ليبيا: حكومة الوحدة الوطنية، التحديات والرهانات

أصدرت حكومة الإنقاذ الوطني التابعة للمؤتمر الوطني في طرابلس قرارا مفاجئا بغلق الملاحق الجوية لمطاريْ معيتيقة في طرابلس ومطار مصراتة حتى يجري النظر في دخول أعضاء المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، وكانت حكومة الإنقاذ برئاسة خليفة الغويل

قبل ذلك القرار المفاجئ أعلنت حالة الطوارئ القصوى وحشدت المليشيات بهدف غلق أبواب العاصمة طرابلس أمام أعضاء المجلس الرئاسي وفريق السراج في صورة تعكس تمادي حكام طرابلس الغرب رفض التسوية السياسية، وتجاهل وتحد صارخ للعقوبات الدولية على معرقلي تنفيذ بنود الاتفاق السياسي الموقع بين الفرقاء السياسيين في 17 ديسمبر 2015 بالصخيرات المغربية.

وهكذا يرى المتابعون أن المجلس الرئاسي وحكومة السراج يواجهان تحديات بالجملة عرقلت ولا تزال تعرقل مباشرة أعمالهما فعليا من داخل طرابلس ،فبعد إعلان حكومة الغويل ورئاسة مؤتمر حالة الطوارئ القصوى والتعليمات الصارمة الصادرة إلى كل من وزارة الداخلية والدفاع في توخي بكل حزم تطبيق مضمون الإعلان والتصدي لكل خرق، جاء قرار غلق الملاحة الجوية بمطاري معيتيقة ومصراتة ولم يتوقف تصعيد الأطراف النافذة غرب ليبيا عند ذلك الحد إذ أصدر تجمع ثوار وسرايا طرابلس بيانا شديد اللهجة موجها إلى المجلس الرئاسي ورئيسه فايز السراج تضمن جملة من المطالب.

أولا تحديد المجلس الرئاسي الموقف من الجنرال خليفة حفتر وعملية الكرامة في الشرق الليبي وأيضا لموقف من مجلس شورى ثوار بنغازي. ثانيا إدماج الثوار ومختلف السرايا والمليشيات صلب المؤسسة العسكرية والأمنية ثالثا اعتماد الشريعة الإسلامية وضمان دور محوري لدار الإفتاء رابعا وأخيرا تحديد وتوصيف المليشيات والتوافق على قانون الإرهاب.
جملة الشروط هذه وضعها ثوار طرابلس وبدون توضيحها من طرف المجلس الرئاسي فلن يكون بإمكانه دخول العاصمة طرابلس.

بين التأييد والرفض
وقد اختلفت المواقف حول هذا البيان بين مؤيد ورافض لما صدر عن ثوار طرابلس حيث أكد الشق المؤيد أن شريحة الثوار قد جرى «تهميشها» من قبل المجلس الرئاسي ورئيس الحكومة المكلف فايز السراج، وأن اللجنة الأمنية قد تجاهلت الثوار الذين ساهموا في إسقاط نظام معمر القذافي. وبدل التعاون معهم اتصلت لجنة وضع الترتيبات الأمنية بجيش القبائل غرب ليبيا ،والسراج شخصيا سبق أن عقد جلسة في مدينة المرج مقر القيادة العامة لقوات الكرامة مجتمعا مع الجنرال حفتر وبحضور رئيس المخابرات المصرية .
ويضيف الشق الداعم لبيان ثوار طرابلس أنه من حق هؤلاء طلب توضيحات وضمانات من المجلس الرئاسي، وأيضا لهم الحق حول التوافق على تعريف وتوصيف الإرهاب فباستثناء الإجماع الحاصل محليا ودوليا على اعتبار «داعش» تنظيما إرهابيا وكذلك تنظيم «أنصار الشريعة» فإن الخلط قائم في ليبيا حول جماعات أخرى وتكفي الإشارة إلى أن برلمان طبرق سبق أن صوت على قانون نص على أن فجر ليبيا تنظيم إرهابي.
أما الشق الرافض لبيان ثوار طرابلس فقد اعتبر البيان أنه لا يعدو ان يكون سوى عرقلة جديدة لمخرجات الحوار السياسي تدخل في خانة العبث السياسي والتداخل الفظيع بين ما هو سياسي وعسكري ب،اعتبار أن المطالب المقدمة ليست من اختصاص عمل المجلس الرئاسي وأن هذا الأخير مكلف بتطبيق بنود الاتفاق السياسي لا أكثر ولا أقل.

أولا اعتماد الشريعة الإسلامية اختصاص صريح لهيئة صياغة الدستور والتي اتجهت سابقا لإقرار تلك النقطة لكن المبعوث الدولي وجه إليها خطابا رسميا دعاها إلى إلغاء تلك المادة.
ثانيا توصيف الجماعات الإرهابية موضوع معقد وواسع وعريض ويتطلب توافقا وطنيا يعجز المجلس الرئاسي الخوض فيه.

المحصلة أن تحديات كبيرة تقف أمام المجلس الرئاسي قبل دخوله إلى طرابلس وتذليل تلك التحديات متوقف إلى حد كبير على دعم المجتمع الدولي ومدى قدرة الليبيين على تجاوز المصالح الضيقة وإعلاء مصلحة البلاد والعباد.

نفي استقالة السراج
إلى ذلك نفى مصدر من داخل المجلس الرئاسي ما تم تداوله من أنباء عن عزم رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج تقديم استقالته، مؤكدا تكثيف السراج لسلسلة مشاوراته واتصالاته مع كل الأطراف ذات العلاقة قصد التسريع بمباشرة أعمال المجلس من داخل العاصمة الليبية.

يشار إلى أن السراج قام ومنذ تعيينه على رأس حكومة الوفاق بحوالي 12 زيارة إلى دول الجوار: الجزائر، المغرب، مصر ودول الإقليم: إيطاليا، الإمارات، الأردن، سلطنة عمان، السعودية وغيرها كما تحول إلى الداخل الليبي في خمس مناسبات. ومع أن إحدى تلك الزيارات إلى الداخل كانت خاصة بتعزية عائلات شهداء العملية الإرهابية زليتن إلا أن فايز السراج حرص خلال كل تلك التنقلات على الاستماع إلى كل الأطراف المعنية بالأزمة الليبية. في سياق ثان عقد مجلس النواب المعترف به دوليا الاثنين جلسة لمناقشة مشروع التوافق الوطني الذي توصل إليه الحوار الليبي – الليبي الذي اعتمد على المسودة الرابعة للحوار السياسي وطالب بإلغاء توسعة المجلس الرئاسي، لكن كالعادة لم يحصل إجماع داخل البرلمان وتواصلت التجاذبات بين كتل مجلس النواب ليبتعد التوافق على الليبيين مرة أخرى. علما وأن الدعوات صدرت من جديد قصد نقل جلسات البرلمان إلى خارج مدينة طبرق لضمان حضور جميع النواب.

سيناريو صبراتة يتكرر؟
أكدت مصادر متطابقة قادمة من غرب طرابلس وغير بعيدة عن الحدود المشتركة مع تونس أن عناصر من تنظيم «داعش» الإرهابي تسيطر على معسكر أم شويشة غرب مدينة العجيلات وأن تحركات لعناصر ومجموعات مشبوهة جرى رصدها خلال الأيام الأخيرة غير أن متحدث عسكري العجيلات كذب وفند تلك الأنباء المتعلقة بوجود «داعش» في العجيلات.
ما جاء على لسان المتحدث عن عسكري العجيلات، ذكرنا بما سبق للمدعو حسين الذوادي المسؤول البلدي الأول عن صبراتة الذي قال نفس الكلام وبنفس الأسلوب عن وجود «داعش» في صبراتة قبل الغارة الأمريكية بـــ 48 ساعة، لتأتي الغارة الأمريكية بعد يومين وتؤكد الولايات المتحدة أنها أحبطت هجوما إرهابيا على تونس كانت المجموعة المستهدفة تخطط للقيام به.

الواضح والمؤكد وهذا بناء على التقارير المحلية وشهود العيان والأهالي بمختلف مناطق غرب ليبيا أن داعش تغلغل في جميع المناطق المتاخمة للحدود مع تونس والبعيدة قليلا عن تلك الحدود لكن درجة تغلغله تختلف من منطقة إلى أخرى حيث نجد الوجود علنيا وظاهرا في صرمان، العجيلات ومخفيا في زوارة، الزاوية، الجميل، الرقدالين. كما أنه أصبح مؤكدا أن تنظيم داعش الإرهابي ربط الصلة مع قطاع التهريب والرعاة الأفارقة قرب الحدود مع تونس ويعمل على تجنيد هؤلاء الرعاة وشراء ذممهم بإغداق الأموال عليهم لتوفير المعلومات إليه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115