في الذكرى السادسة للثورة التونسيةّ:يد فارغة والأخرى لا شيء فيها: قائمة الشهداء جاهزة منذ سنة وتنتظر نفض الغبار عنها وعائلات تبحث عن الحقيقة

في مثل هذا اليوم 14 جانفي 2011 سجلت ذاكرة العالم تاريخا جديدا في مرحلة تونس والتونسيين وذلك باندلاع الثورة أو كما يحلو للبعض تسميتها بالربيع العربي،حرية ،كرامة ،شغل كلها حقوق دفع من اجلها عشرات الشهداء دماءهم ثمنا ،دماء سفكت في كل بقاع البلاد شرقا وغربا

شمالا وجنوبا من أجل بناء تونس جديدة لا ظلم ولا فساد ولا استبداد ،اليوم وبعد مرور ست سنوات لا يوحي المشهد المرسوم بربيع بل بصحراء قاحلة لم يتحقق فيها شيء مما كان يؤمله شعب رفع شعار «ديقاج» في وجه المستبد فلم يجد لا شغل ولا حرية ولا كرامة وطنية بل انتظار تحقيق ابسط مكافأة لمن ضحوا بفلذات أكبادهم وهي ردّ الاعتبار لشهداء الثورة ومصابيها من خلال نشر قائمتهم الرسمية،ملفات منشورة لدى القضاء منذ سنوات وأحكام وصفت بالمهينة وغير العادلة.
أكثر من أربع حكومات تعاقبت على تونس ما بعد الثورة والنتيجة تراكم للملفات العاجلة والعالقة وأنصاف حلول لمشاكل أكل عليها الدهر وشرب إما بسبب الترسانة القانونية البالية أو بسبب تسويف ووعود بقيت حبرا على ورق.

«القليل ثم الكثير»
إن المسار الذي مرّ به ملف شهداء الثورة وجرحاها أقل ما يقال عنه أنه متعب وطويل بين أروقة الوزارات المتداخلة فبعد أن كان في ما عرف آنذاك بوزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية أودع لدى وزارة الشؤون الاجتماعية قبل أن يتم تخصيص كتابة دولة له على رأسها مجدولين الشارني التي لم تفعل شيئا ولم تقدم الكثير وفق شهادة المعنيين بالأمر بل كلّ ما تقدمه في كل مناسبة هي أرقام وإحصائيات لتعويضات مادية وإجراءات بالنسبة لعائلات الضحايا لا تعني لهم شيئا لأن همهم الأول معرفة الحقيقة ونشر القوائم الرسمية للشهداء والمصابين بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية علّ ذلك يطفئ لهيب الفقدان بداخلهم ويريح قلوبهم من عذاب الانتظار. قائمة الشهداء تم إعدادها من قبل الهيئة العليا للحقوق والحريات الأساسية باعتبارها الجهة المكلفة بالملف اليوم وذلك منذ ديسمبر 2015 ولكن إلى اليوم لم يتم نشرها بالرائد الرسمي من قبل الحكومة وذلك بتعلة أن القانون ينص على ضرورة نشر القائمتين معا أي الشهداء والجرحى والحال أن هذا المشرع لم يتضمن صراحة التأكيد والجزم في هذه النقطة وبالتالي يمكن لرئيس الحكومة نشرها في انتظار استكمال الأشغال في قائمة الجرحى والعمل بالمثل القائل من يستطيع القليل يستطيع الكثير وفق قول بودربالة».
وللتذكير فإن الهيئة قد وضعت استراتيجية عمل أرادت من خلالها تذليل سنوات الانتظار للعائلات فاستكملت قائمة الشهداء وأحالتها على الرئاسات الثلاث على أمل ان تنشر اليوم تزامنا مع الذكرى السادسة للثورة ولكن هيهات.

جوان المقبل موعد إنهاء قائمة المصابين
حضر توفيق بودربالة رئيس لجنة شهداء الثورة ومصابيها مؤخرا في مجلس نواب الشعب للنقاش حول ملف الحال ومدى شرعية وأحقية الهيئة في نشر قائمة الشهداء على موقعها الرسمي مادامت الحكومة مصرة على انتظار الانتهاء من أشغال قائمة الجرحى إذ انتهى الحوار بالتزام بودربالة أمام النواب بأنه سيجري مفاوضات مع الحكومة في هذا الشأن وسيطالبها بنشر القائمة وفي صورة عدم اقتناعها فإنه سيتولى ذلك بنفسه ،اليوم وبعد مرور ثلاثة أيام تقريبا على اللقاء تحدثنا مع هذا الأخير فقال «الهيئة تعمل جاهدة وبنسق قوي لاستكمال قائمة المصابين التي من المنتظر أن تكون جاهزة في جوان المقبل ولكن في المقابل سأتوجه الأسبوع المقبل إلى رئاسة الحكومة لطرح موضوع نشر قائمة الشهداء لأنها مستكملة منذ أكثر من سنة ولا داعي لمزيد الانتظار وسنحاول إقناعها بأن القانون لم ينص صراحة على ضرورة نشر القائمتين معا ،في المقابل سأقوم باستشارة المحكمة الإدارية والجهات القانونية المختصة في مسألة مبادرة الهيئة بنشر القائمة على موقعها في صورة عدم نشرها في الرائد الرسمي من قبل الحكومة»
أما عن لغة الأرقام ومدى تقدم أشغال الهيئة فقد قال بودربالة» العدد الجملي لملفات المصابين هو 7900 ملف من مختلف الولايات تم الاشتغال على 23 ولاية وبقيت ولاية القصرين التي تتضمن لوحدها 4000 ملف فرز منها 850 ملفا تقريبا إلى اليوم في انتظار استكمال البقية».

ولكن لسائل أن يسأل عن سرّ هذا الإصرار ممن قبل الحكومة على تطبيق القانون في هذا الملف وأمام الانتظار المتواصل للعائلات وأملهم في تضميد جراحهم بنشر تلك القائمة إذا كانت هناك إرادة سياسية لإنهاء هذا الإشكال العالق ألا يمكن إدخال تعديل بسيط بجملة على القانون ليصبح متماشيا مع متطلبات المرحلة ويحلّ الخلل الاجرائي إن وجد؟ أم الانتظار وتعقيد الأمور من لاشيء هو الحل؟.

ملفات لا تزال لدى القضاء العسكري
رحلة عائلات شهداء الثورة والمصابين أيضا لم تتوقف عند مسألة انتظار قائمة الشهداء والجرحى لردّ الاعتبار لهم ولكنها متواصلة أيضا بين أروقة المحاكم منذ سنة 2011 والى اليوم فكلّ القضايا الجماعية والفردية المنشورة لدى القضاء العسكري بل أكثر من ذلك هناك ملفات أغلقت لعدم معرفة الجاني وأخرى المتهمون فيها معروفون ولكنهم بحالة سراح جراء أحكام صدرت منذ 14 افريل 2014 الذي كان يوم «غضب» و»احتقان» أمام محكمة الاستئناف العسكرية بتونس كانت شرارة مقترح إنشاء دوائر قضائية متخصصة في القضاء العدلي لفتح هذه الملفات ،دوائر رغم إمضاء الأوامر المنظمة لها وتسمية القضاة الذين سيعملون فيها ولكن إلى اليوم لم تنطلق أشغالها. القضاء العسكري يواصل تعهده بملفات شهداء وجرحى الثورة والعائلات تردد «اين الحقيقة»؟.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115