مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن . وتعد المملكة من أكبر المتضررين من الحرب الدائرة في سوريا على مختلف المستويات سواء الاقتصادية منها او المعيشية او الأمنية . كما أن الأردن يستضيف منذ عام 2011 نحو مليون لاجئ سوري، منهم حوالي 650 ألف لاجئ مسجلين في الأمم المتحدة.
واكد الصفدي أن هذه المبادرة "تنطلق من دور عربي مباشر وحوار سياسي لحل الأزمة وتفرعاتها الأمنية والسياسية". مؤكدا أن الأردن "تنسق مع الأمم المتحدة لإطلاعها على المبادرة وتفاصيلها"، ولفت إلى أن لقاءه مع المسؤول الأممي "بحث في المبادرة من زاوية التنسيق مع الأشقاء العرب، طلاقها بهدف التحرك العربي الجاد لحلّ الأزمة السورية، والتحرك وفق مبدأ خطوة مقابل خطوة".
أهم محاور المبادرة
وجاء ذلك بعد سلسلة مؤشرات حصلت الفترة الماضية في سياق التقارب الرسمي العربي مع سوريا وعودة العلاقات العربية السورية . كما سبقت هذه المبادرة سلسلة زيارات لمسؤولين أردنيين الى دمشق آخرها زيارة وزير لخارجية الأردني الصفدي وهي الأولى له منذ عام 2011 . كما جرى اتصال هاتفي بين الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس السوري السوري، في أعقاب كارثة الزلزال .
وتقوم "المبادرة" الأردنية على مبدإ "الخطوة خطوة" بحيث يقدم المجتمع الدولي مساعدات اقتصادية للنظام ويخفف بشكل متدرج العقوبات المفروضة عليه منذ عام 2011، ويدعم عمليات التعافي والاستقرار، ويمول برامج إعادة الإعمار، مقابل إطلاق سراح المعتقلين والانخراط الجدي في عملية سياسية وكتابة دستور جديد وإجراء انتخابات شاملة بناء عليه.
سياسة جديدة
ويرى المحلل السياسي السوري د.خيام الزعبي لـ" المغرب "أن الأردن ليس بعيداً عما يحدث حوله في المنطقة، إذ ألقت الأحداث الدائرة في سوريا بتبعات متشعبة وارتدادات عكسية موجهة للأردن على الصعيد الإجتماعي والأمني والإقتصادي على حد سواء، فمنذ بداية اندلاع التدخل الخارجي وتدفق الإرهابيين الى سوريا، ويعاني الأردن من ويلات وتبعات حروب الوكالة عن أمريكا وحلفائها والتي يشنها المقاتلون هناك بأموال عربية لزعزعة أمن واستقرار سوريا على حساب وحدة الأرض والتعايش السلمي وتدمير البنى التحتية مما ينعكس على دول الجوار ومنها الأردن."
وأضاف :"ظهرت مؤشرات عدة تكشف عن تبني الأردن لسياسة جديدة في التعامل مع الملف السوري، حيث طرحت مبادرة سياسية لحل الأزمة السورية، وذلك من أجل إيجاد وسيلة لتسوية سلمية للأزمة التي عصفت باستقرار البلاد، وهي مبادرة حسبما تحدث عنها وزير الخارجية الأردني ايمن الصفدي ذات طابع عربي مشترك ينخرط مع الحكومة السورية، بالتنسيق وموافقة الأمم المتحدة، وتقوم على مبدإ خطوة مقابل خطوة".
وعما اذا كانت الجولات والمباحثات الأردنية ستنجح في إيجاد حل قريب ينهي الأزمة في سوريا؟ يجيب محدثنا :" ان الأفكار الأردنية للحل ليست جديدة، وانما تمّ طرحها من الجانب الأردني على القيادة السورية سابقاً، اما اليوم فيبدو ان البيئة السياسية الإقليمية والدولية ساعدت الأردن في اعلانها عن طرح هذه الأفكار على شكل مبادرة، وبالمقابل تدعم المملكة العربية السعودية هذه المبادرة وتدفع بها قدما لتكون أساسا للحل في سورية، خاصة بعد أن فعّلت مسار التواصل مع دمشق".
ويرى مراقبون في ذات الشأن إن الأردن بالتعاون مع أطراف عربية ودولية وفي مقدمتها السعودية تسعي إلى دعم سوريا لإنهاء الأزمة من أجل الحفاظ على الجيش السوري، لان في بقاء الدولة السورية ومؤسساتها متماسكة، هو دعم للأمن القومي الأردني والعربي. ويقول محدثنا أن التحرك الأردني لحل الأزمة في سورية بما يملك من تجربة في المصالحة الوطنية بين أبناء الوطن وتأييد الحل السياسي، هام وضروري، وبارقة أمل كبيرة في الخروج من النفق المظلم والتوصل إلى حل سياسي يعطي الثقة للشعب السوري في الخلاص من الإرهاب والقضاء عليه، وخطوة مهمة باتجاه فتح الطريق للحوار بين مختلف المكونات السورية".
سياسة الحوار بدل عن السلاح
ويشير محدثنا الى ان المتغيرات السريعة في المنطقة تصبّ في مصلحة سوريا حيث بدأت أغلب الدول الغربية والعربية بتحفيز سياسية الحوار بدل سياسية السلاح في سوريا. وهذا ناتج عن قناعة تلك القيادات بأن خطوتها الدموية تجاه سوريا قد فشلت وإن صناعتها للإرهاب قد كشفت. وبالتالي فإن بعض الدول التي كانت سابقاً شريكاً أساسياً بالحرب على الدولة السورية بدأت بالإستدارة والتحول بمواقفها وقامت بمراجعة شاملة لرؤيتها المستقبلية لهذه الحرب المفروضة على الدولة السورية."
وقال :" هناك عوامل مهمة تساعد على إنجاح الحوارات السورية العربية ومن أهمها ضعف قبضة الولايات المتحدة الأمريكية على المنطقة، وفشل مشروعها في سوريا، بالإضافة الى التدخل الإقليمي في الشأن السوري، فضلاً عن ادراك معظم الدول العربية لخطورة تدهور الواقع الامني لدى شعوبها، كل ذلك شجع الدول على ان تسلك طريق المصالحة مع دمشق، وبالمقابل هناك مخاطر كثيرة تقف عائقا امام استكمال هذا الحوار وأهمها العامل الاسرائيلي الذي فقد كل أوراقه في سوريا بفضل صمود الجيش العربي السوري".
مرحلة جديدة من التسويات
ويؤكد الزعبي بان هناك تحركات متسارعة ومكثفة على أكثر من جبهة، وتصريحات عدة لمسؤولين دوليين وإقليميين، تشير في جملتها إلى أن المنطقة على أبواب مرحلة جديدة، وأن مرحلة الصراعات والفوضى التي عمت المشرق العربي، في السنوات الماضية، قد استنفذت غاياتها، وأننا نتجه نحو مرحلة التسويات". ويضيف بالقول :" إن الملفات المتداخلة في المنطقة ستخضع لما قد يحدث في الفترة المقبلة وتتأثر بها، وجميع الإحتمالات واردة والجيش العربي السوري يواصل انتصاراته، وهو الذي قام بقلب الموازين وأسقط الحسابات. وقال ان ان واجب الدول الصديقة لسورية ومسؤولياتها القومية يلزمانها دعم هذا التطور والبحث عن حلول لإيجاد الأرضية المشتركة والمخارج المناسبة لإنهاء الأزمة في سوريا بأسرع وقت ممكن، وفق قوله .