تعهّدات مالية وبنود أخرى للمناقشة: القمة الأمريكية-الإفريقية ومساعي تصحيح مسار العلاقات الثنائية

أكدت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، في عددها الصادر صباح أمس الأربعاء، أن القمة الأمريكية-الإفريقية التي بدأت فعالياتها يوم أمس الأول الثلاثاء، لمدة ثلاثة أيام

بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تسعى إلى تصحيح مسار العلاقات الثنائية بين أمريكا والدول الإفريقية في العديد من المجالات، لاسيما في ما يخص نهج «واشنطن» المتشدد تجاه «موسكو».
وذكرت الصحيفة - في مستهل تقرير لها نشرته عبر موقعها الإلكتروني في هذا الشأن - أنّ القمة الحالية تأتى بعد أكثر من ثماني سنوات على دعوة الرئيس الأسبق باراك أوباما لأول مرة قادة من جميع أنحاء إفريقيا إلى البيت الأبيض، ومنذ ذلك الحين، استغلت العديد من القوى العالمية الأخرى فرصة غياب الحوار مع إفريقيا وتودّدت إلى العديد من بلدانها، ومن بين هذه القوى روسيا وتركيا والصين، التي ظلت تعقد منتدى كل ثلاثة سنوات لتعزيز العلاقات مع إفريقيا وتوسيع نفوذها في القارة السمراء.
وسلّطت الصحيفة، في تقريرها، الضوء على اجتماع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن مع رؤساء جيبوتي والنيجر والصومال، حيث شكرهم على تعاونهم مع الجيش الأمريكي وانتقد في الوقت نفسه ما وصفه بالسياسة التي تنتهجها الصين لتوسيع نفوذها الاقتصادي في إفريقيا.
وقال أوستن عن الصين:»إنهم لا يلتزمون بالشفافية دائمًا فيما يتعلق بما يفعلونه وهذا يخلق مشاكل ستؤدي في النهاية إلى زعزعة الاستقرار إذا لم تكن كذلك بالفعل»، مضيفًا:» أن روسيا تبيع أسلحة رخيصة وتدعم المرتزقة وأعتقد أن الجمع بين تلك الأنشطة من قبل هذين البلدين، يستحق المراجعة».. كذلك شارك وزير الخارجية أنتوني بلينكن في الاجتماع مع أوستن وعقد اجتماعات أخرى مع القادة الأفارقة، فيما حضرت نائب الرئيس كامالا هاريس ومسئولون ومشرعون آخرون جلسات حول الشتات الإفريقي والمجتمع المدني وتغير المناخ.
وتعليقًا على الأمر، كتبت «وول ستريت جورنال» أن القمة تأتي في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى حشد تحالف عالمي يهدف إلى عزل روسيا بسبب عملياتها العسكرية في أوكرانيا والحفاظ على دعم كييف في جهودها الحربية، خاصة بعدما واجهت الدول الغربية مقاومة من بعض أكبر الدول النامية في العالم التي لها علاقات مع موسكو، بما في ذلك البرازيل والهند وجنوب إفريقيا.

وأضافت:»أن العديد من القادة الأفارقة يعتبرون التنمية السريعة التي حققتها الصين في فترة قصيرة قصة نجاح اقتصادي؛ حيث أشار رئيس غانا نانا أكوفو أدو يوم أمس الأول الثلاثاء إلى أن الصين لا تحتاج إلى مطالبة أي دولة أخرى بالاحترام.. وقال: «دعونا نجعل قارتنا مكانًا مزدهرًا وناجحًا كما ينبغي، وبعد ذلك سيتبعنا الباقون».

وأبرزت الصحيفة أن حجم التجارة الثنائية في البضائع بين الولايات المتحدة وإفريقيا بلغت 64.3 مليار دولار العام الماضي، بانخفاض أكثر من النصف منذ عام 2008، وفقًا لمكتب الإحصاء الأمريكي الذي أرجع السبب في الغالب إلى استبدال النفط الصخري في الولايات المتحدة بواردات النفط الخام من دول مثل نيجيريا، فضلًا عن زيادة التوترات خلال فترة حكم الرئيس السابق دونالد ترامب وما تلى ذلك من تعقيد الصعوبات أمام دول القارة فيما يخص الحصول على لقاحات كوفيد-19 في عام 2021 والآثار التي خلفتها العقوبات الغربية على أسعار الوقود حتى تصور الأفارقة بأنهم يحتلون مرتبة متدنية في قائمة أولويات السياسة الخارجية الأمريكية على حد قول الصحيفة.

من جانبه، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان: إن الهدف من القمة هو أن تبرهن واشنطن للقادة الأفارقة أن الولايات المتحدة شريك موثوق لتحقيق أهدافهم التنموية، دون إجبارهم على الالتزام بخط واشنطن بشأن القضايا الدولية، مثل الحرب في أوكرانيا.. وقال:»نحن لا نتعامل مع هذا من وجهة نظر إكراه دول أخرى هذه ليست الطريقة التي ستتعامل بها الولايات المتحدة مع شركائها في إفريقيا».

وأكد سوليفان أن الولايات المتحدة ستلتزم بمبلغ 55 مليار دولار لإفريقيا، وهي قارة يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، على مدى السنوات الثلاث المقبلة في مبادرات رئيسية مثل تعزيز دفاعات البلدان ضد تأثير تغير المناخ وبناء أنظمة كهربائية لا تعتمد على الوقود الأحفوري وتحسين الرعاية الصحية فيها.

تعهد بتقديم 55 مليار دولار
من جهتها أعلنت واشنطن عن التزامها بتقديم 55 مليار دولار إلى الدول الأفريقية على مدار ثلاثة أعوام، بالتزامن مع استعدادها لاستضافة القمة الأمريكية الأفريقية التي سيعلن فيها عن استثمارات جديدة وستبحث الأمن الغذائي الذي تراجع مع الحرب في أوكرانيا، وتغير المناخ، والديمقراطية والحوكمة.
وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان إن الولايات المتحدة «ستضع الموارد على الطاولة» خلال القمة. وأضاف أن الرئيس بايدن سيقيم مأدبة عشاء مساء أمس الأول الأربعاء لنحو 50 من الزعماء الأفارقة ويعلن دعم الولايات المتحدة لانضمام الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين.وقال سوليفان إن بايدن سيعين أيضا ممثلا خاصا لتنفيذ الأفكار التي ستناقش خلال القمة، كما تخطط وزارة الخارجية الأمريكية لتعيين السفير جوني كارسون لهذا الدور.
وأكد أن الولايات المتحدة لن «تفرض شروطا» خلال القمة الأمريكية الأفريقية لدعم حرب أوكرانيا.والقمة التي تستغرق ثلاثة أيام في واشنطن ستشكل مناسبة للإعلان عن استثمارات جديدة وبحث الأمن الغذائي الذي تراجع مع الحرب الروسية على أوكرانيا وتغير المناخ بالإضافة إلى الديمقراطية والحوكمة.
وهدفها الأساسي قد يكون أيضا إثبات أن الولايات المتحدة لا تزال مهتمة بأفريقيا بعد ثماني سنوات على أول قمة من نوعها عقدت عام 2014 في ظل رئاسة باراك أوباما.
الانفتاح على الجميع
وكدليل على هذا الانفتاح دعت الولايات المتحدة إلى القمة كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي والتي تقيم «علاقات جيدة» معها باستثناء بوركينا فاسو وغينيا ومالي والسودان.
وبين القادة المنتظر حضورهم رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بعد أكثر من شهر على توقيع اتفاق سلام مع متمردي تيغراي وكذلك رئيسي رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية في خضم الصراع في شرق البلاد في مواجهة تمرد حركة مارس-23.
كذلك سيحضر رئيسا مصر عبد الفتاح السيسي وتونس قيس سعيّد، ورئيس غينيا الإستوائية تيودورو أوبيانغ نغويما مباسوغو بعد أيام على وصف الولايات المتحدة إعادة انتخابه بأنها «مهزلة».
ويحمل تيودور أوبيانغ الرقم القياسي العالمي في طول مدة الحكم بين رؤساء الدول الذين ما زالوا على قيد الحياة.والغائب الوحيد البارز هو رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا الذي يواجه مشكلات في بلاده وسط اتهامات بالفساد.وقالت مولي بي من وزارة الخارجية الأمريكية»من الواضح أننا نواجه انتقادات من قبل هؤلاء الذين يتساءلون عن سبب دعوة هذه الحكومة أو تلك التي لدينا مخاوف معها».
وأضافت: «لكن هذا يعكس رغبة الرئيس بايدن ووزير الخارجية بلينكن في إجراء مناقشات محترمة بما يشمل أولئك الذين لدينا خلافات معهم».
وقالت الدبلوماسية البارزة خصوصا إنها تتوقع «مناقشة قوية» حول قانون البرمجة بشأن «النمو في أفريقيا» الذي تم تمريره في عام 2000 وربط رفع الرسوم الجمركية بالتقدم الديمقراطي. ينتهي العمل بهذا القانون في عام 2025.وأضاف مفيمبا بيزو ديزوليلي الذي يرأس برنامج أفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن أن القمة «تقدم فرصا فعلية لكن أيضا بعض المخاطر».
وتابع أن «هذه فرصة للإشارة لأفريقيا بأن الولايات المتحدة تستمع فعليا»، مضيفا «لكن التوقعات عالية جداً والسؤال سيكون معرفة ما إذا كانت الأمور ستتغير فعلا».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115