على رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما، تحديا صارخا لإحتجاجات شعبية حاشدة شهدتها فرنسا في الآونة الأخيرة عبرت عن رفضا لهذا المشروع .
وجاء هذا التصويت عقب معركة إجرائية حادّة بين مجلس الشيوخ ذي الغالبية اليمينية وممثلي اليسار.وصوّت 201 عضو لصالح رفع سنّ التقاعد مقابل 115 عضواً صوّتوا ضدّه.
وينصّ مشروع القانون على رفع سن التقاعد القانوني تدريجياً من 62 إلى 64 عاماً، بواقع 3 أشهر سنوياً، وذلك اعتباراً من 1 سبتمبر 2023 وحتى 2030.
كما ينصّ على زيادة مدّة الاشتراكات المطلوبة في الضمان الاجتماعي من 42 عاماً إلى 43 عاماً لكي يحصل المتقاعد على معاشه التقاعدي كاملاً، أي دون أن تلحق به أيّ خصومات.
وتعارض غالبية كبرى من الفرنسيين هذا المشروع رغم أن مراقبين يرون أن الإضرابات والإحتجاجات الشعبية المستمرة لن تمنع من إقرار هذا المشروع الذي تعتبره الحكومة مشروعا إصلاحيا.
ومن المتوقع وفقاً لخطة الحكومة أن يقرّ البرلمان الفرنسي بمجلسيه هذا الإصلاح بحلول 16 مارس الجاري. ويرى متابعون أن هذا القرار سيفجر موجة جديدة من الإضرابات .علما وأن إضرابات واحتجاجات المرحلة السابقة كانت بدعوة وتنظيم من جميع النقابات العمالية، ليشمل معظم القطاعات الحيوية، أبرزها النقل والملاحة الجوية والتعليم والصحة.
=
لأول مرة منذ أكثر من عشر سنوات، تتوحد النقابات العمالية في فرنسا للمشاركة في إضرابات وتظاهرات عبر كامل الأراضي الفرنسية، حيث ارتفع معدل التضخم في البلاد بنسبة 5.2% في 2022، وفق المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية.
من المعلوم أن الحكومة الفرنسية لا تتمتع بأغلبية نسبية في الجمعية الوطنية. إذ يعارض كل من اليسار واليمين المتطرف الإصلاح، فيما تقترح وحدها المعارضة اليمينية الكلاسيكية تسوية محتملة.
ودعت الحكومة الفرنسية الى تجنب " تعطيل" البلاد، في وقت يوقع فيه محللون مزيدا من الإحتجاجات والإضرابات ضد هذا المشروع .
وعلى صعيد آخر يرى البعض أن هذا المشروع شكل عاصفة سياسية تنضاف للمعضلات التي تواجهها فرنسا مثل سائر دول العالم المتأثرة بتداعيات اقتصادية صعبة لوباء كورونا. وأيضا تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ، على غرار بلدان أوروبية كثيرة تضرّرت من ارتفاع أسعار الطاقة العالمية.
شعبية ماكرون على المحك
وأظهر استطلاع للرأي أن شعبية الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ ثلاث سنوات.
وقد أجرت شركة الأبحاث والاستشارات "إيبسوس" الاستطلاع ونشرت نتائجه في صحيفة "لوبوان"، أمس الأول.
وكشف الاستطلاع عن أنّ شعبية ماكرون وصلت إلى أدنى مستوياتها في ثلاث سنوات، عقب الاحتجاجات التي رافقت خطة إصلاح نظام التقاعد المثيرة للجدل.
كما تراجعت شعبية رئيسة الوزراء إليزابيث بورن بمقدار 7 نقاط، حيث انخفضت إلى 27%، وفقاً للاستطلاع.
وقد وضعت الأزمات الدبلوماسية والإخفاقات العسكرية والتحولات الجيوسياسية في الخارج ، ومرورا بتداعيات الأزمة الصحية العالمية، إلى الإضطرابات الاقتصادية في ظل الانخفاض التاريخي لليورو والارتفاع القياسي لنسبة التضخم، ووصولا للانتخابات الرئاسية التي ضمن فيها إيمانويل ماكرون بقاءه لعهدة ثانية، والانتخابات التشريعية التي شهدت صعودا تاريخيا لليمين المتطرف . كل هذه التراكمات بالإصافة لقانون التقاعد تضع ماكرون في فوهة بركان.