دعوات دولية لحماية الأفغانيات: أفغانستان في مستنقع ظلامية «طالبان»

شكل مشهد استيلاء حركة طالبان المتشددة من جديد على الحكم في أفغانستان -في أوت المنقضي- زلزالا غير متوقع في العالم خاصة بعد تولي الجماعة لمقاليد الحكم

إثر الإنسحاب الأمريكي من البلاد ، وذلك في مشهد دراماتيكي أظهر للعلن فشلا أمريكيا ودوليا غير مسبوق في هذا البلد الذي شهد أعنف الحروب على مرّ التاريخ . وبينما لم يتجاوز العالم بعد صدمة تولي هذه الجماعة الأصولية المتشددة الحكم زادت ممارساتها ضدّ الأفغانيين بمختلف شرائحهم وفئاتهم خاصة منهم النساء .
وكان الانسحاب الأمريكي من أفغانستان بعد 20 عاما من الحرب وتسليح وتدريب واشنطن لجيش أفغاني قالت أنها هيّأته لتولي قيادة البلاد بعد مغادرة قواتها البلاد ، قد أظهر للعالم فشلا غير مسبوق في سياسة أمريكا التي امتد لعشرين عاما في أفغانستان وهو ما عرّض الولايات المتحدة الأمريكية لكمّ هائل من الانتقادات .
واعتبر مراقبون سقوط كابول مجدّدا تحت قبضة هذه الحركة المتطرّفة، سيناريو شبيه بما حدث في العراق عام 2014 عندما تمكّن تنظيم ‘’داعش’’ الإرهابي من إقامة دولة الخلافة المزعومة على مساحات واسعة في العراق .
وفي أوت 2021 استيقظ العالم على انهيار القوات الحكومية الأفغانية أمام هجمات هذه الجماعة المتطرقة وفرّ الرئيس أشرف غني من البلاد، وسط حالة من الفوضى العارمة التي عمت البلاد وجعلتها تغرق أكثر فأكثر في مستنقع الظلامية مع عودة طالبان بكل ما يحمله ذلك من انعكاسات وتداعيات .
ومنذ إعلان الحركة عن تشكيلتها الحكومة ومحاولاتها فرض «شرعيتها’’ على دول العالم ، واجهت المنظمات الأممية والدول الغربية ‘’تطرف’’ الحركة وانتهاكاتها لحقوق النساء بصفة خاصة وممارستها ضدّ الأفغان ، رفضا قويا ودعوات لضرورة إيقافها عن تماديها في هذه الإخلالات التي أعادت البلاد سنوات إلى الوراء.
وفي هذا السياق قالت مجموعة من الخبراء الأمميين إن ‘’استهداف النساء والفتيات من قبل طالبان يعمق الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان والحريات الخاصة بهن والتي كانت تعد بالفعل الأكثر قسوة على مستوى العالم، وقد ترقى إلى مستوى الاضطهاد القائم على النوع الاجتماعي، الأمر الذي يعتبر جريمة ضد الإنسانية’.وفي بيان صدر أمس، قال الخبراء إن سلطات الأمر الواقع أبعدت الفتيات مؤخراً عن التعليم الثانوي، وحظر النساء من أماكن عامة، وحصرتهن في منازلهن، وهو ما «يرقى إلى السجن ومن المرجح أن يؤدي إلى زيادة مستويات العنف الأسري وتحديات الصحة العقلية.»
وقد أعرب الخبراء عن ‘’قلقهم العميق من أن معاقبة الأقارب الذكور على الجرائم المزعومة للنساء والفتيات، وتشجيعهم على التحكم في سلوكهن وملابسهن وحركاتهن، «كل ذلك يهدف إلى إجبار الرجال والفتيان على معاقبة النساء والفتيات اللاتي يقاومن محوهن من قبل طالبان، وحرمانهن من حقوقهن وجعل العنف ضدهن أمرا طبيعيا.»
كما عبر الخبراء عن استيائهم إزاء استهداف المدافعات عن حقوق الإنسان، وأضافوا: «نشعر بقلق بالغ على سلامة المدافعين عن حقوق الإنسان المعتقلين، ونذكر طالبان بأن اعتقال الأشخاص بسبب ممارسة حقوقهم الأساسية غير قانوني ويشكل اعتقالاً تعسفيا.»
انتهاكات كبيرة
ووفق متابعين فمنذ استيلاء طالبان على أفغانستان في أوت 2021، وثقت المفوضية العديد من حالات العقوبات الجسدية، التي نُفِّذت علناً، بسبب انتهاكات مزعومة للقواعد الدينية أو الأخلاقية في العديد من الحالات. مؤخراً، تم جلد امرأة ورجل 39 جلدة لقضاء بعض الوقت بمفردهما خارج إطار الزواج، وتم جلد طفل 60 مرة لسرقة بسيطة، وجلد رجل 20 مرة لسرقته من متجر. كما تعرضت ثلاث نساء و11 رجلاً للجلد ما بين 35 و100 جلدة يوم الأربعاء في ملعب لكرة القدم في مقاطعة لوغار بسبب جرائم مزعومة، بما في ذلك السرقة، «انتهاك قواعد السلوك الاجتماعي» أو «العلاقات غير الشرعية.»
وقالت المفوضية السامية في بيانها: «إن العقوبة الجسدية تعتبر انتهاكا لحقوق الإنسان بموجب القانون الدولي. كما نشعر بالقلق من أن الاعتقالات وجلسات المحاكمة وإصدار الأحكام والعقوبات تتم جميعها في نفس اليوم. جميع الناس لديهم الحق في أن يعاملوا بكرامة ومساواة.»
ولئن يرى مراقبون أن تداعيات الانسحاب الأمريكي كانت كارثية على الجانبين الأفغاني والأمريكي على حد سواء بعد 20 عاما من الحرب، إلا أن المخاوف الدولية تتركز اليوم على حركة «طالبان» التي زادت أيضا من وتيرة نشاطها وهجماتها في الآونة داخل أفغانستان وعلى الحدود مع باكستان وسط دعوات غربية الى ضرورة التفاوض .
ورغم سعي المتفاوضين من الحكومة الأفغانية وجماعة ‘’طالبان’’ برعاية أمريكا إلى إرساء آلية تفاوض وحوار بين الحكومة الأفغانية وهذه الحركة المتشددة إلاّ أن التعثر لازال يرافق الإجتماعات بين الطرفين بعد عصيان وحرب مستمرة لأكثر من أربعين عاما أودت بحياة الآلاف وشردت أعدادا كبيرة من المدنيين في البلاد، وسط غموض نوايا حركة طالبان في ظل المعضلات السياسية الحادة التي تعيشها أفغانستان هذه الفترة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115