بعد مالي وتشاد... انقلاب عسكري جديد في بوركينا فاسو: اضطرابات سياسية وعسكرية في دول الساحل الإفريقي ومخاوف من الحرب الأهلية

زاد إعلان مجموعة من ضباط الجيش في بوركينا فاسو عن إقالة رئيس المجلس العسكري الحاكم وتعليق العمل بالدستور وإغلاق الحدود البرية والجوية للبلاد

من حدة الاضطرابات التي تشهدها دول الساحل الإفريقي في هذه الآونة بعد أن تعدّدت الانقلابات العسكرية في القارة الإفريقية بدءا من مالي وصولا إلى التشاد وبوركينا فاسو، في وقت تعيش فيه هذه الدول غموضا سياسيا وصعوبات أمنية واقتصادية حادة تجعل من التحركات الأخيرة عاملا داعما بقوة لعدم الاستقرار في المنطقة برمتها.
وقد أعلنت مجموعة من الضباط في «بوركينا فاسو» عن إقالة سانداغو داميبا وإغلاق الحدود البرية والجوية لـ«بوركينا فاسو» حتى إشعار آخر كما أعلن الضباط عن تعيين إبراهيم تراوريه قائدا جديدا للجيش.و أعلن عسكريون في الدولة الواقعة في غرب أفريقيا ) إقالة رئيس المجلس العسكري الحاكم بول هنري سانداوغو داميبا .
وقال العسكريون في بيان تلاه واحد منهم «تمت إقالة اللفتنانت كولونيل داميبا من منصبه كرئيس للحركة الوطنية للإنقاذ والإصلاح» وهي الهيئة الحاكمة للمجلس العسكري. وأوضحوا أن النقيب إبراهيم تراوري صار الرئيس الجديد للمجلس العسكري.
كما أعلنوا عن إغلاق الحدود البرية والجوية اعتبارا من منتصف الليل، كذلك تعليق العمل بالدستور وحل الحكومة والمجلس التشريعي الانتقالي. وتم فرض حظر تجول من الساعة التاسعة مساء وحتى الخامسة فجرا.وبرر العسكريون خطوتهم بـ»التدهور المستمر للوضع الأمني» في البلاد. وجاء في بيانهم «لقد قررنا تحمل مسؤولياتنا، مدفوعين بهدف أسمى واحد، استعادة أمن أراضينا وسلامتها».
يشار إلى أنّ بوركينا فاسو تقودها مجموعة عسكرية وصلت إلى السلطة إثر انقلاب في جانفي الماضي. وكان هذا الانقلاب الذي أطاح الرئيس المنتخب روش مارك كريستيان كابوري، والذي بدأ بتحركات عسكرية في عدد من ثكنات البلاد.
ورافق هذا الانقلاب تنديد دولي ودعوات للعودة سريعا إلى طريق الديمقراطية، مع العلم أنّ السنوات الأخيرة كانت مليئة بالانقلابات في منطقة الساحل والتي تضم خمس دول هي مالي والنيجر وتشاد وموريتانيا وبوركينا فاسو. وقد عانت هذه الدول من الاستعمار الفرنسي وما تزال تعاني من نفوذ فرنسا وتدخلها في سياساتها السياسية بالإضافة إلى تنامي نفوذ الجماعات الإرهابية كالقاعدة وتنظيم ‘’داعش’’ الإرهابيين. وهو ما يجعلها بيئة خصبة للاضطرابات الأمنية والسياسية.
وبعد إعلان فرنسا عن انتهاء عملية «برخان» العسكرية لمكافحة الإرهاب في الساحل الإفريقي داعية إلى ضرورة تأسيس تحالف دولي أوسع لمجابهة آفة الإرهاب في القارة السمراء ، أحدث الإعلان الفرنسي انقساما لدى الرأي العام الدولي بين من اعتبر الخطوة إقرارا بالفشل الفرنسي في إفريقيا فيما اعتبرها آخرون بأنها سعي لإعادة ترتيب الأوراق وتكريس سياسة دولية مشتركة لمحاربة الإرهاب.
وقد تم تشكيل العملية مع خمسة بلدان، وهي المستعمرات الفرنسية السابقة، التي تمتد في منطقة الساحل الأفريقي: بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر. هذه البلدان المشار إليها إجمالا باسم «جي 5 الساحل. سميت العمليّة كذلك كناية عن شكل هلال الكثبان الرملية في الصحراء.ومن بين الخطوات التي سيتمّ اتخاذها تقليص عدد الجنود الفرنسيين في المنطقة. ويرى متابعون أنّ فرنسا حققت نجاحا نسبيا في محاربة التنظيمات المسلحة في منطقة الساحل الإفريقي إلا أنّ الوضع تطوّر لاحقا وباتت السيطرة على نشاطات هذه الجماعات المسلحة تستوجب تدخلا أشمل وأوسع نطاقا .ويأتي قرار إنهاء عملية ‘’برخان’’ بعد أيام من انقلاب عسكري في مالي، وهو الثاني خلال 9 أشهر.
ويخشى مراقبون من تداعيات هذه الاضطرابات العسكرية على الاستقرار في المنطقة، وما يمكن أن ينجر عن ذلك من فوضى وحروب قد تصل إلى الحروب الأهلية .
أهمية القارة السمراء
ورغم ما تعانيه القارة السمراء من أزمات داخلية ومطامع خارجية، وحروب زعامة سياسية واقتصادية متسارعة وواقعا مُتغيرا مرتبطا بملفات إقليمية وأخرى دولية حارقة ، إلاّ أن العالم يُجمع اليوم على أنّ قارة إفريقيا ورغم تأثيرات الحروب الداخلية والتحديات الصعبة التي تواجهها، مازالت غنية بإمكانيات وثروات ضخمة تجعلها محطّ أنظار العالم وفي قلب حرب النفوذ الدائر بين مختلف الدول الرائدة .
تعاني الدول الإفريقية منذ عقود طويلة من تبعات حقبة استعمارية غربية استمرت سنوات طويلة ، ورغم استقلالها استمرت الدول الغربية في اتخاذ قارة إفريقيا كموطئ قدم لها تحت مسميات مختلفة سواء مكافحة الإرهاب أو بسط الأمن أو المشاركة في عمليّات عسكرية مشتركة لحفظ السلام وأيضا تحت مسمى مساعدة الديمقراطيّات الناشئة على مواكبة النكسات السياسية التي تمر بها أغلب دول إفريقيا. إذ تعاني دول إفريقيا من انقلابات وعدم استقرار سياسي وهو ما اتخذته الدول الغربية كذريعة لبسط نفوذها وتكريس وجودها في القارة السمراء الغنية بالثروات .
وفي هذا الوضع الدولي المتغير وبالرجوع إلى تأثيرات جائحة كورونا الكارثية على اقتصاديات دول العالم ودول إفريقيا أيضا ، تجد القارة السمراء نفسها أيضا أمام أزمات أخرى ذات تأثير مدمر على الاقتصاديات الإفريقية وهي تغير المناخ والصراعات التي لم تحل وأزمة الغذاء الحادة، فضلا عن التحديات التي تفرضها الأزمة الروسية الأوكرانية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115