رجح كفة «حركة خمسة نجوم» للكوميدي الشهير بيبي غريلو الذي جاءت قائماته الانتخابية في صدارة عديد المدن بما فيها العاصمة روما.
13 مليون إيطالي تم استدعاؤهم للمشاركة في الانتخابات ولم تتجاوز نسبة المشاركة 62،1 % ، 5 نقاط أقل من الانتخابات البلدية لعام 2011. هذه النسبة المتردية و صعود الحزب المنافس حركة «5 نجوم» أصبحت تهدد حكومة ماتيو رنزي لأن الرأي العام وجه أصواته الى حزب منافس لم يحصل في انتخابات 2011 على أكثر من 10 % في المدن الكبرى. وها هو اليوم يتصدر قائمات روما وعددا من المدن الكبرى.
ربيع النساء
الملفت للإنتباه هو بروز عدد كبير من النساء و توصلهن الى الدور الثاني مما يعطيهن حظا وافرا للنجاح. أهم حالة تتعلق بمدينة روما أين مني روبرتو جياكتي مرشح الحزب الديمقراطي الحاكم بهزيمة أمام المحامية فيرجينيا راجي، وعمرها 37 عاما، التي حصلت على 35،6 % من الأصوات متقدمة ب 11 نقطة . وهي وجه جديد في السياسة الإيطالية لا يعرفها الكثير من الناس منذ عامين. وهو ما يعتبر في حد ذاته حدثا تاريخيا. إذ في صورة تأكد دعم أحزاب اليمين لترشحها سوف تصبح أول عمدة لمدينة روما منذ عام 753 قبل المسيح. فوز امرأة في مدينة الرومان التي نحتها الرجال تعتبر زلزالا للثقافة السياسية الإيطالية. موجة مشاركة النساء في القائمات الانتخابية وصعودهن في الدور الثاني في مدن مثل روما وميلانو و نابولي و بولونيا ومعاقل رجالية مثل مدن الجنوب الذي تنخره المافيا منذ عقود، هو علامة على رغبة الناخبين في تجديد الطبقة السياسية برمتها. في بعض المدن لم يبق في الدور الثاني سوى امرأتين للتنافس على كرسي العمدة. وهو اعتراف بأن النساء اللاتي تقلدن مناصب في البلديات أظهرن حنكة و مهارة في حل المشاكل العالقة وقربا من قضايا المواطنين الحساسة و دراية بمعاناتهم اليومية من مشاكل النقل و النظافة والطرقات والسكن وغيرها من المهام المناطة بعهدة البلديات. و ذلك بعيدا عن المهاترات السياسية والإيديولوجية التي تعود عليها الناخب الإيطالي.
فوز «بيبي غريلو»
نتائج الدورة الأولى للانتخابات البلدية هي بدون منازع فوز للكوميدي بيبي غريلو الذي صنع حزب 5 نجوم على خلفية محاربة نظام الأحزاب التقليدية. وإن تأخر في انتخابات 2014 بعد صعود ماتيو رنزي للحكم، وهو وجه جديد نسبيا، فإن حزبه رجع تحت الأضواء بفشل الحكومة الحالية، رغم الإصلاحات الجوهرية في قانون الشغل و التقاعد والجباية والنظام الدستوري، في التوصل إلى تحسين المردود الاقتصادي والقضاء على البطالة ودحر المد المخيف للمافيا التي استولت على مقاليد الحكم في مدينة روما وكذلك في بعض مدن الشمال. من ناحية أخرى لم تجن أحزاب اليمين شيئا ملموسا إذ أثرت انقساماتها في نتائجها في الدورة الأولى. ولم ينجح سيلفيو برلسكوني زعيم «فورسا إيطاليا» في توحيد صفوف اليمين مما ساهم في هزيمته. ويبدو التوتر واضحا في صفوف هذه الأحزاب خاصة بعد دخول برلسكوني للمستشفى، إثر الإعلان عن النتائج، من جراء مشاكل في القلب.
تهري النظام السياسي التقليدي
نتائج يوم الأحد أرجعت إيطاليا إلى حلبة النقاش الأولى حول تغيير النظام السياسي و مكونات الطبقة السياسية. تثبيت «حركة 5 نجوم» في المشهد السياسي هي عنصر من العناصر التي برزت في إدخال وجوه جديدة في الحلبة السياسية. الحزب الديمقراطي اليساري كان قد بدأ في هذا التجديد مع رئاسة ماتيو رنزي وهو يواصل ذلك في ممارسته للحكم. أما أحزاب اليمين فلم تجد إلى حد اليوم مخرجا لتغول سيلفيو برلسكوني وانقسام قادته بين فاشستيين جدد و بقايا الديمقراطية الكاثوليكية. وهو ما لا يساعد على خلق بديل لحكومة الديمقراطيين. انطلاقا من الأرقام المسجلة يوم 5 جوان ،أصبح حزب «5 نجوم» يشكل رهانا حقيقيا للديمقراطيين وبديلا بديهيا لعدد متزايد من الناخبين الغاضبين من مردود الحكومات المتعاقبة. وان كانت الانتخابات لا تتعلق بالشأن العام، بل بتجديد البلديات، فإن الناخب الإيطالي أراد أن يعطي إنذارا لحكومة ماتيو رنزي في انتظار الانتخابات التشريعية القادمة. لكن تنظيم الاستفتاء على الدستور المبرمج لشهر أكتوبر القادم، ربما يعجل بتغيير الأوضاع في صورة فشل رنزي في إقرار التغيير المنتظر. في تلك الحالة لا مفر له من حل البرلمان ودعوة الناخبين لانتخابات تشريعية مبكرة.