوفاة ناتجة عن العنف وليس عن نوبة قلبية كما ورد في التقرير الأولي الذي اجري في قابس والذي طرح بدوره عديد الاستفهامات خاصة بعد ظهور الطبيب الشرعي الذي قام به في احد البرامج التلفزية وهو مرتبك وصرّح بكلام فضفاض يفتح المجال لعديد التأويلات والأسئلة ذات العلاقة بالملف.