قطاعية مدة كل هذا الأسبوع شلت عديد القطاعات. وقررت قوات الشرطة والأمن تنظيم مظاهرة وطنية في كل التراب الفرنسي ضد «الكراهيّة» التي يتعرض لها أعوان الأمن. وحصلت مواجهات في باريس مع قوات حفظ الأمن أسفرت عن حرق سيارة شرطة من قبل مجموعات «المخربين».
تحول المشهد السياسي والاجتماعي الفرنسي ، في أقل من شهرين ، إلى «انتفاضة» شعبية شاركت فيها فئات مختلفة من الشباب المعطل والطلبة والنقابيين والناشطين في أحزاب يسارية والغاضبين، على مختلف مشاربهم، من سياسات حكومة مانويل فالس. وتعددت المظاهرات والإعتصامات في الشوارع خاصة في ساحة الجمهورية بباريس عن طريق مجموعات «الواقفون بالليل». ولم تتوقف الاحتجاجات بالرغم من تمرير قانون الشغل وتطمينات الحكومة. لكن قرار التصعيد من قبل النقابات لم يلق ردا، إلى حد الآن، من الحكومة التي ترفض رفضا قاطعا التخلي عن القانون. وهو ما يشير إلى تصاعد الأزمة بين الحكومة والمجتمع المدني.
80 % من الرأي العام يساند قوات الأمن
منذ أحداث شارلي هبدو والهجمات الإرهابية في 13 نوفمبر 2015 تحول الرأي العام الفرنسي إلى مساند واضح لقوات الأمن التي أبلت البلاء الحسن في التصدي للإرهابيين وإلقاء القبض على بعضهم. و تعاظمت المساندة مع مرور الأيام و حدوث الهجمات على بروكسل. وأشار آخر سبر للآراء أن 82 % من الرأي العام يساند قوات الشرطة و الأمن في حين يشهد المناخ الإجتماعي تفاقم الهجمات العنيفة ضد أعوان الأمن من قبل مجموعات «المخربين».
آخر الهجمات جدت يوم الأربعاء 18 ماي عندما هاجمت مجموعة من المخربين، بصورة غير مسبوقة في تاريخ المظاهرات السلمية، سيارة شرطة كان على متنها عونان. و قام بعض الملثمين بتهشيم نوافذها ورمي زجاجة حارقة داخلها مما اضطر بعض المواطنين المتواجدين في الشارع للتدخل لحماية الشرطيين وإخراجهما من السيارة قبل أن تلتهمها النيران. و صرح والي باريس أن هذا الهجوم يشكل محاولة قتل متعمد وأن القضاء سوف يأخذ مجراه.
خلال شهرين سجلت وزارة الداخلية جرح 343 شرطيا و حرسا في مظاهرات رفعت فيها شعارات ضد الشرطة مثل «الجميع يكره الشرطة» و «شرطي و رصاصة». وهي دلالة على استهداف أعوان الأمن من قبل هذه المجموعات العنيفة. في نفس الوقت أعلنت وزارة الداخلية عن إيقافها 1300 شخص تورطوا في أعمال عنف منهم 51 تمت إحالتهم على العدالة. و تم وضع 53 آخرين تحت الإقامة الجبرية.
قانون حالة الطوارئ في الميزان
تجري الإحتجاجات في كل مدن فرنسا بالرغم من فرض حالة الطوارئ و تمديدها من قبل البرلمان بعد الهجمات الإرهابية. لكن السلطات الفرنسية لا ترغب في استخدام هذا القانون ضد المتظاهرين حتى لا تتهمها النقابات باستغلال هذا القانون لضرب الحريات النقابية و
الحريات العامة. لكن الآليات العادية التي تلجأ إليها الشرطة في الحالات العادية لا يمكن استخدامها من قبل وزارة الداخلية مما يحد من إمكانية تحرك الشرطة للتصدي للعنف.
في عديد المناسبات لم تصدر أوامر للتصدي للمخربين خشية أن تتهم الحكومة بالاستبداد في نفس الوقت تقوم المجموعات بتجهيز أنفسها و تحضير الزجاجات الحارقة و الاعتداء على أعوان الشرطة. وتضطر قوات الأمن برمي القنابل المسيلة للدموع التي تطال، في غالب
الأحيان، المتظاهرين السلميين. ولوحظ في باريس و مدينة نانت هجوم من قبل المخربين على فرق الحماية التابعة للنقابات التي تعمل على ضمان سلمية المظاهرات.
ونددت نقابات الشرطة و الأمن بالكراهية التي تسلط على أعوان الأمن من قبل أقلية عنيفة خارجة عن القانون و التي أصبحت تمارس من قبل الكنفدرالية العامة للشغل وبعض أحزاب أقصى اليسار التي اختارت المواجهة مع نظام فرنسوا هولاند. في هذه الظروف لم تبلور الحكومة إلى حد الآن اية مخرج للأزمة المتفاقمة. وكل الدلائل تشير إلى استمرار المظاهرات، وما يتبعها من أعمال شغب و عنف، بالرغم من الانتقادات الموجهة من أحزاب اليمين إلى الحكومة التي تتهمها بالتقصير وبالتسامح مع المخربين.