تواصل القطيعة بين المكلف العام بنزاعات الدولة وهيئة الحقيقة والكرامة: ما هو مصير ملفات المصالحة؟

بعد مرور أشهر على الخلاف الذي جد بين هيئة الحقيقة والكرامة من جهة والمكلف العام بنزاعات الدولة من جهة أخرى لا تزال القطيعة سيدة الموقف في ظل تمسك كل طرف بهيبته ،علما وأنه في احدى الجلسات المتعلقة بالتحكيم والمصالحة ونتيجة لخلاف بين رئيسها خالد الكريشي

والمكلف العام بنزاعات الدولة قرر هذا الأخير مغادرة قاعة الجلسة احتجاجا على ما اسماه غياب الشفافية والمس من هيبة الدولة في شخص ممثلها بعد امتناع الهيئة عن تمكين المكلف من الاطلاع على ملفات المصالحة بتعلة واجب السرية والتحفظ والحال أن الدولة بما أنها طرف في الصلح بإمكان ممثلها الاطلاع على كل مظروفات الملف.

اليوم وفي الوقت الذي تلعب فيه هيئة الحقيقة والكرامة ضد الساعة للاستكمال الملفات المودعة لديها في غضون الفترة الزمنية المتبقية والمحددة قانونا بسنة ونصف قابلة للتمديد مرة واحدة بسنة واحدة أيضا وهي مهمة وصفها البعض بالمستحيلة، فإن علاقة هيئة الحقيقة والكرامة بعدد من المتداخلين في هذا الشأن متوترة إلى اليوم فما يحدث في البيت الداخلي لهذا الهيكل من خلافات بين رئيسته سهام بن سدرين وبقية أعضائها لم ينته بعد والذي أسفر عن إقالات واستقالات والنتيجة هيئة دون نصاب قانوني،كما أنه تم إيداع مئات الملفات المتعلقة بالفساد المالي والإداري في 15 جوان 2016 والتي كان يتعهد بها القطب القضائي المالي بعد أن قبلت الدولة التعامل مع آلية التحكيم والمصالحة بعد أن بادر سليم شيبوب بتقديم مطلب في الصلح مع الدولة وتم قبوله مبدئيا ولكن بداية هذا المسار كانت متعثرة فالدولة تعتبر نفسها مخولا لها الاطلاع على كل الوثائق ولجنة التحكيم والمصالحة متمسكة بما أسمته واجب التحفظ والسرية،خلاف نتج عنه قطع العلاقات الثنائية بل أكثر من ذلك فكل طرف أوقف استئنافها على اعتذار الآخر لأنه مس من الهيئات على حد تعبير الجهتين في حرب بيانات سابقا.

اليوم لسائل أن يسأل أنه في صورة بقيت دار لقمان على حالها وتشبث كل طرف بموقفه فما هو مصير ملفات التحكيم والمصالحة المودعة لدى اللجنة المعنية صلب هيئة الحقيقة والكرامة والتي فيها الدولة متضررة؟ خاصة وأن هناك عددا منها قد انطلقت فيه الإجراءات وهي مرتبطة بآجال قانونية محددة .وللتذكير فإن هيئة الحقيقة والكرامة قد قامت بتنقيح دليل الاجراءات للجنة التحكيم والمصالحة وتحديدا الفصل 22 منه حتى يصبح ملائما لما وصل إليه ملف سليم شيبوب الذي تم التمديد في آجال اصدر القرار التحكيمي في مناسبة أولى وبالتنقيح الجديد أصبح هناك آجال أخرى وهي 5 فيفري 2016 وذلك نتيجة ما أسمته رئيسة الهيئة إمعان المكلف العام بنزاعات الدولة في طلب التأجيل في هذا الملف. قرار التمديد هناك من وصفه بغير القانوني باعتباره لا يجوز والملف في منتصف الطريق أي وكأن الهيئة تعدل النصوص القانونية وفق كل حالة فيها إشكال ما. التحكيم والمصالحة وحسب عديد المتابعين يعتبر جزءا من مسار العدالة الانتقالية الذي يشهد بدوره تعثرات مختلفة خاصة في ظل اقتراح رئاسة الجمهورية لمشروع قانون المصالحة الاقتصادية الذي يهدف حسب تقديرها إلى دفع عجلة الاقتصاد في المقابل رآه البعض الآخر ضربا واضحا لمسار العدالة الانتقالية.

مشهد أقل ما يقال عنه أنه متعدد الألوان السياسية التي تضع آلية التحكيم والمصالحة في الميزان بين رافض ومؤيد وفي ظل ما تشهده العلاقة بين الدولة كمتضررة في عديد الملفات وبين هيئة الحقيقة والكرامة بصفتها وسيطا في عملية الصلح فهل يتنازل أحد الأطراف وتستأنف النقاشات؟ام سيبقى الكل متمسك بهيبته ويبقى مصير الملفات الرفوف الى ان يأتي ما يخالف ذلك؟ او هناك احتمال آخر هو أن تتدخل الحكومة لإرضاء الطرفين وجمعهم مجددا على طاولة النقاش.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115