ضغوطات بين الاستمرار في العمل بصيغته الحالية او إعادة تشكيل المجلس الرئاسي بصيغة اخرى معدلة.
استقالة الكوني التي ارجع اسبابها –في مؤتمر صحفي - الى مسؤولية المجلس الرئاسي «عن كل المآسي التي حدثت طيلة العام الماضي من قتل وخطف واغتصاب»، لكنه أرجع ذلك إلى عدم التزام الأطراف الموقعة على اتفاق الصخيرات بتنفيذه، مما جعل «العمل وفق الاتفاق السياسي أشبه بالمستحيل». كما أدان الكوني جميع الأجسام السياسية لأنها وفق تعبيره «لم تساعد المجلس الرئاسي على توحيد مؤسسات الدولة». وكشف موسى الكوني لأول مرة أن ««نعترف بأننا فشلنا في أن ندير الدولة لأسباب عدة أولها أننا كأعضاء للمجلس الرئاسي لم نختر بعضنا بعضا .. غير مسؤولين عن زملائنا المتناقضين كما تعلمون. نحن لسنا على قلب رجل واحد وهذا غير خاف على الجميع.» وأضاف «وقفنا عاجزين عن اتخاذ قرارات شجاعة .. لا سلطة لنا على المؤسسات وأهمها البنك المركزي.» وتابع الكوني قائلا «إن الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة فشلت في معالجة المشكلات الملحة الناجمة عن سنوات من الصراع والفوضى السياسية».
وتلقي استقالة الكوني الى الواجهة المزيد من الشكوك حول مدى قدرة الرئاسي على الصمود في ظل تعالي الاصوات المطالبة باستقالة رئيسه فايز السراج بتعلة فشله اولا في الحصول على صك الشرعية من البرلمان وفق مايقتضيه الدستور وفشله ثانيا في ادارة شؤون البلاد التي مافتئت اوضاعها تزداد تأزما وسوءا. يشار الى انّ المجلس الرئاسي يعاني منذ تشكيله صراعا متناميا برزت حدته في البداية من خلال مقاطعة اثنين من أعضائه للمجلس وهما عمر الاسود وعلي القطراني وهو ما احدث انقسامات داخلية وصلت حد اصدار اعضائه بيانات متناقضة ساهمت في خلق شكوك ومخاوف من مدى قدرة المجلس الرئاسي ككل في ادارة شؤون البلاد في مرحلة حرجة من تاريخها .
ويؤكد مراقبون ان احد اهم اسباب هذه الاستقالة هي إصدار عضو المجلس الرئاسي، فتحي المجبري ، قرارات بتعيينات في مناصب حساسة مثل قائد جهاز المخابرات، وقوة مكافحة الإٍرهاب، ووزير العدل، وهو ماخلف انتقادات واعتراضات صلب المجلس ، كما ادى الى صدور اعتراض عن النائب عبد السلام كاجمان، عضو المجلس الرئاسي على هذه القرارات، في بيان رسمي مما خلق حالة من الفوضى في هذا الهيكل السياسي الليبي الذي لطالما شهد انقسامات داخلية حادة.
السراج وتحدي الاستمرار
ومع انتهاء المدة القانونية لعمل المجلس الرئاسي يوم 17 ديسمبر 2016 بموجب اتفاق «الصخيرات» التاريخي الذي تمّ توقيعه بين الفرقاء في ديسمبر 2015 ، دخل المشهد السياسي الليبي من جديد مرحلة من الغموض حول مستقبل حكومة الوحدة التي تواجه انقساما داخليا حادا يرى مراقبون انه قد يؤثر على الدعم الدولي للسراج خصوصا في ظل الاستقالات وتجميد العضوية من اعضائه وماخلقه ذلك من مخاوف من عودة البلاد الى دائرة الشك والفوضى التي سيطرت عليها لمدة 6 سنوات منذ الاطاحة بنظام معمر القذافي سنة 2011.
وفي ديسمبر 2015، وقعت أطراف الصّراع الليبي- بمدينة الصخيرات المغربية- على اتفاق مصالحة وصفه المجتمع الدولي بالتاريخي وكان أهم ما تضمنه الاتفاق منح صلاحيات رئيس الحكومة لمجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني (فايز السراج) الذي يترأسه رئيس الحكومة نفسه وعلى رأسها قيادة الجيش والقوات المسلحة وبدء مرحلة انتقال جديدة تستمر 18 شهرا وفي حال عدم انتهاء الحكومة من مهامها قد يتم تمديد المدة 6 أشهر إضافية ونص الاتفاق أيضا على تشكيل المجلس الأعلى للدولة من أعضاء المؤتمر الوطني العام الجديد والإبقاء على مجلس النواب الليبي المنتخب في جوان 2014. ويواجه رئيس حكومة الوحدة الوطنية فايز السراج تحديات عدة لعل اهمها في الوقت الراهن تحدي استمرار عمل المجلس الرئاسي رغم المعارضة الداخلية المتفاقمة .
وجاء الاتفاق بعد أشواط مرهقة من المباحثات الداخلية والخارجية، وذلك في خطوة وصفها المجتمع الدولي بالتاريخية لتجاوز الأزمة التي تقبع فيها البلاد منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي سنة 2011. فعقب سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 إثر ثورة شعبية، دخلت ليبيا في مرحلة من الانقسام السّياسي تمخّض عنها وجود حكومتين وبرلمانيين وجيشين متنافسين في طرابلس (غربا) ومدينتي طبرق والبيضاء (شرقا) ، مما كرّس حالة من الانقسام والصراع الحاد في البلاد.
الرئاسي في مهب الانقسامات
اتفاق الصخيرات الذي وقعت عليه انذاك وفود عن المؤتمر الوطني الليبي العام بطرابلس، وبرلمان طبرق، شرقي البلاد ، بالإضافة إلى وفد عن المستقلين، اعترض عليه المشير خليفة حفتر (القائد العام للجيش الليبي )، ليحشد- رغم استمرار الخلاف- دعما دوليا واسع النطاق .الاّ انّ الحكومة التي انبثقت عن الاتفاق والتي ترأسها فايز السراج فشلت في الحصول على صكّ شرعيتها الداخلية المتمثلة في ثقة البرلمان وفق ماينص عليه الدستور الليبي .
وفق اتفاق الصخيرات ايضا تمّ تشكيل المجلس الرئاسي وهو مؤسسة تنفيذية وظيفتها القيام بمهام رئاسة الدولة بصفة مشتركة، وضمان قيادة القوات المسلحة الليبية.يتكون المجلس من 9 أعضاء، من بينهم رئيس وثلاثة نواب له، كل واحد منهم من الاقاليم الثلاثة في ليبيا، طرابلس وبرقة وفزان. إلا انّ اتفاق الصخيرات اعطى المجلس الرئاسي مهلة انتهت صلاحيتها وهو مايعيد الى الواجهة مجدّدا معضلة «الشرعيّة» في ليبيا. وفي حال لم يتمّ التمديد للمجلس سيدخل هذا الهيكل التنفيذي ايضا في اطار العمل غير القانوني كحال باقي الهياكل على غرار برلمان طبرق ، وحكومة الإنقاذ والمؤتمر الوطني.
ويرى متابعون للشأن الليبي انّ المرحلة المقبلة ستشهد استمرار حالة الانقسام السياسي في وقد تمتد الى مزيد تكريس واقع الاقتتال في البلاد ، قد يصل وفق مراقبين الى فرض وصاية خارجية على البلاد لضمان فرض الامن والاستقرار في بلد عمر المختار.