العالم للترويج لتونس فهذه المقاربة غير النمطية مكنته في ظرف وجيز وفي حالات عصيبة مرت منها الوجهة، من الحد من تأثيراتها ومحافظة القطاع على عافيته التي استعادها قبل سنة مضت.
وفي حوار خص به «المغرب» قبل أيام، شدد الوزير على أن الموسم السّياحي الحالي، طيب في المطلق، وهو يمثل مواصلة للموسم 2018، حيث سجل تطوراً حقيقياً وعودة قوية إلى جل الأسواق العالميّة كالسوق الفرنسية والبريطانية والبلجيكيّة والإيطالية والرّوسيّة. وهذا سيسمح بتحقيق تسعة ملايين سائح هذا العام، فمنذ انطلاق الموسم سجل تحسن في نسب الزيادات في جميع الأسواق مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي التي تراوحت بين 23 % و30 %.
فالسوق الروسية على سبيل الذكر ناهز عدد وافديها العام الماضي 630 ألف سائح، ويتوقع أن يصل منها 730 ألف سائح هذا العام ومليون في عام 2020، رغم أنها سوق جديدة برزت في أعقاب المشاكل الدبلوماسية مع تركيا و تحطم الطائرة في شرم الشيخ في عام 2016 .عموما نسبة الحجوزات اليوم جيدة حيث أنها في بعض الجهات بلغت 100 %.
عموما كل مؤشرات الموسم خضراء، وأن عقد الاهداف الذي تم وضعه بالتنسيق مع رئاسة الحكومة منذ اختياري كوزير لبلوغ سقف 9 ملايين سائح للموسم تبدو ممكنة التحقق في ضوء الايقاع الايجابي للوافدين على الوجهة التونسية علما وأن كل النزل في البلاد ممتلئة.
لكن السوق البريطانية ما تزال حذرة ولم تبلغ المتوقع منها؟
فعلا السّوق البريطانيّة بحاجة إلى الوقت ومع ذلك فالمؤشّرات جيدة خاصة بعد أن زالت تماما آثار العمليّة الإرهابيّة التي جدّت بسوسة و هذا من شأنه أن يبعث مؤشّرا جيدا لبقيّة الأسواق العالميّة، السوق الفرنسية عادت بقوة وقد تمّ التنسيق مع المنشط الفرنسي الشّهير «سيريل حنونة» الذّي قام بتصوير حلقتين حول تونس مدّة الواحدة 3 ساعات دون أي مقابل و هو ما سيساهم في الترويج للسّياحة التونسيّة بفرنسا، كذلك بالنسبة لإيطاليا حيث قامت قناة إيطاليّة بانجاز برنامج في الجنوب التونسي سيبث لاحقا ، و هذا أمرا مهم للوجهة ، لا فقط من الإعلام الأجنبي بل أيضا التونسي ترويجا لسّياحتنا.
فالمؤشرات في هذه الصّائفة جيدة عامة، وفي المقدمة جزيرة جربة حيث أنّ نسبة الحجوزات بلغت تقريبا 100 % وبالنسبة أيضا للحمامات وسوسة والمنستير مما يعني التعافى التام للوجهة بفضل التركيز على الأمن.
ولقد لعب الاعلام عامة دورا مميزا، رغم أن هناك ما يشبه عدم الوعي بأهمية وجدوى شبكات التواصل الاجتماعي وتاثيراتها، وهذا ما جعلني أكثر حرصا على الاستفادة من هذه الشبكة. والوزارة بصدد العمل اليوم على مشروع تنظيم منتدى سينجز نهاية الصيف مع الصحافيين التونسيين فبلد كتونس ومن ورائها وزارة السياحة هي اليوم بحاجة ماسة إلى إعلامها الذي بات متابعا في الخارج. وأذكر مرة قبل تولى الوزارة أنني اتصلت بصحفي فرنسي حول ما كتبه عن تونس فاخطرني أنه لن يؤلف شيئا بل هو نتاج متابعة لما ينشر ويكتب عندنا وبشكل خاص في المواقع الالكترونية. أنا لست ضد ما يكتب الصحفي لكن السياحة التونسية هي أيضا بحاجة لإعلامها الوطني باعتبار أنه شريك حقيقي وكم وددت أن يخصص هذا الاعلام على الأقل أسبوعيا مقالا أو تحقيقا عن جهة تونسية ويبرز خصائصها .خذ على سبيل الذكر منطقة البقالطة هذه المنطقة ذات ثراء ثقافي وتاريخي كبير غير مستغل والذي يمكن أن يكون جاذبا للسياح من صنف أخر مثل اليابانيين الذين ينفقون الكثير من أجل رؤية موقع كالبقالطة هناك عدم اكتراث بهذا المخزون الكبير للحضارة التونسية التي تضم مئات المواقع الأثرية ذات الشأن الكبير لكن الاهتمام بها محدود ومثل هذا المخزون بحاجة لوزارة تعنى به وتثمثه.
وهل أن وزارة الثقافة لا تفي بالغرض؟
لم أقل هذا، وقد اتصلت بالسيد وزير الثقافة وتباحثنا في طرق تثمين هذا المخزون الكبير واتفقنا على أننا في شهر سبتمبر القادم سنقوم بمتابعة للموضوع من خلال زيارات ميدانية للتعرف على الجانب الاكبر من المخزون الاثري الهام لا فقط المشهور منه فسنقوم بعملية جرد واسعة للمواقع خاصة التي تفتقد إلى ابسط مقومات الراحة للزائر وسيتم بالتعاون مع وزارة السياحة تفعيلها وتنشيطها بعد التعرف عليها موقعا موقعا وتوفير المرافق الكافية والفضاءات الضروروية للزائر وهذه مسؤولية الدولة في حماية مخزونها الأثري والتاريخي ولا بد أيضا لوكالة حماية التراث ان تتفاعل مع الراغبين في استغلال وتثمين هذه المواقع، كفى من رفض كل محاولة للنهوض بالمواقع الاثرية ودعمها كمنتوج سياحي مميز.
صدقني لقد اكتشفت تونس من جديد خلال الاشهر الستة الاخيرة وجدتها ثرية وغنية بمخزونها الاثري والثقافي فمنطقة البقالطة تستقطب اليوم سياحا من أمريكا وهم يأتونها للتعرف على ما فيها من مخزون ثري.وهذا ما يجب تثمينه في هذه المناطق لمزيد استقطاب هذا الصنف من السياحة .
لكن الأسواق ذات القيمة المضافة ما تزال محدودة العدد وظرفية؟
نحن اليوم بصدد العمل على هذا المنتوج الثقافي المستقطب لنوعية جديدة من السباح من ذوي القدرة الشرائية والانفاق الكبيرهم ليسوا من السياح الذين يقبعون داخل النزل وانفاقهم محدود فهذه الاسواق هي بحق ذات قيمة مضافة، فالسوق الصينية هي اليوم في تطور مستمر، ففي العام المنصرم وفد منها 35 الف سائح وهم من السياح المنفقين وينتظر ان تتطور بشكل جيد هذا الموسم كذلك السوق الكندية التي تطورت بـ 6.44 % خلال السداسي الاول وهذا يؤكد استرجاع نسقها وأيضا السوق الأمريكية التي تتطورت هي الأخرى بـ 8.29 %، حيث تقوم وكالة أمريكية كبرى بالترويج للوجهة لتونسية وخاصة المنتوج الصحراوي يمثل فيها المتقاعدون نسبة كبيرة من الذين يختارون أرقى الإقامات وارقى المطاعم كذلك اليابانيون والكوريون والاستراليون كل هذه الأسواق أثبتت في الأشهر الأخيرة نتائج حسنة يجب البناء عليها وتثمينها بما يجعل الوجهة التونسية من موسمية إلى وجهة ناشطة طوال السنة.
الغولف والمداواة بمياه البحر لم يعودا بمستوى جيد في السنوات الأخيرة؟
فعلا، اليوم علينا وضع هذه المنتوجات ذات القيمة العالية في موقعها الحقيقي لاستعادة مكانتها خاصة بالنسبة للغولف حيث يجب إنجاز ملاعب جديدة، فحرفاء هذه السياحة من المنفقين المهمين وهم من طينة أخرى ولا بد من الاهتمام بهم وتوفير حاجياتهم بالشكل الذي يرضي. عدد الملاعب في البلاد محدود ويجب اليوم إعادة الحياة إلى ملعب المهدية الذي تحول بعد سنة 2011 إلى مصب للفضلات و نحن اليوم بصدد إعادة تهيئته كذلك لابد من إضافة ملعب جديد في جربة وتثمين ملعب طبرقة وملعب توزر.
أما بالنسية لسياحة المداواة فقد بدأت تسترجع أنفاسها، بعد التراجع المسجل في السنوات الماضية ومع ذلك ما زالت تونس في المرتبة الثانية عالميا من حيث المنتوج وجودته، بعد أن تمت إعادة تهيئة عدد مهم منها وضخ أطارات كفء بها. لكن هذا لا يمكن أن يتم إلا بتوفر الطلب واستمراره على مدار العام وهذا ما نحرص على توفيره. هذه السنة ممتاز لكن الحذر كل الحذر من جودة الانتاج وحسن المعاملة فهي ضرورية لنجاح الموسم، الذي يبدو مميزا حيث الزيادة في عائدات القطاع تبدو مهمة للغاية وننتظر أن تتضاعف هذه العائدات خلال شهري جولية وأوت، وننتظر أن ننهي الموسم بعائدات لا تقل عن 4 مليار دينار هذا في صورة تواصل النسق والمحافظة على الامن وجودة المنتوج، و هاجسي أن ينجح الموسم لا غير.
فما عاشته البلاد في ذاك الخميس لم يستهدف السياحة ، فمنفذ الهجوم كان يستهدف مؤسسات الدولة التي تقوم بعمل ممتاز على مدار الساعة. فساعة الانفجار كان هناك عدد من حافلات السياح على بعد نحو أمتار ولم يكن لهما تأثير يذكر وهذا ما جعل دول العالم ومنها خاصة الدول التي يفد منها السياح تدرك مدى العمل الاستثنائي الذي تقوم به تونس لمكافحة الإرهاب وتواصل دعمها لهذا النشاط في تونس.
لقد فضلنا في خطتنا لمجابهة الأحداث الاتصال المباشر عوضا عن الحملات الإعلامية والإعلانات الباهضة، اللغة الخشبية لا مجال لها في أوروبا، لقد قلت للجميع تعالوا وشاهدوا بأنفسكم كيف أن البلاد ممسوكة وكيف هي مؤمنة ولقد أوفت هذه المبادرة بهدفها ونجحنا في خطتنا وهذا هو المهم.لا بد من إعادة الاعتبار لصورة البلاد وتنقيتها من كل الشوائب.