وتنادي منذ تسعينيات القرن الماضي بتفكيك الإتحاد أو الخروج منه.
أهم العواصم الأوروبية كانت في الموعد مع «الكارثة التاريخية» التي هزت عرش أوروبا. من فرنسوا هولاند إلى أنجيلا ميركل إلى ماتيو رنزي، كل الزعماء أفصحوا عن حجم الرهانات التي تواجه أوروبا بعد 23 جوان. أكدوا جميعهم على الحفاظ على الإتحاد. لكن العبارات المستعملة اختلفت من زعيم إلى آخر. بالنسبة لميركيل المهم هو اتخاذ قرارات جماعية. أما فرنسوا هولاند فأخذ بزمام الأمور و نادى إلى تغيير جذري في الإتحاد مطالبا قبل كل الآخرين بالتركيز على بعض الأسس الهامة المتعلقة بالأمن وحراسة الحدود ودعم التصنيع و توحيد القوانين المالية والاجتماعية تدعيم اليورو. وهي في حد ذاتها اقتراحات لا تعطي للشعوب الأوروبية أملا جديدا أو حلما يمكن لهم الاقتناع به.
في المقابل كان الوزير الأول الفرنسي أكثر وضوحا إذ اعتبر أن هنالك خطر انحلال أوروبا» مركزا على موضوعي الإرهاب والهجرة والتطرف. وذهب أبعد من رئيسه إذ قال «حان الوقت لإعادة تأسيس أوروبا أخرى مع الإستماع إلى الشعوب». وهي العبارات القريبة من تلك التي استعملتها مارين لوبان وجون لوك ميلونشون وكذلك بعض قادة اليمين التقليدي.
سيناريو الانحلال
سيناريو خروج بريطانيا التاريخي من الإتحاد الأوروبي كان محل دراسة كل الأحزاب المتطرفة الرافضة للمشروع الأوروبي. وقد اجتمعت يوم 17 جوان في مدينة فيينا أهم الأحزاب الأوروبية المتطرفة في «قمة أوروبية» موازية لتدارس الأمر في حالة نجاح عملية البريكسيت. وكان من ضمن المشاركين حزب الجبهة الوطنية لمارين لوبان والأحزاب الشعبوية من النمسا وهولندا وإيطاليا. و إثر الإعلان عن النتائج طالبت مارين لوبان مباشرة بتنظيم استفتاء مماثل في فرنسا. وكانت قد وعدت عام 2013 بتنظيم استفتاء للخروج من اليورو في صورة انتخابها رئيسة للجمهورية عام 2017 عندما كان الحزب يدعو إلى تكوين «أوروبا الأمم» . هذا التحول النوعي مرده المباشر البريكسيت.
في نفس الوقت طالب غيرت فيلديرز زعيم حزب الحرية الهولندي المتطرف بتنظيم استفتاء حول أوروبا في صورة نجاح حزبه في الانتخابات التشريعية القادمة في مارس 2017. في حين لا يشكل موقف مارين لوبان خطرا حقيقيا على فرنسا لأنها لا تملك أغلبية للفوز بقصر الإيليزي، فإن المشهد الهولندي مختلف. كل استطلاعات الرأي أشارت منذ عدة أسابيع أن حزب فيلديرز يتصدر قائمة الأحزاب و أن له إمكانيات حقيقية للفوز بأغلبية الأصوات. وهو ما يشكل خطرا حقيقيا على الإتحاد الأوروبي. إذ يصعب الحفاظ على تماسك أوروبا في حالة خروج هولندا بعد أن عانت ولا تزال من إمكانية خروج اليونان من منطقة اليورو.
أزمة مالية في الأفق؟
الجمعة الأسود في الأسواق المالية اعتبره المحللون الماليون في وول ستريت أهم صدمة مالية في التاريخ ضربت كل البورصات العالمية بدون استثناء. لكن بورصة لندن التي تقهقرت ليلة الجمعة إلى نسبة 8 % تراجعت و غلقت المضاربات بخسارة لا تفوت 5،3 % في الوقت الذي خسرت فيه باريس 8 % . البنوك الباريسية سجلت خسائر جسيمة في الأسواق. 20 % لسوسيتي جينيرال و 15% لكريدي اغريكول و 12 % لباريبا. هذه المعطيات كانت في صميم قمة الأزمة التي دعا إليها فرنسوا هولاند صباح الكارثة ثم في مجلس الوزراء الخارق للعادة. وهي التي شكلت خطرا مباشرا على الإقتصاد الفرنسي مما جعل الرئيس هولاند يدعو إلى اجتماع مع ماتيو رنزي ليوم السبت في باريس ثم لقمة مصغرة مع البلدان المؤسسة للإتحاد في برلين مع انجيلا ميركل يوم الإثنين قبل انعقاد القمة الأوروبية أيام الثلاثاء والأربعاء القادمين. حتى يتمكنوا من إطفاء الحريق.