تدخل المملكة المتّحدة في مرحلة تاريخية جديدة. ومباشرة عقب هذا القرار أعلن الوزير الأول ديفيد كامرون عن عزمه التنحي من منصبه إلى حين يتولى في الأشهر القادمة زعيم آخر قيادة البلد في مفاوضات الخروج من الإتحاد.
بأكثر من 17 مليون صوتا، فاز شق الخروج من الإتحاد وبنسبة 9، 51 % من الأصوات في استفتاء شارك فيه بنسبة عالية (72 %) 33 مليون ناخب . الأرقام الرسمية أشارت إلى نسب عالية لفائدة البقاء في مدينتي لندن ومنشيستار وكذلك في اسكتلندا وايرلندا الشمالية، لكن باقي المملكة صوت بصورة ضخمة لصالح الخروج. وجسم هذا الاقتراع الهوة الكبيرة بين النخبة (سياسيين ومثقفين ومستثمرين) وباقي الشرائح الاجتماعية من فقراء ومعطلين عن العمل وسكان المناطق الريفية المنسية من عجلة التنمية. وتبين أنّ المملكة المتحدة منقسمة بصفة الأولى تشكل خطرا على وحدتها.
مباشرة بعد بداية فرز الأصوات بدأت المضاربات على الجنيه الإسترليني. و مع الإعلان عن النتائج النهائية خسر الجنيه 10 % من قيمته . وتقهقرت كل البورصات العالمية . 10 % في باريس و7 % في طوكيو و6 % في فرانكفورت و5 % في وول ستريت قبل أن تسترجع بعض نسب من الحيوية مع تدخل البنوك المركزية وتصريحات المسؤولين في بريطانيا. وقرر البنك المركزي البريطاني تخصيص 250 مليار جنيه لضمان السيولة للبنوك البريطانية. يقدر البنك المركزي خسارة العائلات البريطانية بما يعادل 220 جنيه إسترليني في السنة للعائلة الواحدة بعد أن تمتعت مدة 43 سنة من العضوية الأوروبية بالاستقرار والازدهار.
إستقالة ديفيد كامرون
في أول تصريح له أمام باب داونينغ ستريت، قال دافيد كامرون أنه لا يزال يؤمن أن “بريطانيا داخل الإتحاد الأوروبي تكون أقوى”. لكنه أقر أن الديمقراطية البريطانية قوية و”أن الشعب البريطاني أخذ قراره و أنه سوف يحترمه” ويعمل على “ضمان استقرار العملة وطمأنة الأسواق والمستثمرين”. وأضاف أن” لا تغيير في الأيام القادمة لوضع الأوروبيين المقيمين في بريطانيا و أن العلاقات مع الإتحاد الأوروبي لن تتغير في الأشهر القادمة”. وقرر أن “البلاد تحتاج إلى زعامة جديدة للدخول في مفاوضات مع أوروبا” وأنه لا يرى نفسه “يقود السفينة” بعد هذه الهزيمة، معتبرا أن مؤتمر الحزب المحافظ سوف يختار زعيما جديدا في أكتوبر القادم. لكن قرار التنحي يفتح الباب أمام تغيير المسؤولين المنهزمين في الأحزاب الأخرى التي لم تتمكن من إقناع الشعب بدعم مواقفهم. وهو ما يشير الى تقلبات سياسية داخل الأحزاب وما يفتح، بالنسبة للحزب الحاكم، مسار الصراع على الزعامة بين بوريس جونسون، عمدة لندن السابق، الذي ساند البريكسيت وزعماء آخرين من حزب المحافظين.
تصريحات كبار المسؤولين عبرت عن امتعاضها لقرار الخروج من الإتحاد مؤكدة ما أقرته الانتخابات من قطيعة بين النخبة السياسية المتمسكة بأوروبا وقطاعات عريضة من الشعب البريطاني. لكن زعيم المعارضة جيريمي كوربين، رئيس الحزب العمالي، انتقد قرار دافيد كامرون تنظيم الاستفتاء. و طالبه بالعمل على ضمان الاستقرار . ولوحظ أنه لم يطلب منه تقديم استقالته بل طالبه بالعمل على الدفاع عن الجنيه الإسترليني وضمان الاستثمارات في بريطانيا و الدفاع عن المؤسسات التي.....