حاصرت وأغلقت منافذ قاعدة بوستة البحرية المقر المؤقت للمجلس الرئاسي ورئيسه السراج. كما جرت مواجهات مسلحة وصفت بالعنيفة بأغلب شوارع العاصمة طرابلس بين المليشيات المعارضة والمؤيدة لقدوم السراج وخاصة شارعي أبو العلاء المعري وعمر المختار وللحد من مخاطر تلك المواجهات تم اتخاذ قرار من طرف حكومة الإنقاذ بتحويل جميع الرحلات الدولية والمحلية من مطار معيتيقة طرابلس إلى مطار مصراتة.
مقابل ذلك التصعيد قامت الكتائب الأمنية بمنطقة تاجوراء بإخراج أسلحتها وأعلنت دعمها لحكومة الوفاق وذلك بعد لقاء قياداتها رئيس الحكومة المكلف فايز السراج الذي باشر أعماله من داخل قاعدة بوستة البحرية تحت حراسات مشددة وبوجود العشرات من الخبراء الأمنيين والعسكريين الأجانب.
وقد عمل السراج منذ دخوله طرابلس مساء أمس الأول على طمأنة الليبيين متعهدا بفتح حوار جاد ومثمر مع كل الأطراف لأجل ليبيا وتوحيد المؤسسات مثل مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط وإجراء المصالحة الوطنية وجبر الضرر مؤكدا على أن الأولوية خلال المائة يوم الأولى لعمل حكومته ستكون إعادة الأمن والاستقرار، المصالحة الوطنية ومحاربة الإرهاب.
ردود أفعال إيجابية
وضمن مواقف الدعم المحلية أعلن حرس المنشآت النفطية المنطقة الوسطى على لسان المتحدث باسمه علي الحاسي الاستعداد لفتح الموانئ النفطية للتصدير بمجرد طلب حكومة الوفاق ذلك. ورجحت مصادر من المؤسسة الوطنية للنفط أن يبلغ إنتاج النفط الخام 800 ألف برميل في غضون شهرين وهو الذي يبلغ الآن 350 ألف برميل فقط.
وتعليقا على ما تعهد به السراج لاحظ نشطاء سياسيون محليون أن المهم والاهم أن تكون خطوات السراج المعلن عنها في الاتجاه الصحيح ولا ضرر ولا عيب إن أخذ التطبيق بعض الوقت. وأجمع هؤلاء على أن ليبيا ما بعد تنفيذ الاتفاق السياسي هي غير ليبيا عهد القذافي فهي بإمكانها فرض رؤيتها على المجتمع الدولي وهي في موقف قوة وإملاء شروطها سواء فيما يخص محاربة الإرهاب أو الهجرة غير الشرعية لكن قبل طرح رؤيتها يجب على حكومة الوفاق حسن ترتيب البيت الداخلي وعلى قواعد سليمة باعتبار أن جميع الظروف مهيأة لتكون ليبيا ضمن الدول الراقية ويطيب فيها العيش فحتى الخلافات ليست بالعميقة بين القبائل والمدن والمصالحة ممكنة شرط توفر حسن النية وعامل الثقة بين الحكومة وشعبها المسالم.
وفي سياق ردود الأفعال الداخلية أكد ممثلو المجتمع المدني بمناطق عدة غرب البلاد دعمهم لحكومة السراج مطالبين مجلس النواب بالتعجيل بعقد جلسة المصادقة على حكومة الوفاق واستغلال الفرصة التاريخية لإنقاذ ليبيا وإعادة الاستقرار وإعلان جدي لوقف إطلاق النار.
في ذات السياق كشفت ذات التسريبات المتعلقة باستكمال إيطاليا الاستعداد بإرسال قواتها إلى طرابلس أن الولايات المتحدة الأمريكية تمارس نوعا من الضغط على إيطاليا لكي تتولى قيادة القوات الغربية المزمع إرسالها إلى طرابلس كخطوة أولى.
مصير ومستقبل الاتفاقيات السابقة
على الرغم من تواصل رفض حكام طرابلس وهما أساسا رئيس حكومة الإنقاذ ورئيس المؤتمر الوطني وعدد قليل من المليشيات المسلحة المتشددة وجماعات قليلة أيضا مارقة على القانون يمكن اعتبار أن حكومة الوفاق هي الطرف الشرعي الوحيد المعترف به دوليا وحتى شعبيا والكل أشاد بجرأة فايز السراج بتصميمه إنجاز الخطوة الأهم على طريق تنفيذ الاتفاق السياسي ألا وهي دخول طرابلس أصبح من الجائز طرح الكثير من الاستفسارات كتلك المتعلقة بشعور أعضاء البرلمان بالمسؤولية كي يسارعوا بمنح الثقة للحكومة ثاني الأسئلة تتعلق بمدى تعويل السراج على أعيان القبائل، آليات وكيفية التعامل مع الثوار والمليشيات، أيضا ما مدى جاهزية الديبلوماسية الليبية لإعادة تلميع صورة ليبيا التي ارتبط اسمها بالفوضى والإرهاب؟
ليبقى السؤال الأهم بالنسبة لدول الجوار والإقليم يتعلق بمصير ومآل الاتفاقيات والمعاهدات المختلفة التي وقعها كل من مجلس النواب طبرق والمؤتمر الوطني طرابلس، خاصة الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية مع مصر، السودان، تونس وغيرها.
ومع أن الخوض والحديث حول هذه المسألة مازال مبكرا إلا أن المقربين من رئيس حكومة الوفاق الوطني السراج يؤكدون الاتجاه نحو تعديل بعض تلك الاتفاقيات خاصة العسكرية منها وفي جانب الأعمار يذهب هؤلاء للتأكيد أن السراج من أشد المؤمنين بدعم التعاون المغاربي وتكريس شراكة حقيقية.
مؤتمر صحفي للسراج ومسيرات دعم لحكومة الوفاق
من المتوقع وبحسب مصادر مقربة من المجلس الرئاسي أن يعقد اليوم الجمعة ومن داخل القاعدة البحرية بوستة المقر المؤقت للسراج هذا الأخير مؤتمرا صحفيا بحضور وسائل إعلام محلية ودولية يوضح من خلاله خطة عمله وأولويات المرحلة القادمة والراهنة ويتوجه بالشكر للمجموعة الدولية على دعمها المتواصل لتنفيذ الاتفاق السياسي كذلك من المنتظر ودوما بحسب المصادر المقربة من المجلس الرئاسي أن يتوجه السراج للشعب الليبي برسائل طمأنة ودعوتهم للالتفاف حول حكومة الوفاق.
إلى ذلك تقرر تنظيم مسيرات تأييد ودعم لحكومة الوفاق اليوم الجمعة في كل من مصراتة والزاوية ومدن الجظرة وغات وكانت مصراتة ثالث أكبر مدن ليبيا شهدت خروج مسيرة حاشدة أمس دعما للحكومة المعترف بها دوليا بمشاركة وكلاء وزارات حكومة السراج الذين وصلوا المدينة مباشرة من تونس في نفس يوم دخول المجلس الرئاسي ورئيسه لطرابلس على متن زورق حربي. أما فيما يتعلق بالمسيرات المعارضة لحكومة الوفاق فقد اقتصرت على مدينة بنغازي ولم يتجاوز عدد المشاركين فيها العشرات الذين طالبوا بانقلاب عسكري للحيلولة دون إقرار التسوية السياسية بشكلها الحالي. في حين لم يصدر أي موقف رافض أو مؤيد لدخول المجلس الرئاسي عن مدن الجبل الأخضر، القبة، أجدابيا، البيضاء، شحات وأيضا مدن الجنوب سبها، الكفرة، مزرق، أوباري، هون.
طرف آخر له وزنه عسكريا وسياسيا والمقصود به الجنرال خليفة حفتر قائد عملية الكرامة التزم الصمت التام ولم يدل بأي موقف حيث واصل طيرانه الحربي العمودي قصفه مواقع تنظيم داعش الإرهابي في مرتفعات الفتايح درنة ودك أوكار ما يسمى بثوار بنغازي في محاور القتال الهواري، معمل الإسمنت وبوعطني.