إلى هذه الهدنة للحيلولة دون وقوع صدام بين الجانبين ما دفعها لفرض عقوبات على الجانب الروسي في خطوة قد تزيد من التعقيدات بين الطرفين. كما تثير التطورات الميدانية والتحالفات في المنطقة وأهمها الأنباء عن التقارب العسكري بين روسيا وبيلاروسا بعد اتفاق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره لوكاشينكو على عقيدة عسكرية جديدة لدولة روسيا وبيلاروسا، تشمل مفهوما مشتركا لسياسة الهجرة ، تزيد من مخاوف أخرى في جبهة بيلاروسا التي تشهد بدورها استنفارا كبيرا بسبب أزمة الهجرة
وكان اتخاذ لوكاشينكو لقرار بشأن القرم، من خلال القبول علنا بقانونية دمج شبه الجزيرة في روسيا ، قد أكد هذا التقارب بين الجانبين ما يجعل الاتحاد الأوروبي في حالة استنفار مستمر في مواجهة أي تصعيد عسكري متوقع خصوصا وأن تهديد موسكو بالتدخل عسكريا في أوكرانيا لازال قائما رغم تحذيرات الغرب وأمريكا وهو مايعني العودة إلى منطق الحرب الباردة الكلاسيكي لكن بشروط جديدة.
وفي اعتراف بالتهديد القائم انضمت بريطانيا إلى الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات جديدة على بيلاروسا وهي خطوة اعتبرها البعض محاولة لامتصاص أية نية لتصعيد محتمل . وتعيش المنطقة على وقع استنفار دائم لم تستطع القمة التي جمعت الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي جو بايدن أن تهدئ أو تحد منه. وأضاف أنه طلب ضمانات قانونية من بايدن بعدم السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى الناتو.وكانت الولايات المتحدة قد أكدت أنها تعد «ردود فعل قوية» على مخاوف من غزو روسي لأوكرانيا.
وقالت واشنطن إن الرئيس بايدن أعرب عن قلقه العميق بشأن زيادة القوات الروسية، وهدد «بإجراءات اقتصادية وإجراءات أخرى قوية».وتقول روسيا إنها لن تهاجم أوكرانيا، واتهم الرئيس بوتين كييف بممارسة الاستفزاز.
من جهتها حذرت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس قبيل اجتماع لوزراء خارجية مجموعة الدول السبع الكبرى في ليفربول من أن روسيا ستواجه «تداعيات قاسية» إذا قامت بغزو أوكرانيا.ونقلت وكالة الأنباء البريطانية (بي ايه ميديا) عن تروس قولها إن بريطانيا ستسعى للإضرار بالاقتصاد الروسي إذا توغلت روسيا في أوكرانيا، وذلك مع استعدادها للضغط على الحلفاء خلال المحادثات التي ستجري في نهاية الأسبوع لكي يصبحوا أقل اعتمادا على روسيا للحصول على الغاز الرخيص.وخلال الاجتماع الذي سيعقد في إطار رئاسة بريطانيا لمجموعة السبع، ستحث الوزيرة تروس حلفاءها من أمريكا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان على إظهار جبهة واحدة ضد ما أسمته سلوكا «خبيثا» من روسيا.وجددت تروس تأكيدها أن موسكو سترتكب «خطأ استراتيجيا» إذا أرسلت قوات عبر الحدود مع أوكرانيا، وهو ما ترغب تروس في أن تؤكده مجموعة السبع خلال اليومين المقبلين.
جبهة صدام
ولئن استبعد الرئيس الأمريكي جو بايدن إرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا إذا تعرضت لهجوم روسي، إلاّ أن مراقبين أكدوا أن أي تحرك روسي باتجاه كييف سيقابله رد أمريكي أوروبي . وقال بايدن إنّ هذه الخطوة «غير مطروحة الآن»، مهددا موسكو بعقوبات لم يشهد أحد مثلها من قبل.وأضاف أن الولايات المتحدة قد تعزز وجودها العسكري في دول حلف الناتو القريبة من روسيا، وتوفر المساعدة الدفاعية لأوكرانيا.وقال بوتين، في أول تصريح له بعد المكالمة، إن توسع الناتو شرقا يعد مشكلة بالنسبة لأمن روسيا. وهو مايؤكّد أنّ المنطقة تقف على مشارف تهديدات متبادلة.
وتشهد الجبهة الروسية الأوكرانيّة في هذه الآونة تصعيدا دبلوماسيا وعسكريا خطيرا قد يصل وفق مراقبين إلى تصعيد عسكري خاصة وأن الصدامبين الجانبين يشهد تدخلا خارجيا غير مسبوق سواء من جانب الولايات المتحدة الأمريكية أو من الجانب الأوروبي. وفي سياق التطورات المتسارعة بين روسيا وأوكرانيا زادت التعزيزات العسكرية الروسية على طول الحدود مع أوكرانيا، في قلق «كييف» من جهة وقلق حلفائها الأوروبيين وأمريكا من جهة أخرى. علما أن أحد أسباب الجفاء المتزايد بين موسكو وواشنطن في هذه الفترة هو ملف أوكرانيا والذي لم تستطع القمة التي جمعت مؤخرا بايدن وبوتين في امتصاصها.
ويرى مراقبون أن روسيا تحاول عبر التصعيد بين موسكو وكييف بعث رسالة تهديد روسية مبطنة للجانبين الأوكراني والغربي ولحلف «الناتو» وأمريكا على حدّ سواء خاصة وسط جهود من كييف للإنضمام لحلف الناتو وهو ماتعارضه روسيا بشدة. وذلك في أعقاب فصل جديد من التوتر بين واشنطن وموسكو ومارافقه من تصريحات شديدة ومتباينة حول عدة قضايا . إذ ربط مراقبون أزمة روسيا وأوكرانيا الراهنة وإمكانيّة اندلاع حرب بين الطرفين بالصدام الحاصل بين موسكو والغرب ستصل إلى مرحلة أشدّ تعقيدا.