عقد مجلس القبائل مؤخرا لقاء للمصالحة في ليبيا فكيف يمكن برأيكم معالجة الانقسام السياسي والقبلي ؟
ماهو موجود في ليبيا ليس انقساما سياسيا لأن الانقسام السياسي يكون في ظل دولة منظمة تتنافس فيها الاحزاب والمنظمات على السلطة ولكل له رؤية في ادارة الدولة .
اما في ليبيا فالإنقسام فكري وليس هناك رؤيا موحدة لبناء الدولة وادارتها وهذا مايعمل عليه جاهدًا مجلس القبائل لتوحيد رؤية القبائل لبناء الدولة وشكل نظامها السياسي واساسيات دستورها.
اما الانقسام القبلي فهو ايضا انقسام فكري وليس انقساما اجتماعيا ومن اساسيات مجلس القبائل رتق النسيج الاجتماعي ووقف الصراعات المسلحة بين القبائل وتوحيد رؤيتها في بناء الدولة الليبية الحديثة.
اذن لو توضحون الدور الذي يضطلع به مجلس القبائل الليبية في حل الأزمة الليبية ؟
ليبيا تجمع سكانا ذوي طبيعة قبلية في غالبيتهم، وللقبائل دور فاعل على مر التاريخ في تنظيم شؤون المجتمع،ومقاومة الغزاة الذين توالوا على ليبيا. وبعد تعرض ليبيا الى عدوان سافر من حلف الناتو سنة 2011 وبمباركة دولية طبقاً لقراري مجلس الأمن رقمي 1970-1973 واللذين تسببا في إسقاط النظام، وتدمير كافة مؤسساته بل إنهاء الدولة وخروجها من الخارطة السياسية ، أصبحت ليبيا مجتمع اللا دولة.
نتج عن ذلك تفسُّخ في النسيج الاجتماعي الليبي وإنقسامات حادة داخل المجتمع بين القبائل بل داخل العائلة الواحدة والقبيلة الواحدة.
بالاضافة الى غياب الدولة عن ممارسة مهامها الاساسية،مثل الأمن وإقامة العدل نتيجة تدمير الجيش والأجهزة الأمنية وتعطيل الجهاز القضائي.
كل ذلك رتَب على القبائل القيام ببعض مهام الدولة لتنظيم شؤون الناس, وباعتبارها المرجع الطبيعي للأفراد وتكوينها كمجتمع منظم سابق على تكوين الدولة.
بهذا أصبحت القبائل في حوارات دائمة وعقدت عدة مؤتمرات على المستوى المحلي ثم المناطقي ثم على المستوى الوطني «ببني وليد,والشاطئ»
وتوجت جميعها بملتقى العزيزية في 2014، وخرج بعدة مقررات تقضي بإزالة الآثار المترتبة عن عدوان حلف الناتو، وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس سليم مع إعادة اللحمة الوطنية ورتق النسيج الاجتماعي مع تشكيل مجلس أعلى للقبائل والمدن الليبية .
ونظراً لتسارع الأحداث وظهور مستجدات جديدة على المشهد السياسي الليبي ، اقتضى الامر بعقد ملتقى آخر بمدينة سلوق بجوار ضريح شيخ الشهداء عمر المختار رمز الجهاد يليبيا بتاريخ 7 نوفمبر 2015. ويعتبر أول مؤتمر بعد 2011 يجتمع فيه ممثلون عن الغالبية الساحقة من ممثلي القبائل الليبية وبمختلف توجهاتهم السياسية .
ومن ضمن قراراته: اعلان سلوق بشأن ميثاق القبائل والمدن الليبية ورؤيتها لحل الازمة والمبادئ الرئيسية لاعادة بناء الدولة ، اصدار وثيقة عن الشرعية الاجتماعية ، اصدار وثيقة للمصالحة المجتمعية ، وخارطة الحل في ليبيا،إعادة هيكلية مؤتمر القبائل وتشكيل المجلس ورئاسته. مجمل القول أن مجلس القبائل له الدور الاساسي في حل الازمة الليبية .ولايمكن إنجاح أي مبادرة الا بموافقته. وكل المحاولات والحوارات السابقة ثبت فشلها لغيابه عنها ، من ضمنها حوار الصخيرات الذي حظي باشراف وتأييد دولي منقطع النظير.
ما هو موقف المجلس في احتمال وقوع حرب بين خليفة حفتر وجماعة الجظران في اطار «الحرب على النفط» ؟
العمل السياسي في ليبيا اليوم متداخل مع العمل الاجتماعي ويجب أن نفرق هنا بين أمرين.
الأمر الأول :انحصار الصراع بين حفتر وجظران ،وهنا يكون العمل الاجتماعي فيه واضحاً وسيحل الموضوع اجتماعيا وليس عسكريا.
الأمر الثاني :أن يكون جظران جزءا من تحالف ضد حفتر ، وهنا يصبح الصراع عسكريا لتنفيذ مآرب سياسية وتكون له آثار اجتماعية سيئة .
ونحن كمجلس اجتماعي لسنا جزءا من الصراع على السلطة ، ولانسعى إليها بل نسعى إلى تكوين الدولة على ثوابت وطنية محددة.ونبذ الصراع المسلح ونسعى إلى الحوار الهادئ والهادف بعيدا عن قعقعة السلاح.
وكيف تنظرون الى الغارات الامريكية على سرت؟
أمريكا نكبة العالم اليوم وما دخلت مكانا إلا افسدته من كوريا الى فيتنام الى العراق الى ليبيا, التي ناصبتها العداء منذ ثورة 1969 واصدرت عدة قوانين بتجميد ارصدتها وحظر بيعها السلاح وعدة مواد اساسية اخرى بل وحظرت عليها حتى الطائرات المدنية.
اعقبت ذلك بالغارات الجوية عليها في شهر افريل 1986 وحصارها لمدة 8 سنوات وتوجت تدخلاتها في الِشأن الليبي بعدوانها المحموم على الشعب الليبي ومقدراته بأعتى انواع الاسلحة سنة 2011 واخيرا عدوانها على سرت في هذا الشهر والذي لم يكن القصد منه كما تدعي محاربة الارهاب بل حماية الدواعش وتوفير ممرات آمنة لهم بل قامت بانزال ذخيرة ومواد لهم زاعمة انها اسقطت بطريق الخطإ. وذلك حتى يتمكنوا من الانتشار في الاراضي الليبية ليوفروا لها حُجة التدخل في أي منطقة تراها ضرورية لحماية مصالحها وعليه نرفض التدخل بكل اشكاله في الشأن الليبي من أي جهة كانت وعلى رأسها أمريكا.