المحطات النووية في أوكرانيا في مرمى موسكو: القدرات النووية لـ«أوكرانيا الحديثة».. وتأثيراتها على مسار الحرب الروسية

تشهد الأزمة الروسية الأوكرانية تطورات دراماتيكية مُتسارعة ترافقها عقوبات اقتصادية متتالية ودعوات دولية لضبط النفس مع ما يحمله المشهد من مخاوف نووية وتهديدات بدخول العالم

في سيناريو حرب عالمية ثالثة ستكون في هذه المرة أشدّ وطأة وقسوة على البشرية من الحروب السابقة. وقد بدأت التهديدات النووية بـوضع «قوى الردع للجيش الروسي في حالة استنفار للمعركة» حيث أعلنت موسكو عن وضع أسطولها النووي على أهبة الإستعداد أمام أية إمكانية لتدخل عسكري لمواجهة قواتها في أوكرانيا، ليزيد ذلك من المخاوف الدولية من إمكانية اندلاع حرب ضروس وقودها الأسلحة النووية.

ويرى مراقبون أنّ أسباب ما يحصل على جبهة الحرب الروسية الأوكرانية يعود إلى أزمات سياسية وأخرى اقتصادية كانت نتيجة لنزاعات داخلية وخارجية تتعلق بنظام الحكم في كييف والتحالفات الدولية الداعمة للنظام الحاكم هناك. ولعلّ الشرارة التي زادت من فرص اندلاع حرب في المنطقة النزاع الروسي الأوكراني حول شبه جزيرة القرم ومناطق أخرى شرق البلاد ، اذ أفرز قرار موسكو ضمّ ‘’القرم’’ سنة 2014 عداء أمريكيا غربيا واسع النطاق لحكومة بوتين بعد رفض الغرب لهذه الخطوة والتي اعقبتها بحزمة عقوبات اقتصادية حادة ضدّ الكرملين .

ولعلّ السبب الأهم الذي استند إليه بوتين كذريعة للهجوم العسكري ضدّ أوكرانيا قول موسكو: أن هناك ‘’خطرا نوويا داهما يهدّد أمنها واستقرارها’’ رغم نفي الرئيس الروسي غزو اوكرانيا في اكثر من مناسبة وقبل دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا بأسابيع، قدمت روسيا سلسلة من المطالب للحصول على «ضمانات أمنية» من الغرب، يتعلق معظمها بحلف شمال الأطلسي (الناتو) ـ لكن الإجتماعات المتكررة باءت بالفشل بعد رفض الغرب إعطاء بوتين هذه الضمانات.ووفق تقارير إعلامية ألقى الرئيس بوتين باللوم جزئيا على قراره بالهجوم على توسع الناتو شرقا. مطالب بوتين الأساسية الأخرى هي أن لا ينشر الناتو «أسلحة هجومية بالقرب من حدود روسيا»، وأن يزيل القوات والبنية التحتية العسكرية من الدول الأعضاء التي انضمت إلى الحلف منذ عام 1997.وهذا يعني أوروبا الوسطى وأوروبا الشرقية ودول البلطيق. تريد روسيا أن يعود الناتو إلى حدود ما قبل عام 1997.

ووفق مراقبين -إلى جانب خشية روسيا من انضمام أوكرانيا إلى دول الإتحاد الأوروبي- زادت تصريحات أوكرانية حول النووي من هلع موسكو من تداعيات تزايد قدرات ماوصفها بوتين بـ’’أوكرانيا الحديثة’’ في المجال النووي على أمنها واستقرارها . وربط متابعون للشأن الدولي مخاوف موكو بتصريحات صدرت عن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشكل غير مباشر المح فيها إلى «احتمال عودة بلاده لحيازة أسلحة نووية عبر الانسحاب من مذكرة بودابست في حال لم يتم ضمان أمن بلاده».وجاءت تصريحات زيلينسكي خلال مؤتمر ميونخ للأمن الذي انعقد قبل أيام قليلة حيث دعا لمشاورات مع موسكو وقال «إذا لم تحصل (المشاورات) أو لا تضمن نتائجها أمن بلادنا، سيكون لأوكرانيا الحق في اعتبار مذكرة «بودابست» غير سارية».يشار إلى أنّ مذكرة ‘’بوادبست’’ تضمن «استقلال وسيادة وحدود أوكرانيا» لقاء موافقة كييف على إزالة كل الأسلحة النووية من العهد السوفياتي من على أراضيها.
وجاء الردّ على لسان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الذي قال ‘’إن كييف تخطط لحيازة أسلحة نووية’’. وكرّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الاتهام في خطابه الأخير وهو ما جعل الحرب الدائرة أشبه بحرب حيازة الأسلحة النووية.ويمكن لكييف، كما قال بوتين، أن تطور أسلحة نووية وتزيد مدى صواريخها لتصل إلى 500 كلم. وأضاف «ستكون موسكو في منطقة التدمير وذلك بالنسبة الينا إنه تهديد استراتيجي». ورغم أنّ مراقبين قالوا أنّ تصريحات الرئيس الأوكراني لا ترقى إلى مستوى التهديد النووي ،، اعتبر شق ثان أنّ موسكو محقة في مخاوفها التي اتخذت منها ذريعة لخدمة تدخلها العسكري في كييف وفرض سيطرتها على أغلب المدن الأوكرانية .

المواقع النووية في قبضة روسيا
في سياق المخاوف من الحرب وتداعياتها على المواقع النووية في أوكرانيا، أعلنت وكالة تفتيش المواقع النووية الأوكرانية أمس الجمعة أنها لم ترصد أي تسرب إشعاعي من منشأة ‹›زابوريجيا›› النووية في جنوب البلاد والتي تعرضت لضربات روسية خلال الليل.وقالت الهيئة الرسمية إنه «لم يتم تسجيل أي تغييرات في الوضع الإشعاعي».
وكانت السلطات الأوكرانية أعلنت أن حريقاً اندلع في محطة زابوريجيا نتيجة قصف روسي. وقالت وكالة تفتيش المواقع النووية الأوكرانية إن القوات الروسية سيطرت على أراضي المنشأة الواقعة في جنوب البلاد. تبلغ الطاقة الإجمالية لمحطة زابوريجيا نحو ستة آلاف ميغاوات، وهي طاقة تكفي لنحو أربعة ملايين منزل.في الأوضاع العادية وتؤمّن المحطة خُمس احتياجات الكهرباء في أوكرانيا وقرابة نصف الطاقة التي تنتجها المنشآت النووية في البلاد.

وطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بفرض عقوبات «أقوى» على موسكو بعد قصف المنشأة النووية الأوكرانية.واتهم زيلنسكي موسكو باللجوء إلى ما وصفه بـ «الإرهاب النووي» والرغبة في «تكرار» كارثة تشيرنوبيل.وقال في رسالة بالفيديو «ما من دولة غير روسيا أطلقت النار على وحدات للطاقة النووية. هذه هي المرة الأولى في تاريخنا، في تاريخ البشرية، الدولة الإرهابية لجأت الآن إلى الإرهاب النووي».
من جهة أخرى خلفت الخطوة الروسية إدانات غربية متزايدة حيث أدان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي الناتو ينس ستولتنبرغ عمليات القصف الروسية التي أصابت المحطة النووية داعيا إلى وضع حد للحرب.وقال ستولتنبرغ قبل اجتماع طارئ لوزراء خارجية دول الحلف في اليوم التاسع من الغزو الروسي لأوكرانيا إن «الهجوم على محطة نووية يدل على الطابع المتهور لهذه الحرب وضرورة وضع حد لها».
تقع المنشأة في جنوب أوكرانيا على نهر دنيبر، على بعد نحو 525 كيلومترا جنوب تشرنوبيل، حيث وقع أسوأ حادث نووي في التاريخ عام 1986، موقعا مئات القتلى.كما دعا وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، القوات الروسية إلى وقف مهاجمة أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115