بين روسيا وأوكرانيا ..هل هي حرب محدودة أم صفقة سياسية كبرى؟

تتواصل الجهود الدبلوماسية الأوروبية من أجل منع الانزلاق الى أي تصعيد عسكري في الأزمة الأوكرانية، وكان آخرها الاتفاق الذي تمّ التوصل اليه بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون

والروسي فلاديمير بوتين خلال مكالمة هاتفية، وأكدا خلاله على القيام بكل ما يمكن للتوصل بشكل سريع إلى وقف لإطلاق النار في شرق أوكرانيا . بالتزامن مع ذلك توجد مساع لعقد اجتماع لمجموعة الاتصال الثلاثية التي تضم أوكرانيا وروسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. كما حاول الرئيس الفرنسي بذل الجهود الأخيرة الممكنة واللازمة لتجنّب نزاع كبير في أوكرانيا، بعد ان كان قد التقى مع بوتين في الكرملين في السابع من فيفري الحالي.
عقب المحادثة الهاتفية مع ماكرون، أبدى بوتين نيّته بـ»تكثيف» الجهود الدبلوماسية لحلّ النزاع في شرق أوكرانيا حيث تقاتل كييف منذ 2014 الانفصاليين الموالين لروسيا والمدعومين من موسكو.
بين التهدئة والضغوط
وفي الوقت الذي تقود فيه كل من فرنسا والمانيا جهود التهدئة أطلق رئيس الوزراء البريطاني تصريحات هي أقرب للحشد والتصعيد ضد موسكو اذ أعلن أن روسيا تستعد « لما يمكن أن تكون أكبر حرب في أوروبا منذ عام 1945. وقال جونسون في مقابلة بثتها هيئة «بي بي سي»: «كل الدلائل تشير إلى أن المخطط بدأ بطريقة ما». وتابع أنه حسب «المعلومات الاستخباراتية التي لدينا فإن الغزو الروسي لن يتم فقط من الشرق بل أيضا من الشمال، من بيلاروسيا بهدف تطويق كييف». وأكدت نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس للصحافيين التحذيرات البريطانية، إذ قالت إن المعلومات الاستخباراتية الأمريكية بشأن نوايا روسيا تجاه أوكرانيا وغزوها لها المحتمل في غضون أيام قوية، حسب ما نقلته وكالة بلومبرغ للأنباء عنها.
القمة الأمريكية الروسية والأمل الأخير
وفي خضم كل هذا الحشد الدبلوماسي او غيره ، تُعلق الآمال على امكانية تجنب الحرب من خلال اعلان وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن أن بايدن مستعد للقاء بوتين «في أي وقت وبأي صيغة إذا كان ذلك يسمح بتجنب حرب في أوكرانيا.وأضاف بلينكن في تصريحات لبرنامج «حالة الاتحاد» على شبكة «سي أن أن» الأمريكية، أن مخطط «كتاب قواعد اللعبة» الروسي لغزو أوكرانيا يمضي قدماً، رغم أنه لا تزال هناك فرصة للدبلوماسية لتجنب الحرب». وتابع وزير الخارجية الأمريكي قائلاً إن «إدارة بايدن ستستمر في اتخاذ أي خطوات في وسعها لمحاولة إقناع موسكو بعدم غزو أوكرانيا». وأردف: «نعتقد أن الرئيس بوتين اتخذ القرار، ولكن سننتهز كل فرصة وكل دقيقة إلى حين تحرك الدبابات والطائرات الروسية فعلياً لمنع ذلك» ولفت الوزير الأمريكي: «سنرى ما إذا كانت الدبلوماسية لا تزال قادرة على إثناء الرئيس بوتين عن المضي قدما في هذا الأمر».
وقدّرت واشنطن عدد الجنود الروس المشاركين في هذه التدريبات بـ30 ألفًا. وبررت بيلاروسيا قرارها بموجة العنف الجديدة في شرق أوكرانيا التي تصاعدت حدّتها يوم الأحد في سياق نزاع أسفر عن أكثر من 14 ألف قتيل منذ 2014.
ضمانات أوروبية وغربية
تنفي موسكو أي نية لديها لغزو أوكرانيا لكنها تطالب بضمانات من بينها عدم انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي وإنهاء توسع الحلف على حدودها وهي مطالب يرفضها الغربيون الى حد الآن. وتعتبر اوكرانيا خطا احمر بالنسبة لموسكو اذ ان وجود قوات الناتو على أراضيها تعتبره استهدافا مباشرا للأمن القومي الروسي . وعلى صعيد آخر تحتل اوكرانيا اهمية كبيرة لموسكو وللغرب فقد وصفت تاريخيا بأنها «اهرامات قمحِ أوروبا» باعتبار انها تضم حوالي 5.32 مليون هكتار من الأراضي الزراعية المعروفة بخصوبتها . وهي ايضا ذات أهمية كبيرة لروسيا حيث يمرّ عبر أراضيها 80 % من الغاز الروسي الى أوروبا. لكن منذ تدهور العلاقات بين البلدين لجأت موسكو الى نقل الغاز عبر بحر البلطيق خصوصا بعد الشروع في استخدام خط النقل نورث ستريم منذ العام 2012 والرابط بين روسيا وألمانيا، ثم نورث ستريم 2 الذي كان من المنتظر ان ينتهي قريبا.
ويرى عديد المراقبين بان موسكو لا تريد الحرب انما تريد منع انضمام اوكرانيا الى حلف الناتو. ويجري اليوم التفاوض من أجل وقف أي انزلاق لحرب كبرى ستكون عواقبها وخيمة على كل الاطراف . لذلك فان يحصل اليوم تحضير لمرحلة جديدة في اطار معادلات القوى في المنطقة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115