ثكالى ،أطفال و مسنون هم من خلفهم شهداء المؤسسة الأمنية في وضعيات وظروف عيش أقل ما يقال عن اغلبها أنها مزرية ولا بد على الحكومة أن تسعى إلى الإحاطة بهم نفسيا واجتماعيا لأن المال ومهما زادت قيمته فهو لا ينسيهم فراق ذويهم. اليوم وبعد أشهر وسنوات سؤال يطرح ماذا فعل الوطن من اجل شهدائه؟ وما الذي تحقق من وعود المسؤولين التي قطعوها في أولى أيام المأساة. «المغرب» فتحت هذا الملف.
«جرايات ضعيفة تتواصل معها المعاناة»
منحة وفاة تلك هي التي تقدم إلى العائلات في بداية الأمر في انتظار ما تستغرقه الإجراءات الإدارية والقانونية من وقت لتسوية وضعيات شهداء المؤسسة الأمنية على مستوى الجرايات وخاصة وضعية ما يسمى بالشهيد الأعزب، فترة رسمت فيها عديد المشاهد المؤسفة والمؤثرة أسالت الكثير من الحبر كأن يتلقى والد احد الشهداء خلال واقعة مداهمة منزل وزير الداخلية السابق لطفي بن جدو مراسلة تطالبه من خلالها الحكومة بإرجاع راتب ابنه لشهر جوان وهو 650 دينارا الذي كان قد وهب مقابله حياته فداءا للوطن، في نفس السياق فقد اشتغلت الجهات المسؤولة ولا تزال على هذه الملفات من أجل ضمان عيش كريم لعائلات وهبوا أبناءهم وأزواجهم وآباءهم فداءا لتونس ليجدوا أنفسهم وحيدين في مواجهة ظروف صعبة لأن أغلبية من راحوا ضحية غول الإرهاب هم من الطبقة المتوسطة والضعيفة.
تمت تسوية الأمور المادية من خلال توفير جراية شهرية لكل عائلة وفق سنوات العمل التي قضاها شهيدها في خدمة وطنه ولكن ماذا عن هذه النسبة فهل هي كافية لتوفير ضروريات الحياة من مأكل وملبس وكراء المسكن ودراسة؟ سنقدم لكم نماذج حية ونترك لكم التعليق. أرملة شهيد الحرس الوطني بولعراس الرداوي أصيل ولاية قفصة الذي قضى أكثر من 20 سنة عمل تتقاضى جراية شهرية قدرها 700 دينار تقريبا وهي أم لثلاثة أطفال بينهم ابن معاق يخضع لحصص العلاج الطبيعي وهي اليوم عاجزة عن تسديد معلوم الكراء رغم أن الحكومة وعدتها ببناء منزل وتنتظر اكتماله لتنتهي معه معاناتها مؤقتا، الشهيد خليفة الضوي أصيل قابس ترك زوجة وطفلين دون مسكن رغم الوعود أيضا وغيره كثير ، خلاصة القول جرايات لا تسمن ولا تغني من جوع. في نفس الإطار علق النقابي أنيس السعدي بالقول «عائلات تعيش وضعا سيئا للغاية على المستوى النفسي والمعنوي فقد استمعوا إلى الوعود والمساندة لحظات استشهاد ذويهم ولكن اغلبها لا يزال مجرد وعود وما نفذ منها غير كاف وهنا نعود إلى الفصلين 3 و4 اللذين تم إسقاطهما فكل ما نطالب به هو مراجعة الجرايات بما يضمن كرامتهم فقط».
بطاقات علاج مجانية «بمقابل»
الجانب الصحي أيضا مهم جدا خاصة وأن بعض عائلات الشهداء يعانون أمراضا مزمنة وتتطلب متابعة مستمرة وأدوية باهظة الثمن وسعيا منها لتخفيف هذا العبء منحت الحكومة بطاقات علاج مجانية لكل عائلة شهيد من المؤسسة الأمنية عاد معها الأمل في أن وطنهم لم ينساهم ولكن أمل لم يدم طويلا حيث وبمجرد توجههم إلى المستشفيات العمومية للتداوي تكون الإجابة «بلوها واشربوا ماها» ويطالبون بدفع معلوم التسجيل وكل الكشوفات (أشعة،سكانار....) على اعتبار لم يصلهم أي منشور أو مراسلة في الغرض وفق ما أفادنا به مصدر مطلع أكد على ضرورة التدخل العاجل لوزارة الصحة لإيقاف هذا النزيف على حد وصفه.
وبالعودة إلى تاريخ ليس ببعيد ،31 أوت 2016 صادق رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد في أول مجلس وزاري له على مشروع قانون يتعلق بإسناد منافع لأبناء الشهداء من أعوان قوات الأمن الداخلي والعسكريين وأعوان الديوانة ومن بينها مجانية النقل والعلاج وبطاقة شهيد للأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم 21 سنة بالإضافة إلى امتيازات اخرى مثل منحة شهرية لكل عائلة تحدد بأمر حكومي ،هذه الوثيقة لا تزال مشروعا أي أنها لم تفعل بعد فيبدو وأن بطاقات العلاج منحت قبل أن يصبح القانون نافذا ، هذا المشروع وصف بالخطوة الايجابية والمهمة للحد من معاناة عائلات شهداء المؤسسة الأمنية علما وأنهم يتكبدون مشقة التنقل إلى تونس لحضور جلسات القضايا المنشورة من فترة إلى أخرى.
وعود بالانتدابات لم تنفذ بعد
تشغيل فرد من كل عائلة شهيد تحدده بنفسها هذا من بين الوعود التي قطعتها الدولة لفائدة عائلات شهداء المؤسسة الأمنية وذويهم في إطار تمتيعهم بحقهم في التشغيل ومساعدتهم على مجابهة ظروف الحياة ولكن هذا الوعد بقي دون تنفيذ. فقد أفادنا مصدرنا بأن «عائلات شهداء المؤسسة الأمنية إلى اليوم لم يشتغل منها أحد فقد تمت الإشارة عليهم بالمشاركة في المناظرات الوطنية ولكن هذا المطلب قوبل بالرفض على أن تتم عملية انتدابهم بصفة مباشرة لأنهم في حاجة إلى التشغيل» وفق تعبيره وقال أيضا «هناك من قدموا ملفاتهم إلى رئاسة الحكومة وفق ما طلب منهم ولا يزالون إلى اليوم ينتظرون الرد وهناك أيضا من وعدوهم بأنه سيتم تشغيلهم بداية من الشهر المقبل ولكن هذه الوعود ليست المرة الأولى التي تقطع ولم تنفذ» وواصل محدثنا قوله «كل هذه الظروف و المعاناة التي تعيشها عائلات شهداء المؤسسة الأمنية من شانها أن تؤثر على الأعوان المباشرين اليوم عندما يرون وضعيات عائلات زملائهم بهذا الشكل يتساءلون في داخلهم ماذا عن عائلاتنا إذا استشهدنا؟»