هل ستنتهي الخلافات بين دمشق وأنقرة؟ تركيا ومساعي تأسيس «آلية قوية» لإنهاء الحرب والصراع في سوريا

شكل الدور التركي في سوريا محور تجاذبات وخلافات بين قيادتي دمشق وأنقرة وباقي الأطراف الدولية الفاعلة على أرض الحرب في سوريا، إذ يعد الصدام السمة البارزة للعلاقات بين تركيا وسوريا

منذ بدء الحرب وذلك بسبب دعم نظام أردوغان للمعارضة المسلحة السورية . لكن يبدو أن حدة التوتر بين البلدين قد بدأت بالتراجع وسط حديث عن بوادر انفراج قريب في الأزمة بين انقرة ودمشق.ولعل المتغيرات الدولية المتسارعة والإقليمية قد ساهمت في تغييرات كبرى في عدة ملفات، سواء على الصعيد العالمي أو في الشرق الأوسط والمنطقة العربية على غرار الحرب الروسية الأوكرانية وما رسمته من ملامح جديدة للنظام الدولي.
وفي سياق الربط بين المنعطفات والأحداث المختلفة لرصد هذه البوادر التي تدل على قرب إنتهاء الحرب في سوريا ، تحدث الكاتب السوري د. خيام الزعبي عن وجود ديناميكية جديدة في المنطقة توحي بمشهد إيجابي يجعل التساؤل الملح اليوم هل بدأ حقا العد التنازلي لإنتهاء الأزمة في سوريا خاصة بعد تغير النهج التركي وعودة أنقرة الى الحضن السوري ؟ وفق تعبيره.
وبخصوص العلاقات التركية السورية قال الكاتب ان هناك خطوة جديدة تخطوها تركيا في اتجاه إصلاح ما أفسدته سياتها الخارجية خلال الفترة السابقة، حيث كشف الرئيس التركي أردوغان عن أن بلاده تبني «آلية قوية» مع روسيا في مسعى لإنهاء الحرب والصراع في سوريا، كما أن تركيا باتت جاهزة الآن لتغيير منهجها إزاء الأزمة السورية.
وتابع» بدأ العد العكسي للأزمة السورية، خاصة بعد التحركات السياسية لوزراء الدفاع ورؤساء الاجهزة الامنية السورية والتركية والروسية واجتماعها في موسكو، واتفاق الأطراف على إنشاء آلية ثلاثية مؤلفة من موظفين في الاستخبارات والجيش والسلك الدبلوماسي تعمل لإنهاء الصراع في سورية، وحماية وحدة أراضيها، ومكافحة الإرهاب والمتطرفين، وعودة اللاجئين، كما يتعهد أردوغان بإغلاق الحدود التركية السورية في وجه أي إمدادات بشرية أو تسليحية أو مالية للجماعات السورية المسلحة المتهمة بالإرهاب، والانسحاب من كافة الاراضي السورية».
وأشار إلى أن المعطيات والدلالات التي فرضت التغيير في الموقف الدولي والإقليمي كثيرة ، أهمها: صمود الشعب السوري وجيشه ، وصلابة الموقف الروسي الإيراني،وأيضا غياب إستراتيجية دولية لمكافحة داعش وأخواتها،عدم قدرة المجموعات المسلحة على تحقيق أي إنجاز إستراتيجي وعسكري، وتوسع الإرهاب في المنطقة».
من الحل العسكري إلى التفاهمات السياسية
واضاف محدثنا «بالمقابل إن مرور معادلة الحل في سوريا عبر التفاهم الدولي والإقليمي يقتضي ان يتم التعامل مع الأمور من باب تقديم التنازلات من جميع الأطراف ذات الشأن بالأزمة السورية، إذ تدرك تركيا تماماً أن الدخول الى المرحلة القادمة يتطلب المرونة وتقديم بعض التنازلات لدمشق، كل هذه الأسباب والمتغيرات كان طبيعياً أن يحاول أردوغان اللحاق بالركب في تغيير سياسته، وبذلك أدرك أردوغان متأخراً أن سقوط الدولة السورية لن يكون لمصلحة تركيا، كما كان يعتقد، بل إن إنهيار الدولة سيؤدي إلى حدوث مشاكل داخل تركيا نفسها، ويدفع بالأكراد إلى إعلان دولتهم على الحدود مع تركيا، مما ستكون له تبعاته الخطيرة على وضع الأكراد داخل تركيا» على حد قوله.
وأكد الزعبي» إن الدلالات و التوقعات تشير الى توجه الرئيس أردوغان او رئيس وزرائه الى دمشق، والمتابع لتصريحات وتهديدات الرئيس أردوغان في بداية الأزمة السورية لا يمكن ان يتوقع تراجع نبرته تجاه سورية في هذه الفترة، لذلك يبدو ان تركيا اقتنعت أخيراً، بقبول الحل السلمي للأزمة السورية بالطرق الدبلوماسية، وفي ضوء هذا الواقع، أن المعركة البائسة لإسقاط الدولة السورية لن يكتب لها النجاح، ولم يعد وارداً لدى دول العالم التغاضي عن أهمية دور الجيش السوري في التصدي لظاهرة الإرهاب».
وشدد الكاتب السوري على ان المتابع للأحداث في الوقت الحاضر يرى أن الأزمة السورية بدأت تأخذ طريقها إلى الحل ونعتقد أنها بداية النهاية لحل عقدة الشرق الأوسط في التخلص من الإرهاب والعودة الى الإستقرار، ودمشيرا إلى ان الأسابيع القليلة القادمة ستكون شاهدة على تغييرات جذرية في ملف العلاقات السورية التركية، من شأنها أن تحمل المزيد من المفاجآت، لأن تركيا لا تملك خياراً سوى الدخول في معركة لضرب الإرهاب وعليها أن تتعاون مع دمشق لضرب المتطرفين وأعوانهم، وإعادة ترتيب الأوراق من جديد نحو تحقيق المصالحات مع دول المنطقة.
تغير لهجة تركيا
ولعل المتابع للأحداث في المنطقة ككل وفي سوريا بشكل خاص سيرى أن الأحداث والمتغيرات الدولية ساهمت بشكل كبير في دفع عجلة التفاهمات في أزمات المنطقة العربية على غرار الأزمة السورية ،وذلك لعدة اعتبارات فمثلا ساهم التقارب بين أنقرة وموسكو والتنازلات التي قد تقدمها الأولى لمزيد تعزيز تحالفها مع الدب الروسي في تزايد الفرضيات القائلة أن الأزمة السورية تسير نحو الحل .
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، إنه أكد خلال الاجتماع الثلاثي في موسكو مع نظيريه الروسي والسوري، «على ضرورة حل الأزمة السورية بما يشمل جميع الأطراف، وفق القرار الأممي رقم 2254».
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها، الأيام الفارطة، قبل عودته إلى بلاده قادماً من العاصمة الروسية موسكو، التي شارك فيها باجتماع ثلاثي ضم وزراء دفاع ورؤساء أجهزة الاستخبارات في تركيا وروسيا وسوريا.وأضاف أكار: «من خلال الجهود التي ستبذل في الأيام المقبلة يمكن تقديم مساهمات جادة لإحلال السلام والاستقرار في سوريا والمنطقة.»وحول فحوى الاجتماع الثلاثي الذي استمر قرابة ساعتين، أفاد أكار بأنهم بحثوا الخطوات التي يمكن اتخاذها «من أجل تأمين السلام، والهدوء والاستقرار في سوريا والمنطقة، وتحويل التطورات فيها إلى مسار إيجابي

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115