في أفغانستان الشكل الذي يمكن أن تبدو عليه سيطرتهم على البلاد، ووعدوا بالسلام في الداخل وحثوا العالم على نسيان تاريخهم الذي طالما اتسم بالعنف والقمع، مع ذلك، لا زال المجتمع الدولي يتشكك ويترقب مدى صدقهم في ذلك.
وقال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم حركة طالبان، في مؤتمر صحفي عقده في العاصمة «كابول»: لا نريد أفغانستان أن تصبح ساحة معركة بعد الآن- فمن اليوم فصاعدًا، انتهت الحرب»، مضيفا أن طالبان أعلنت عفواً شاملاً، وتعهدت بعدم الانتقام من الأعداء السابقين، مناشدا موظفي الخدمة المدنية- بمن فيهم النساء- بالرجوع إلى أعمالهم.
وقالت الصحيفة -في سياق تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني- إن كلمات مجاهد، التي جاءت بعد أيام من عدم اليقين في جميع أنحاء العالم بشأن السقوط السريع لأفغانستان في أيدي حركة اشتهرت بوحشيتها، عكست رغبة طالبان في تصوير نفسها على أنها مستعدة للانضمام إلى التيار الدولي السائد، مضيفة أن الكثير من دول العالم تشعر بالقلق من تطميناتهم، لاسيما وأن طالبان فرضت، بعد الاستيلاء على أفغانستان في عام 1996، رؤيتها المتشددة حول تطبيق الشريعة الاسلامية واتباع نظام عقوبات عنيف مثل الجلد وبتر الأطراف والإعدامات الجماعية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في يوم أمس، أكد مسؤول في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أن أي أصول للبنك المركزي الأفغاني في الولايات المتحدة لن تكون متاحة لطالبان، متابعة أن العديد من الأفغان، أيضًا، ما زالوا غير مقتنعين تمامًا بالوجه الجديد الذي قدمته طالبان، ووعودها بالتعددية السياسية وحماية حقوق المرأة والأقليات.
ترامب يهاجم بايدن
من جهته شن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، هجوما لاذعا على الرئيس الحالي، جو بايدن، على خلفية ما وصفها بـ»الكارثة التي بدأت تتكشف» في العاصمة الأفغانية كابل.
وفي مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز»، بثت ليل الأربعاء الخميس، قال ترامب إن بايدن أذل الولايات المتحدة بصورة فاقت أي رئيس آخر في التاريخ.واعتبر أن بايدن بقرار الانسحاب المتسرع من أفغانستان تجاوز ما فعله الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر عام 1979، إبان أزمة الرهان في سفارة واشنطن في إيران.وكان ترامب أصدر بيانا ، دعا بايدن إلى الاستقالة بعيد سيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابل، متهما بايدن بسوء الإدارة في ملفات أخرى مثل جائحة كورونا.وبعد أن غادر البيت الأبيض في يناير الماضي، ابتعد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، عن الأضواء، إذ إنه لم يظهر إلا في مقابلات معدودة وأصدر عدة بيانات صحفية.
لكن المقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» بدت الأكثر أهمية في ظل تسارع الأحداث في أفغانستان.وقال الرئيس السابق: «إنه وقت فظيع بالنسبة لبلدنا. لا أعتقد أنه في كل السنوات كانت بلدنا مهانة إلى هذا الحد. لا أعرف ماذا تسميها، هزيمة عسكرية أم هزيمة نفسية».
استمرار التوتر في المطار
وعلق على أحداث المأساوية في مطار كابل، وذكر: «شاهدت طائرة الشحن العملاقة، التي حاول البعض التشبث بجانبها في محاولة للخروج من أفغانستان بسبب خوفهم الرهيب (كما رأيت) أولئك الذين سقطوا من الطائرة عن ارتفاع 600 متر».
وأضاف «لم ير أحد من قبل مثل هذا الشيء من قبل»، مشيرا إلى أن ما حدث في كابل تجاوز مع حدث في رحلات الإجلاء الشهيرة في سايغون بفيتنام عام 1975.وقال ترامب إنه حذر رئيس المكتب السياسي لحركة طالبان، الملا عبد الغني بردار ، خلال المكالمة الشهيرة التي جمعت الرجلين العام الماضي من أن الولايات المتحدة سترد بعشرة أضعاف إذا تعرض أميركي للأذى أو تعدى المسلحون على مناطق بعينها.
واعتبر الرئيس الأمريكي السابق أن ما حدث في أفغانستان، حيث استولت طالبان على السلطة في أيام، نتيجة صفقة مع السلطات المحلية، في وقت تقطعت السبل بالأمريكيين والغربيين.وكشف ترامب عن أن لم يكن يثق على الإطلاق بالرئيس الأفغاني الهارب، أشرف غني وحكومته، معتبر أنها كانت فاسدة وتسعى وراء المال فقط.
موقف بريطانيا
في الأثناء قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أمس الأربعاء إنّ بلاده ستفعل كل ما بوسعها لتجنب حدوث أزمة إنسانية في أفغانستان، مضيفا أن طالبان تسيطر على الوضع في البلاد بأسرع من المتوقع.
وفي كلمة أمام البرلمان دعا جونسون إلى مناقشة الوضع في أفغانستان، لكنه استبعد إجراء تحقيق بشأن الفترة التي قضتها بريطانيا هناك قائلا إن معظم الأسئلة تم الرد عليها بالفعل.وتابع «سنفعل... كل ما في استطاعتنا لدعم من ساعدوا بعثة المملكة المتحدة في أفغانستان، وسنعمل بكل طاقتنا لدعم المنطقة الأوسع حول أفغانستان، وسنفعل كل ما يمكن لتجنب حدوث أزمة إنسانية».
وقال إن الاعتقاد بأن أي بلد في حلف شمالي الأطلسي يريد استئناف العمل العسكري في أفغانستان بعد سيطرة طالبان ما هو إلا «وهم».وأضاف «هذه الفكرة انتهت مع المهمة القتالية في 2014، ولا أعتقد... أن نشر عشرات الآلاف من الجنود البريطانيين لقتال طالبان هو خيار مطروح».