وعرف رجل الاعمال دونالد ترامب بافكاره العدائية والعنصرية تجاه المهاجرين والعرب والمسلمين . ولعل من اشد آرائه الصادمة نجد مثلا دعواته الى منع الناس من دخول أمريكا على أسس دينية ، وايضا بناء سور مع المكسيك وطرد 11 مليون مهاجر. ويبدو ان هذه الافكار لاقت رواجا لدى الامريكيين وخاصة ناخبي الحزب الجمهوري وهذا ما يفسر صعود ترامب غير المسبوق والمفاجئ على مدى الاسابيع الماضية، ليقلب المعادلة ويقدم نفسه المرشح الوحيد للسباق الرئاسي عن الحزب الجمهوري، مواجها بذلك هيلاري كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطي المحتملة.
وبغض النظر عن اسباب صعود ترامب فان السؤال الذي يطرح نفسه هو : ما مدى تأثير انتخابه على منطقتنا وخاصة على القضايا العالقة مثل الملف السوري وغيره؟ وهل يجب ان نبدأ فعلا بالتهيؤ لانتخابه ؟
لئن اظهرت كلينتون في حملتها الانتخابية ميلا الى المحافظة على سياسة الرئيس الحالي باراك اوباما في ما يتعلق بعدم التدخل المباشر في صراعات الشرق الاوسط وتفضيل الاعتماد على حلفاء الولايات المتحدة، فان سياسة منافسها اللدود ترامب تتمحور حول اولوية استخدام القوة العسكرية . وقد سبق ان اعلن ترامب انه سيسارع في حال انتخابه الى تعزيز التواجد الامريكي العسكري في الشرق الاوسط مؤكدا انه سيلغي الاتفاق النووي الايراني الذي اعتبره «عارا» على حد قوله.
اما في ما يتعلق باسرائيل فان ترامب لم يأت بجديد في هذه المسألة باعتبار ان رؤساء الولايات المتحدة يتنافسون عادة لإظهار تأييدهم المطلق لدولة الاحتلال والتزامهم بأمنها في كل المناسبات .
وحقيقة الحال فان انتخاب رئيس للولايات المتحدة هو حدث يمسّ بشكل او بآخر منطقتنا باعتبار ان أي قرار يصدر عن الادارة الامريكية يؤثر بشكل مباشر على اوضاع العالم العربي . فقد تركنا منذ زمن قيادة امورنا وبات الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة هو من يتحكم بحاضرنا ومستقبلنا مثلما تحكم في السابق بماضينا القريب ، بعد ان بتنا خارج دائرة الفعل والتأثير الا في ما يتعلق بتصدير الارهابيين حول العالم. لذلك فان انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة هو في حقيقته انتخاب لرئيس سيقود دفة العالم العربي والمنطقة خلال السنوات القادمة.