الروسية وشبكة «إنتسوغ» الأوروبية لنقل الغاز. وهذا التّعليق الجديد ليس الوحيد الذي تعلنه الشركة الروسية منذ بدء الحرب بين موسكو وكييف في فيفري المنقضي، حيث تضغط روسيا عبر ورقة الغاز بهدف دفع الغرب لرفع العقوبات الإقتصادية المجحفة المفروضة عليها .
وتتزايد يوما بعد يوم المخاوف في القارة العجوز من الانقطاع اقتراب فصل الشتاء الذي من المتوقع أن يكون قاسيا هذا العام في أغلب الدول الغربية التي تعتمد بنسبة كبيرة على الامدادات الروسية.
ووفق تقارير إعلامية نشرتها ‘’الحرة’’ تعتمد أوروبا تاريخيا على روسيا بحوالي 40 في المائة من غازها الطبيعي، ومعظمه يتم تسليمه عبر خطوط الأنابيب بما في ذلك خط «يامال»، الذي يعبر بيلاروسيا وبولندا إلى ألمانيا و»نورد ستريم 1»، الذي يمتد مباشرة إلى ألمانيا، بالإضافة إلى خطوط الأنابيب عبر أوكرانيا. وتربط شبكة من خطوط الأنابيب المترابطة أسواق الغاز الداخلية في أوروبا.
في نفس التقرير قالت المصادر أن جميع الدول لا تحصل على الغاز مباشرة من روسيا، ولكن إذا حصلت دول مثل ألمانيا، أكبر مشتر للغاز الروسي في أوروبا، على كميات أقل، فيجب عليها سد الفجوة من أماكن أخرى، على سبيل المثال من النرويج التي لها تأثير غير مباشر على الغاز المتاح لدى دول أخرى.
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
ويتابع «أدى خفض الإمداد عبر «نورد ستريم 1» إلى ارتفاع أسعار الغاز الأوروبية والبريطانية، والتي قال المحللون إنها قد ترتفع أكثر إذا لم يعد التدفق المعتاد بعد الصيانة».
وأوضحت مجموعة «غازبروم» العملاقة أنها أوقفت «بالكامل» إمدادات الغاز خطّ نورد ستريم بسبب «بدء أشغال مقررة في محطة لضغط الغاز» تابعة لنورد ستريم، في بيان لها .وأشارت بيانات نشرتها شبكة «إنتسوغ» إلى توقف تدفق الغاز بالكامل منذ الساعات الأولى من صباح أمس في خط الأنابيب الذي يربط مباشرة حقول الغاز في سيبيريا بشمال ألمانيا والتي يتم بعدها تصدير الغاز منها إلى دول أوروبية أخرى.
كما أعلنت شركة الطاقة الفرنسية «إنجي»، أن «غازبروم» الروسية العملاقة أبلغتها بخفض إضافي وفوري لشحناتها من الغاز.وقالت الشركة، في بيان، إن القرار بدأ «بسبب خلاف بين الطرفين على تطبيق العقود»، دون مزيد من التفاصيل عن نسبة الخفض.وأوضحت أن شحنات «غازبروم» إليها انخفضت بشكل كبير منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا.ولفتت «إنجي»، المورد الرئيسي للغاز الروسي الى فرنسا الذي تمتلك الدولة حصة فيه بنحو 24 بالمائة، أنها أمّنت بالفعل الكميات اللازمة لضمان الإمداد لعملائها واحتياجاتها الخاصة.
حالة من الإستنفار
وأمام التعنت الروسي والمخاوف من شتاء دون غاز ، نحو عدة فرضيات أخرى .ووفق مختصين دوليين في الشأن الإقتصادي فإنّ البدائل عن الغاز والنفط الروسيين موجودة لكن سرعة تغيير المزود أو الدولة المزودة ستحمل تأثيرات وخسائر فادحة على الدول الأوروبية ، إذ يؤكد مراقبون أن روسيا ليست أكبر مصدري النفط إلى الاتحاد الأوروبي رغم أن جزءا كبيرا من إمدادات النفط يأتي منها. وتعيش القارة الأوروبية -مع اقتراب فصل الشتاء - حالة من الإستنفار والفزع باعتبار أنّ أغلب استهلاكها الطاقي يعتمد على الغاز الروسي.
ومع استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، بدأت الانعكاسات الخطيرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا في الظهور سواء في ميدان الحرب أو في الدول المعنية بالصراع خاصة منها دول الإتحاد الأوروبي. وقد حذّر خبراء طويلا من التأثيرات الإقتصادية القريبة لهذه الحرب خاصة المتعلقة منها بالعقوبات الغربية التي سلطت على موسكو والتي اعتبرها كثير من المراقبين سلاحا مزدوجا سيحمل آثارا على الطرفين.
ويرى متابعون أنّ الغرب بعد إتباعه لسياسة العزلة الإقتصادية عبر فرض حزمة غير مسبوقة من العقوبات على الجانب الروسي والتي كانت نتائجها مزدوجة على موسكو وعلى الدول الغربية على حدّ سواء، يستنفر جديا هذه المرة من المرحلة المقبلة خاصة وان موسكو بدأت فيما يبدو تتبع سياسة أكثر صرامة تجاه الغرب الذي يعتمد بشكل كبير على غازها.
ويترقب العالم آخر تطوّرات الأزمة الراهنة بين روسيا وأوكرانيا وسط تعدّد السيناريوهات الممكنة في ظل تزايد الدعم الغربي لكييف من جهة وتضييق الخناق على موسكو من جهة أخرى ، إذ تتّسم المرحلة بوجود مساع جادّة وحثيثة من الغرب لإضعاف موسكو وما سيحمله ذلك من أبعاد وانعكاسات مدمرة على الصعيد الدولي وعلى صعيد المنطقة .ويرى مراقبون أنّ ما يحصل اليوم من توتّر على الجبهة الأوكرانيّة الروسيّة تغذيه الحرب الإعلامية والتصريحات الحادة التي تشنّها أمريكا وحلف الناتو باعتبارهما أحد أهمّ مكونات التصعيد الراهن بين روسيا وأوكرانيا.