وللتذكير فإن عددا من الهياكل القضائية بما فيها نقابة القضاة واتحاد القضاة الإداريين جمعهم لقاء مع رئيس مجلس النواب توجهوا له بنداء لإيجاد حلّ لهذه الأزمة التي طالت أكثر من اللزوم.
مبادرة ولكن...
هي خطوة أقدم عليها كما أسلفنا الذكر ثلاثة قضاة معينون بالصفة صلب المجلس الأعلى للقضاء أملا منهم في وضع نقطة نهاية لخلافات داخلية ورسم بداية جديدة لهيكل طال انتظاره ،لمعرفة أكثر تفاصيل عن هذه المبادرة تحدثنا مع احد مقدميها وهو رضوان الوارثي الرئيس الأول للمحكمة العقارية الذي قال «المبادرة هي عبارة عن خارطة طريق فيها مراحل حددنا لها سقفا زمنيا بصفة تقريبية والبداية هي سماع كافة الأطراف وكانت البداية مع جمعية القضاة التونسيين وتوجيه الدعوة إلى نقابة القضاة التي قبلت الأمر في البداية ثم تراجعت ولكن سنجدد لها الدعوة» علما وان هذه الأخيرة رأت بأن الحوار يكون أولا بين أعضاء المجلس لأنهم المعنيون بالأمر وليس الهياكل.
وبالنسبة لعدم حضور أصحاب المبادرة للاجتماع الذي دعوا إليه من قبل محمد الهادي الزرمديني الذي عين رئيسا مؤقتا للمجلس الأعلى للقضاء قال الوارثي» منذ صباح يوم الاجتماع المنتظر نتصل بالجهة المعنية لتغيير توقيت هذا الأخير لأن الزملاء لديهم التزامات مهنية بالإضافة إلى موعد مع احد الأطراف ذات العلاقة بالمجلس انطلق ساعة قبل الموعد المحدد وهو الثالثة بعد الظهر وهو ما اضطرنا إلى عدم الحضور ولكن ما راعنا إلا أن يصدر بيان يقال فيه أننا رفضنا والحال أن أبواب الحوار لا تزال مفتوحة وهي ميزة هذه المبادرة».هذا دعا الوارثي إلى عدم تعطيل هذه المبادرة ودعمها فقال «الحلّ من داخل القضاة والحلّ التشريعي المطروح ليس سهلا وجمع شقي المجلس المختلفين في الرأي حول طاولة النقاش من بين التصورات».
«رشوة وظيفية»
الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس الأعلى للقضاء كشف حسابات داخلية ضيقة فالكلّ أصبح يضع نصيبه من كعكة المجلس الأعلى للقضاء في الميزان لمعرفة مدى ثقلها وبالتالي مدى تأثيرها في الساحة القضائية مستقبلا. صراع الهياكل زاد من حدّته الانشقاق الذي حدث صلب تركيبة المجلس في حدّ ذاته نظرا لاختلاف الرؤى القانونية بين الأعضاء.حسابات يبدو أنها وصلت حدّ المقايضة والمساومة وفق ما صرح به الهادي القديري الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في احدى الإذاعات الخاصة فقال «المشكل مفتعل ولا وجود لمشكل حقيقي وبالنسبة لما حصل لي اعتبره اهانة لشخصي ولمسيرتي المهنية التي تجاوزت 30 سنة ورشوة وظيفية بامتياز إذ تم ترشيحي إلى خطة وكيل دولة عام للمصالح العدلية لابعادي عن المجلس الأعلى للقضاء لأنه طبقا للقانون المنظم له فرئيس هذه الخطة لا يكون ضمن الأعضاء المعينين بالصفة وهو أمر مخالف للقانون لأن القاضي لا ينقل دون رضاه أو قدم طلبه كتابيا أو شفاهيا وأنا لم اطلب ذلك ووقع الأمر دون علمي ولكنني رفضت هذه الاهانة».
«الحلّ التشريعي ممكن ولكن ليس محبذا»
في حديثه عن الحلول الممكنة للخروج من هذه الأزمة أكد القديري في تصريحه الإذاعي بان «الحلّ من داخل المجلس من الناحية الشكلية فلا بد من الجلوس إلى طاولة الحوار والتوافق لأن محاولة إجبار رئيس الحكومة على توقيع قرارات الترشيح أمر غير معقول بل الأجدر فرز هذه الملفات،أما الحلّ التشريعي المطروح اليوم في الساحة القضائية فهو ممكن ولكنه ليس محبذا إذ بالإمكان تنقيح الفصل 73 من قانون المجلس الأعلى للقضاء بإضافة فقرة تتعلق بمن يعوض المعني بدعوة المجلس إلى الانعقاد في صورة تعذر عليه ذلك كأن يتم إضافة رئيس الجمهورية أو ثلث الأعضاء أو رئيس مجلس النواب».