باليستي متطور وعابر للقارات أمس. وتأتي التجربة المثيرة للجدل بعد ساعات قليلة على تبادل الكوريتين لإطلاق صواريخ وذلك وسط مخاوف من دخول المنطقة في حرب مؤجلة منذ سنوات طويلة قد تُدخل العالم برمته في متاهات وانقسامات جديدة على غرار ما أفرزته الحرب الروسية الأوكرانية من متغيّرات عميقة في النظام الدولي.
تصاعدت حدة المخاوف الدولية بعد التجربة الصاروخية أمس-وهي التجربة السابعة خلال 12 شهر - وسط مخاوف من أنها ستختبر قريبا سلاحا نوويا، علما وأنّ الصاروخ الذي أطلقته بيونغ يانغ مصمم لضرب أهداف على الجانب الآخر من العالم، وفقا لهيئة الأركان المشتركة للجيش في كوريا الجنوبية. فوفق وزير الدفاع الكوري الجنوبي، تعمل كوريا الشمالية على صنع قنبلة مصغرة يمكن تحميلها فوق صاروخ عابر للقارات.ولا تزال الكوريتان في حالة حرب من الناحية النظرية، إذ أن صراعهما الذي امتد من 1950 إلى 1953 انتهى بهدنة لا بمعاهدة سلام.
ووفق مصادر رسمية أطلقت كوريا الشمالية أكثر من 20 صاروخا، وصل أحدها إلى ضواحي مدينة كورية جنوبية وهو ما أطلق صيحة فزع محلية ودولية ليأتي ردّ الجارة الجنوبية بإطلاق 3 صواريخ جو أرض، من طائرات حربية على منطقة ترسيم الحدود البحرية المتنازع عليها بين البلدين. بعدها أطلقت بيونغيانغ 6 صواريخ وحوالي 100 قذيفة مدفعية.
ويرى مراقبون أنّ هذه الإطلاقات - التي اعتبرت تهديدا ليست الا استعراضا لن يصل الى حد الحرب في حين قال البعض أنها بداية لتصعيد أخطر- هو التدريبات المشتركة التي تضم الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية وهو تقارب ترفضه بيونغ يانغ بشدّة خاصّة وأنّ العلاقات بين كوريا الشمالية وأمريكا لم تنجح كل المبادرات واللقاءات (دارت أهمها في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب) في تقريب وجهات النظر بين البلدين. ووفق آخر التطوّرات لا يبدو أنّ العلاقات ستتجاوز البرود المُخيّم عليها منذ عقود خاصة وسط اتهامات لنظام بيونغ يانغ بدعم روسيا بأسلحة في حربها ضدّ أوكرانيا.
تعيش شبه الجزيرة الكورية حراكا عسكريا غير مسبوق تحسبا لاحتمالات مفتوحة قد تصل الى حد شنّ ضربة عسكرية ضد كوريا الشمالية بسبب برنامجها النووي المثير للجدل .وتستنفر كوريا الشمالية والجنوبية بعد تبادل القصف بين الجانبين ، خاصة وأن دولا غربية تعتبر أن برنامج بيونغ يانغ النووي ‘’يمثل تهديدًا خطيرًا للعالم لا فقط للمنطقة.
الخيارات المطروحة
ويرى متابعون أنّ كافة الخيارات مطروحة بما فيها العمل العسكري ، ولئن يستبعد متابعون هذه الفرضية باعتبار مواقف دول جيران كوريا الشمالية الصين واليابان (عدا كوريا الجنوبية الّتي تؤيد التدخل ضد جارتها الشمالية) ، يرى مراقبون أنّ أي تحرك عسكري راهن سيدخل العالم في متاهة يصعب الخروج منها خاصة في ظل الحرب الروسية الأوكرانية الراهنة.
وتؤكد المعلومات القليلة الموجودة حول ترسانة بيونغ يانغ أن بعض أسلحتها تقليدية نتيجة العزلة التي تقبع فيها منذ سنين إلا أن ذلك لا ينفي حيازتها لصواريخ نووية عابرة للقارات نجحت في تصنيعها . إلا أنّ المثير لقلق دول الإقليم ودول العالم امتلاك كوريا الشمالية لعدد غير معروف من الأسلحة الكيميائية، بالإضافة إلى نجاحها في تصنيع صواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
ووفق تقرير نشره موقـــــــع «ناشيونـال إنتيريســت» للبحـــوث العسكرية قبل سنوات تملك كوريا الشمالية تملك العديد من المقومات التي تجعل من الصعب الاستهانة بقدراتها العسكرية . كما يملك النظام الكوري الشمالي واحدة من أقوى القوات المدفعية على مستوى العالم، بالإضافة أكبر ثالث مخزون من الأسلحة الكيميائية في العالم، وقنابل إشعاعية . بالإضافة الى الصواريخ الباليستية العابرة للقارات وهي أداة خطيرة .
وتملك بيونغ يانغ الجيل الجديد من الصواريخ الباليستية، حيث كشفت عن امتلاك صواريخ: نودونغ 1، تاييودونغ 1، وتاييودونغ 2. وأشارت تقارير سابقة الى أن تلك الصواريخ من الممكن أن تصل إلى ألاسكا وهاواي وهو أبعد مدى لأي صاروخ الى حد الآن.ولدى نظام كوريا الشمالية ما يسمى بالجيش السبراني وهو جيش بيونغ يانغ الإلكتروني ويعتبر أحد أقوى الجيوش السيبرانية في العالم، حيث خاضت بيونغ يانغ هجوما إلكترونيا على الولايات المتحدة مع نهاية عام 2014، وأثبت قدرة فائقة على كشف معلومات عسكرية أمريكية وكورية.
استنفار دولي
وفي سياق ردود الأفعال قال وزير الدفاع الياباني ياسوكازو هامادا إنّ ‹›تصرفات كوريا الشمالية تهدد السلم والاستقرار في اليابان والمنطقة بشكل أوسع فضلا عن المجتمع الدولي بأسره››.
وقد نددت الولايات المتحدة بإطلاق كوريا الشمالية لصاروخ باليستي عابر للقارات، وقال نيد برايس المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في بيان «هذا الإطلاق انتهاك واضح للعديد من قرارات مجلس الأمن بالأمم المتحدة».وأضاف أنه يعكس التهديد الذي يشكله برنامج كوريا الشمالية غير القانوني لأسلحة الدمار الشامل والصواريخ الباليستية.
وقال سلاح الجو الكوري الجنوبي في بيان إنه بعد إطلاق الصواريخ البالستية العابرة للقارات أمس الخميس، اتفق الحلفاء على تمديد التدريبات.وأضاف البيان «وقفة دفاعية مشتركة قوية لكوريا الجنوبية والولايات المتحدة مفادها أن التحالف ضروري في ظل الأزمة الأمنية الحالية التي تتصاعد بسبب استفزازات كوريا الشمالية».
وأصدرت كوريا الجنوبية تحذيرات نادرة من الغارات الجوية وأطلقت صواريخها ردا على ذلك بعد تجارب أمس الأول.
وقالت وزارة الخارجية في سيول إن نائب وزير الخارجية تشو هيون دونج ونائبة وزير الخارجية الأمريكي ويندي شيرمان أدانا بشدة، في اتصال هاتفي اليوم الخميس، إطلاق كوريا الشمالية سلسلة صواريخ ووصفا التجارب بأنها «مؤسفة وغير أخلاقية».
وقال أدريان واتسون، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي في بيان إنّ الرئيس جو بايدن وفريقه للأمن القومي «يقيمون الوضع». وذكر البيان أنّ الولايات المتحدة ستتخذ «كافة الإجراءات الضرورية» للحفاظ على الأمن.وقال أنكيت باندا من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي إنّ اليابان وكوريا الجنوبية لديهما تاريخ من سوء وصف إطلاق الصواريخ الكورية الشمالية.وأضاف «لا يملك أيّ من البلدين أجهزة استشعار فضائية تعمل بالأشعة تحت الحمراء يمكن التعويل عليها، والمتاحة لدى الولايات المتحدة، تسمح بالكشف الفوري عن مراحل أطلاق الصواريخ».