وقد سبق هذه الحرب الراهنة ارتفاع ملحوظ في سباق التسلح في العالم مع التطورات الساخنة التي تعيشها أكثر من جبهة سواء في الحرب ضدّ الإرهاب أو حروب النفوذ .
وفي تقرير دولي صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام Sipri أنّ أوروبا حقّقت أكبر نمو في تجارة الأسلحة خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهو توجه يتوقّع أن يتسارع مع إعلان عدد من بلدان القارة عن تعزيز التسلّح بمواجهة التهديد الروسي الجديد، وفق ما جاء في التقرير. كما يعيش العالم هذه الآونة على وقع سباق تسلح محموم بين القوى العظمى في العالم، وقد جاء التقرير تزامنا مع تصاعد حدة التنافس على المستوى الدولي مع تزايد جبهات الصراع وتعدد أطرافها . كما يتزامن سباق التسلح في القارة الأوروبية مع التوتر والصدام المعلن تارة وغير المعلن تارة أخرى بين أمريكا وروسيا بدءا بإنسحاب واشنطن من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى رسميا ، وذلك بعد سنوات الجدل والاتهامات التي وجهتها أمريكا لروسيا بانتهاك بنود الاتفاقية الشهيرة التي تمّ توقيعها للحدّ من التسلح النووي منذ الحرب الباردة. وصولا إلى الفجوة الشاسعة التي خلقها التصعيد العسكري الروسي في أوكرانيا وسط عجز الجانبين عن التوافق مما يزيد من تعقيدات المشهد الدولي الراهن .
واعتبر البعض أن نهاية العمل بمعاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى (من 500 الى 5500 كم) في 2019 ، وما يشهده العالم من تصاعد نفوذ الصين والأزمات الإقليمية على غرار ليبيا وسوريا والعراق ولبنان واليمن وأوكرانيا وروسيا بالإضافة إلى سباق التسلح المحموم الذي تعيشه أغلب الدول سيجعل العالم على شفا تداعيات صعبة وخطيرة على صعيد المشهد الاقتصادي والسياسي المنهك بسبب جائحة كورونا. وتخشى أغلب دول القارة الأوروبية من تداعيات تغير بوصلة اهتمامات القوى العظمى نحو القارة الأسيوية والمحيط الهادي وتعدد جبهات الصراع على غرار شرق أوروبا ومنطقة الخليج في الحرب الناعمة التي تشنها واشنطن ضد إيران هناك.
وكشفت الدراسة الصادرة عن معهد ستوكهولم أنه خلال فترة 2017 - 2021، تراجعت تجارة الأسلحة في العالم بنسبة 4,6% عن السنوات الخمس السابقة، لكنها ازدادت بنسبة 19% في القارة الأوروبية.وقال سيمون ويزمان الذي يساهم في وضع التقرير السنوي منذ أكثر من ثلاثة عقود إن «أوروبا هي النقطة الساخنة الجديدة».وأعلنت عدة دول أوروبية من بينها ألمانيا خطط استثمارات عسكرية ضخمة. ويأتي هذا التسريع في عمليات التسلّح بالتزامن مع ما تعيشه الجبهة الشرقية من تصعيد وخشية من توسّع رقعة الحرب ممّا ينذر بتداعيات كارثية على دول العالم دون استثناء. وأشار التقرير إلى أن حصة أوروبا في التجارة العالمية للأسلحة ارتفعت من 10 إلى 13% خلال السنوات الخمس الأخيرة، مع توقع استمرارها في الارتفاع بشكل «كبير’’.
مخاوف من الحرب الروسية الأوكرانية
وفق تقارير رسمية وفي ظل المخاوف من القوة الروسية تسعى بعض الدول الغربية إلى تزويد جيوشها بطائرات حربية في طليعتها طائرات إف-35 الأمريكية الحديثة والباهظة الكلفة، وصواريخ ومدفعية وغيرها من المعدات الثقيلة.
وبحسب معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، تظل منطقة آسيا وأوقيانوسيا المستورد الأول خلال السنوات الخمس الأخيرة مع 43% من شحنات الأسلحة، وتحوي ستة من أكبر عشرة مستوردين، هي الهند وأستراليا والصين وكوريا الجنوبية وباكستان واليابان.وتراجعت تجارة الأسلحة إلى المنطقة الأكبر تعدادا سكانيا في العالم بحوالي 5% خلال السنوات الخمس الأخيرة، رغم تسجيل زيادة كبيرة في شرق آسيا (+20%) وأوقيانويسا (+50%) في ظل تصاعد التوتر بين بكين وعدد من العواصم الآسيوية.وأشار المعهد إلى أن «التوتر بين الصين وعدة دول من آسيا وأوقيانوسيا هو المحرك الرئيسي لواردات (الأسلحة) في المنطقة».
الشرق الأوسط ..افريقيا ..أمريكا والصين
ويشكل الشرق الأوسط ثاني سوق للأسلحة في العالم مع حصة قدرها 32% من الواردات العالمية، يزيادة 3%، مدفوعة بصورة خاصة باستثمارات قطر في المعدات العسكرية بمواجهة التوتر مع دول الخليج المجاورة.ولفت ويزمان إلى أن «أسعار النفط الحالية تعني أنها ستجني عائدات طائلة، ويظهر ذلك عادة في طلبات ضخمة على الأسلحة».
أما القارة الأمريكية وإفريقيا فقد تراجعت حصتاهما من السوق بشدة إلى حوالي 6% لكل منهما. وعلى مستوى البلدان، تحل الهند والسعودية بالتساوي في المرتبة الأولى للواردات في العالم مع 6% لكل منهما، تليهما في المرتبة الثانية مصر (5,7%) ثمّ أستراليا والصين (4,8%).
وبين أكبر خمسة مصدّرين للأسلحة في العالم، سجلت الولايات المتحدة -التي تتصدر -بفارق شاسع هذا التصنيف وفرنسا المصنفة في المرتبة الثالثة زيادة كبيرة في حصتيهما خلال خمس سنوات من 32 إلى 39% ومن حوالي 6% إلى 11% على التوالي.أما الصين، رابع أكبر مصدر في العالم (4,6 %)، وألمانيا، خامس أكبر مصدر (4,5 %)، فاحتفظتا بمرتبتيهما غير أن حصتيهما تراجعتا بصورة طفيفة.واحتفظت روسيا بالمرتبة الثانية، لكن حصتها تراجعت إلى 19 %، لا سيما بسبب تراجع واردات الصين التي حققت استقلالا شبه كامل عن واردات الأسلحة الروسية.غير أن العزلة المفروضة على روسيا جراء هجومها العسكري على أوكرانيا والعقوبات الشديدة المفروضة على اقتصادها قد تنعكس أكثر على قطاع صناعة الأسلحة فيها.
وفق تقرير دولي: المخاوف من حرب عالمية تضع أوروبا في صدارة تجارة الأسلحة في العالـم
- بقلم وفاء العرفاوي
- 10:38 19/03/2022
- 716 عدد المشاهدات
تزايدت وتيرة التسلح في بعض دول القارة الأوروبية مؤخرا تزامنا مع الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا خشية من توسع رقعتها ودخول العالم في حرب عالمية ثالثة .