ليبيا: إحياء الذكرى 11 للإطاحة بنظام القذافي في ظل استمرار الأزمة السياسية

أحيا الليبيون أمس الخميس الذكرى الحادية عشرة لانطلاق الثورة التي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي عام 2011، وذلك في وقت يمرّ فيه الانتقال

إلى الديمقراطية بمنزلق جديد يثير المخاوف من تجدّد العنف وذلك على وقع تصاعد الخلاف السياسي.وتحلّ الذكرى السنوية للثورة في وقت تشتد فيه الانقسامات بين المؤسسات المتنافسة في الشرق وفي الغرب وتعيش البلاد منذ العاشر من فيفري مع رئيسي وزراء متنافسين في طرابلس، بعد ان تخلّفت عن انجاز الاستحقاق الانتخابي الذي كان محددا نهاية العام الماضي وكان يفترض أن يضع ليبيا على سكة تجديد مؤسساتها الديمقراطية بالاقتراع لاستعادة حياة سياسية طبيعية.
وعيّن مجلس النواب الذي يتخذ من الشرق مقرّا وزير الداخلية السابق والسياسي النافذ فتحي باشاغا (60 عاما) رئيسا للحكومة ليحل محل عبد الحميد الدبيبة، لكن هذا الأخير أكد على عدم استعداده للتخلي عن السلطة إلا لسلطة منتخبة، مما يشكل وضعاً سياسياً معقدا، ويثير مخاوف من تجدّد الصراع المسلح. بمناسبة ذكرى الثورة التي بدأت في خضم ما عرف بـ«الربيع العربي»، وقد زُيّنت الشوارع الرئيسية في طرابلس بالأحمر والأسود والأخضر، وهي ألوان العلم الوطني الذي تم اعتماده بعد سقوط نظام الجماهيرية السابق.
وستقام اليوم الجمعة، حفلات موسيقية مع أغان ثورية وألعاب نارية في ساحة الشهداء في طرابلس حيث كان «قائد الثورة» القذافي يلقي خطاباته، قبل أن تسقطه انتفاضة شعبية انطلقت في 17 فيفري 2011.
عرض قوة
ولا تساعد الانقسامات العميقة والتدخلات الخارجية وانعدام الأمن ليبيا على الخروج من أزمتها التي خلفت تداعيات سلبية على سكانها السبعة ملايين، وذلك رغم احتياطيات النفط الوفيرة في البلاد التي يفترض أن تضمن للليبيين مستوى معيشيا مريحًا، لكن ذلك لا يبدو ممكن التحقيق في الأجل القريب.
على الصعيد السياسي، عرفت ليبيا منذ سقوط القذافي ما لا يقل عن تسع حكومات، وخاضت حربين أهليتين ولم تنجح في تنظيم انتخابات رئاسية.وفي دليل على التوترات المتصاعدة بعد التعيين المثير للجدل لرئيس الوزراء الجديد، اجتمعت المجموعات المسلحة في مصراتة في طرابلس في نهاية هذا الأسبوع، للتعبير عن دعمها للدبيبة، والانخراط في استعراض قوة في قلب العاصمة.
ومع ذلك، كان الأمل في التهدئة حقيقيًا جدًا. في نهاية العام 2020، تم التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار تلاه إطلاق عملية سلام أنتجت سلطة تنفيذية موحدةً للمؤسسات في عموم البلاد، سرعان ما اتضح لاحقاً أنها «غير كافية» لتحقيق الوحدة المنشودة، في ظل صراع محموم على السلطة.
وضمن هذا الإطار، عُيّن الدبيبة قبل سنة على رأس حكومة انتقالية، مهمتها توحيد المؤسسات وقيادة البلاد إلى انتخابات رئاسية وتشريعية حدد موعدها في 24 ديسمبر الفائت.
لكن الخلافات العميقة أدت إلى تأجيل هذه الانتخابات إلى أجل غير مسمى. وكان المجتمع الدولي يعلق آمالا كبيرة على الانتخابات لتساهم في استقرار بلد تحوّل بسبب الفوضى، الى مركز للهجرة غير القانونية إلى أوروبا، وبؤرة تنشط فيها جماعات متطرفة خصوصا في جنوب ليبيا.
ويرى الباحث المتخصص في الشأن الليبي جلال حرشاوي، رغم ذلك، أن هناك «عددا من الموضوعات التي تقدمت فيها ليبيا»، مشيرا إلى أنّها «لم تشهد أي معارك كبيرة بالأسلحة النارية منذ جوان 2020. العديد من الأعداء اللدودين حتى قبل عامين مضيا باتوا يتحدثون مع بعضهم البعض، بل ويتحالفون في بعض الحالات ، هذه بداية المصالحة».
في ديسمبر الماضي، أظهر باشاغا الذي كان مرشحا رئاسيا في حينه، تقارباً مع السلطة المنافسة التي كانت تتخذ من الشرق مقرا، عندما سافر إلى بنغازي والتقى اللواء حفتر.
ولم يعد اليوم الصراع بين الشرق والغرب، بل بين اللاعبين الرئيسيين في المنطقتين. فقد بات فتحي باشاغا يحظى بدعم من رئاسة مجلس النواب (شرق)، والمجلس الأعلى للدولة (الغرفة الثانية في البرلمان) في طرابلس (غرب)، ومن حفتر.
أمام فتحي باشاغا حتى 24 فيفري لتشكيل حكومته وتقديمها إلى البرلمان. وحتى ذاك التاريخ وفي حال نجاحه في نيل ثقة النواب لإجازة حكومته، تبقى معرفة ما إذا كان الدبيبة سيوافق على التنازل عن السلطة.
الأمم المتحدة تدعو إلى الحفاظ على الهدوء
في الأثناء دعت الأمم المتحدة، «جميع أصحاب المصلحة» في ليبيا إلى الحفاظ على الهدوء في العاصمة طرابلس.جاء ذلك خلال رد المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الدولية، ستيفان دوجاريك، على سؤال صحفي بشأن تقارير إعلامية عن توافد حشود عسكرية على طرابلس، داعمة للحكومة الحالية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ورافضة لتعيين وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا رئيسا جديدا للحكومة.
وقال دوجاريك إن «المعلومات التي لدينا تقول إن الأوضاع هادئة في طرابلس».وتابع: «رسالتنا لجميع أصحاب المصلحة، ولكل من لديه نفوذ على أصحاب المصلحة في ليبيا، هي ضرورة العمل للحفاظ على الاستقرار في ليبيا والإحجام عن أي أعمال استفزازية».واستطرد: «هناك هدوء في طرابلس، ورسالتنا للجميع هي ضرورة ضمان استمرار هذا الهدوء».ويوم أمس الخميس، صوّت مجلس النواب في طبرق (شرق) لصالح اختيار باشاغا رئيسا لحكومة جديدة، وكلّفه بتشكيلها خلال 15 يوما.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115